15-11-2025 08:36 AM
بقلم : الصيدلي عدوان قشمر نوفل
شهدت الصحافة الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة موجة كثيفة من التقارير الأمنية والعسكرية، ركزت بصورة لافتة على ملف رفح في الجنوب والحدود اللبنانية في الشمال، مع تسريبات تشير إلى تغيّر كبير في آليات التفكير داخل المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل.
هذا التقرير يعرض أبرز ما ورد في الصحف الإسرائيلية، ويحلله، ليستخلص قراءة مستقبلية لمسار المنطقة.
المصادر الإسرائيلية المعتمدة (8–12 نوفمبر 2025):
إسرائيل اليوم، يديعوت أحرونوت، واللا، ماكور ريشون، N12، معاريف.
أولاً: ماذا تقول الصحافة الإسرائيلية؟
1. ملف رفح – المسلحون المحاصرون ومعركة الحسم الصعبة.
(المصدر: إسرائيل اليوم، واللا)
تركز الصحافة الإسرائيلية على معركة رفح باعتبارها “معركة الحسم”، وتقول إن إسرائيل قادرة على تحويلها إلى “نصر مؤكد” إذا منعت خروج مقاتلي حماس ككتلة واحدة.
تقديرات الجيش تشير إلى أنّ عدد المقاتلين المحاصرين يتراوح بين 100 إلى 200 عنصر.
لكنّ الخلاف مع واشنطن واضح؛ إذ تدعو الولايات المتحدة إلى إخراجهم عبر ممر آمن نحو مدينة غزة أو إلى دول عربية، بينما تطالب إسرائيل بالاستسلام الكامل وتسليم السلاح قبل النظر في أي عفو.
وتؤكد صحيفة واللا أن المؤسسة الأمنية تعتبر السماح بخروجهم “نصرا مجانيا لحماس وكارثة على هيبة الردع الإسرائيلية”.
2. الجبهة الشمالية – الجيش يفقد صبره وحزب الله يستعيد قوته
(المصادر: معاريف، يديعوت أحرونوت، N12)
تجمع الصحف على أن الوضع في الشمال أخطر مما تعلنه الحكومة الإسرائيلية.
فـ“حزب الله لم يهزم رغم الضربات”، وإيران نجحت في إعادة تسليحه وتنظيمه.
الجيش الإسرائيلي يرى أنّ احتمال الهجوم المفاجئ قائم، وأن حزب الله “يتصرف بثقة”، في حين تؤكد يديعوت أحرونوت أن إسرائيل “تستعد لعملية هجومية واسعة”.
3. لبنان – انهيار الدولة يهيئ أرضية الحرب
(المصدر: ماكور ريشون)
ترى الصحافة الإسرائيلية أن الدولة اللبنانية عاجزة عن ضبط حزب الله، وأن الانهيار الاقتصادي جعل الجيش اللبناني بلا قدرة فعلية.
إسرائيل تطالب باأمرين:
1. القضاء على حزب الله أو نزع سلاحه وتسليمه للجيش اللبناني.
2. التحاق لبنان باتفاقيات إبراهام.
وإذا لم يتحقق ذلك بالطرق السلمية، فستتجه إسرائيل – كما تلمح التقارير – إلى الخيار العسكري، رغم معارضة واشنطن.
تؤكد ماكور ريشون أن الوضع في لبنان هو “الأسوأ منذ مئة عام”، وأن أي حرب قادمة ستكون “مأساة اقتصادية وإنسانية كبرى”.
4. الخلاف الإسرائيلي – الأمريكي عن
(المصادر: واللا، إسرائيل اليوم)
تشير التقارير إلى توتر متصاعد بين واشنطن وتل أبيب.
البيت الأبيض يرى أن نتنياهو يسعى لإفشال أي تسوية سياسية، فيما تعارض الولايات المتحدة فتح جبهة شمالية جديدة.
ونقلت واللا عن مسؤول أمريكي قوله:
> “إسرائيل تريد حربا في الشمال لتغيير قواعد اللعبة.”
رغم ذلك، ترجح معظم المصادر أن احتمال اندلاع حرب شاملة ما زال منخفضا، بسبب رفض دولي واسع، وانشغال القوى الكبرى بالحرب الروسية – الأوكرانية.
5. الجبهة الداخلية الإسرائيلية – انهيار الثقة
(المصادر: N12، معاريف)
ترصد الصحف حالة من الإحباط داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث تراجعت الروح المعنوية في صفوف الجيش، وازدادت الانتقادات للقيادة السياسية.
الجمهور يشعر أن الحكومة “لا تملك خطة حقيقية”، بينما يخشى المحللون من استمرار الاستنزاف على جبهتي غزة ولبنان.
ثانيا التحليل – ما الذي تخفيه الصحافة الإسرائيلية؟
1. تمهيد إعلامي لعملية في الشمال
تكرار العبارات من قبيل:
> “حزب الله قوي” – “الجيش فقد صبره” – “العمق مهدد”
يستخدم عادة كمقدّمة نفسية وإعلامية لتبرير عملية عسكرية واسعة.
2. الصدام مع واشنطن يدفع نحو التصعيد:
إسرائيل ترى أن واشنطن تريد إنهاء حرب غزة سياسيا، وتمنعها من التحرك شمالا.
ولأن القيادة الإسرائيلية تعتبر “ضبط حزب الله” قضية وجودية، فإنها قد تلجأ للتصعيد رغم الاعتراض الأمريكي.
3. حزب الله يوازن بين الردع وتجنب الحرب
الحزب لا يريد حربا شاملة، لكنه أيضًا لن يتنازل عن معادلة الردع.
لذا يواصل عملياته المحدودة والمدروسة، ما يجعل الموقف هشا وقابلا للانفجار في أي لحظة.
4. رفح… مفتاح التصعيد القادم:
تحاول إسرائيل إنهاء ملف رفح وتصويره كـ“نصر استراتيجي”،
ليُستخدم لاحقا كمبرر سياسي وعسكري للانتقال إلى الجبهة الشمالية.
5. لبنان الحلقة الأضعف:
الوضع الاقتصادي والسياسي المنهار يجعل من لبنان ساحة مناسبة لعملية عسكرية إسرائيلية، بأقل تكلفة سياسية داخلية أو دولية.
ثالثا: إلى أين تتجه الأمور؟ – الاستنتاج النهائي.
تشير كل المعطيات إلى أنّ إسرائيل قد تتجه نحو عمل عسكري كبير في الشمال خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، للأسباب التالية:
1. فقدان الردع أمام حزب الله.
2. حاجة حكومة نتنياهو إلى “نصر” يعيد الثقة الداخلية.
3. قناعة الجيش بأن الاستنزاف أخطر من الحرب نفسها.
4. رغبة في إنهاء ملف رفح قبل فتح الجبهة الشمالية.
ومع أن احتمال الحرب الشاملة ما زال غير مرتفع، إلا أن طبيعة الصراع تجعل الانفجار ممكنا في أي لحظة، عبر:
ضربة جوية مركزة
اغتيال قيادات.
قصف موسع لمناطق الجنوب اللبناني.
أو فتح محاور برية محدودة
وستسوق إسرائيل العملية على أنها “حرب استعادة الردع”.
رغم اختلاف المنابر الإسرائيلية، إلا أنها ترسم صورة موحدة تقريبا:
المنطقة على أعتاب تصعيد كبير، وحرب الشمال لم تعد احتمالا بعيدًا بل خيارا مطروحا بجدية.
إن صحت هذه التقديرات، فنحن أمام تغيير استراتيجي كبير قد يعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط لسنوات طويلة قادمة.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-11-2025 08:36 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||