16-11-2025 03:43 PM
بقلم : م. محمد العمران الحواتمة
قبل وقت ليس ببعيد ، وجدت نفسي مضطراً للتواصل بشأن قضية هامة في إحدى الوزارات . حاولت — والله يشهد — بكل الطرق الممكنة ، هاتف أرضي ، هواتف شخصية ، اتصالات متكررة ، ولكن لا حياة لمن تنادي . الرد غائب ، والموظفون مشغولون ، وكأن الهاتف أصبح قطعة ديكور لا أكثر ، وكأن صوتي كمواطن مجرد صدى ضائع في الممرات الباردة .
واليوم تحديداً احتجت إلى التواصل بخصوص أمر مختلف ، فارتسم المشهد نفسه ، أرقام لا ترد ، أصوات مخفية خلف المكاتب ، وأبواب مغلقة . عندها وللأمانة ، حصلت على رقم معالي الوزير خالد البكار وزير العمل ، رفعت سماعة الهاتف، ورن الخط ، وما إن أجاب ، حتى شعرت بالفرق . لم يكن مجرد رد على اتصال ، بل استجابة تحمل احتراماً للإنسان قبل المنصب . استمع لي حتى النهاية ، ناقش ، سأل ، وعطى اهتماماً لتفاصيل قد يغفل عنها الكثيرون .
كانت تلك اللحظة كاشفة أن هناك من لا يعرف معنى المسؤولية ، وهناك من يجعل الهاتف جسراً بينه وبين المواطن . شكراً لمعالي خالد البكار ، وشكراً لدولة جعفر حسان على اختياره رجالاً يعرفون أن المنصب تكليف لا شرفاً للجلوس .
واعود هنا لتجربة قبل شهر تقريباً وفي مكان آخر مع وزارة الزراعة ، كررت المحاولات ، ولكن الردود كانت شبه معدومة . كل الخطوط صامتة ، والهواتف تغلق أبوابها في وجه من يحتاجها ، إلا قليل ممن يملكون ضميراً حياً شكراً لكم تعرفون أنفسكم وبعدها حصلت على رقم معالي وزير الزراعة الدكتور صائب خريسات ، فاتصلت به مباشرة .
رد بنفسه واستمع إلي لأكثر من عشر دقائق متواصلة، وكأن الزمن توقف حين تحدثنا عن موضوع زراعي بحت. لم يكن مجرد حديث بل درس في الوفاء للواجب ، درس في القيادة التي تسطر بالتصرف قبل اللقب . كل لحظة من هذا الاتصال كانت تؤكد أن الفرق بين المسؤول الغائب والموجود يكمن في شيء واحد الاستجابة للناس وقت الحاجة .
هنا أدركت الحقيقة ليس كل من جلس على الكرسي أصبح مسؤولاً . هناك من يجلس ليستمع وهناك من يجلس لينسى من أجلسه . الفرق بينهما كالفجر والليل ، كالهاتف الذي يرن والهاتف الذي صمت .
شكراً من القلب لمعالي خالد البكار وشكراً لمعالي صائب خريسات وشكراً لدولة جعفر حسان على اختياره رجالاً يعرفون أن المسؤولية قبل المنصب وأن الرجولة تُقاس بالاستجابة لا بالجلوس .
وأعلم — وأقولها صادقاً — أن بعض من لم يجيبوا سيضيق صدرهم بما أكتب وربما يلمزون أو يعترضون ولكنّي سأكتب حتى يمل قلمي مني ، لأن الوطن لا يُبنى بالصمت ، ولا تُقاس الرجولة في المكاتب ، بل في الرد على الهاتف وقت الحاجة .
سلام على كل مسؤول يفتح بابه قبل هاتفه وعتب على من أغلق الهاتف وترك الناس تنتظر . وشكر من القلب لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، على رؤيته الحكيمة في اختيار رجال يخدمون الوطن بإخلاص ومسؤولية . حفظ الله الأردن وقيادته ، وحمى هذا الوطن من كل سوء .
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-11-2025 03:43 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||