حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,5 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3754

الرصاعي يكتب: "بين العقلية القديمة والعقلية الحديثة… هل آن أوان الثورة في التفكير الإداري؟"

الرصاعي يكتب: "بين العقلية القديمة والعقلية الحديثة… هل آن أوان الثورة في التفكير الإداري؟"

  الرصاعي يكتب: "بين العقلية القديمة والعقلية الحديثة… هل آن أوان الثورة في التفكير الإداري؟"

05-11-2025 01:40 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.محمود سلامة الرصاعي
يعيش الأردن اليوم حالة من التداخل والصراع الهادئ بين العقلية القديمة التقليدية والعقلية الحديثة المتطلعة إلى التغيير. هذا الصراع لا يدور فقط في أروقة المؤسسات، بل يمتد إلى مفاصل المجتمع كافة، من الإدارة إلى التعليم، ومن الاقتصاد إلى الحياة العامة. وهو ليس صراع أشخاص بقدر ما هو صراع أفكار ورؤى حول كيفية بناء المستقبل.

العقلية التقليدية، التي أسست مؤسسات الدولة وأدارتها لعقود، كانت يوماً ما ضرورة لبناء الاستقرار وترسيخ البنية الإدارية للدولة الحديثة. لكنها مع مرور الزمن، تحولت لدى بعض ممثليها إلى نمط من الجمود والبيروقراطية، يهاب التجديد ويخشى المخاطرة، ويقيس النجاح بالمحافظة على الوضع القائم لا بتغييره. أما العقلية الحديثة، التي يمثلها جيل الشباب المتعلم والمنفتح على العالم، فهي تسعى نحو الإبداع والكفاءة واستخدام التكنولوجيا، وترى أن التغيير ليس تهديداً بل شرطاً للتقدم.

لكن السؤال الجوهري هنا:
هل نحن بحاجة إلى مشروع ثوري للحداثة في الأردن؟
ربما لا يكون المطلوب "ثورة" بمعناها الصدامي، بقدر ما هو مشروع وطني شامل لتحديث العقلية الإدارية والفكرية، يقوم على نقل الخبرة من الجيل القديم إلى الجيل الجديد بطريقة تكاملية لا تنافسية. فالمجتمع الأردني في معظمه مجتمع شاب، يحمل في داخله طاقات ضخمة وقدرات هائلة، لكنها غالباً ما تُحاصر داخل هياكل إدارية تقليدية لا تمنحها مساحة للابتكار أو القرار.

العقلية القديمة ليست كلها سلبية، والعقلية الحديثة ليست كلها مثالية. فالأولى تمتاز بالحكمة والخبرة والانضباط المؤسسي، بينما الثانية تحمل روح المبادرة والتكنولوجيا والتفكير النقدي. إلا أن الخلل يظهر حين يتحول الاختلاف إلى صراع بدل أن يكون تكاملاً، وحين يُقصى الجديد لمجرد أنه مختلف، أو يُهاجم القديم لمجرد أنه متحفظ. في هذه الحالة، يكون الخاسر الأكبر هو الوطن، وتكون الخسارة في تعطيل التنمية، وتجميد الكفاءات، وهجرة العقول، وفقدان الثقة بالقدرة على التغيير.

لقد أكد سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني في أكثر من مناسبة على ضرورة تحديث العقلية الإدارية في الدولة، وبيّن أن التحدي الحقيقي ليس في الأشخاص بل في طريقة التفكير. ودعا إلى التعاون بين العقليتين، لا إلى الندية بينهما، لأن النهضة لا تتحقق بإقصاء طرف، بل بتكامل الحكمة والخبرة مع الإبداع والطاقة الجديدة.

إن تحديث العقلية الإدارية لم يعد خياراً ترفياً، بل ضرورة وجودية في زمن يتسارع فيه التغيير. فالإدارة الحديثة هي إدارة النتائج لا المظاهر، والإنجاز لا الانتظار. وإذا لم نواكب هذا التحول، سنجد أنفسنا على هامش المستقبل، نتجادل حول من كان على صواب بينما الآخرون يصنعون التقدم.

ويبقى السؤال المفتوح أمامنا جميعاً:
إلى متى سنبقى نراوح بين الماضي والمستقبل دون أن نحسم وجهتنا؟
الجواب يبدأ من الاعتراف بأن التغيير ليس تهديداً، بل طريق النجاة، وأن الأردن، بما يملكه من شباب متعلم وقيادة واعية، قادر على أن يكون نموذجاً عربياً في التوازن بين الأصالة والتجديد.











طباعة
  • المشاهدات: 3754
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-11-2025 01:40 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل تنتقل المعارك والمواجهات إلى الضفة الغربية بعد توقف الحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم