04-11-2025 01:10 AM
														سرايا - تعيش منطقة القطرانة شرقي محافظة الكرك، منذ فترة طويلة تحدي التوازن بين حاجتها إلى الاستثمار وإنشاء المشاريع الاقتصادية التنموية لتوفير فرص العمل للمتعطلين من أبناء المنطقة، وبين ضرورة وجود بيئة آمنة صحية للمواطنين بعيدة عن التلوث البيئي الذي تسببه تلك المشاريع.
وتعد منطقة القطرانة وبلداتها المختلفة، إحدى أربع مناطق لجيوب الفقر بمختلف أنواعه في محافظة الكرك، وخلال السنوات الماضية شهدت تلك البلدات احتجاجات من السكان، للمطالبة بتوفير فرص العمل في العديد من المواقع والمصانع، معتبرين أن تلك المصانع لا توفر فرصا للعمل لأعداد كبيرة من سكان المنطقة وهو ما يتعارض مع الهدف من إنشاء تلك المشاريع في المنطقة.
وتعاني منطقة القطرانة من تلوث بيئي بسبب وجود العديد من المصانع والمعامل ومكبات نفايات التي تحيط بالبلدة والمنطقة من كل الجهات، مما يؤثر على صحة السكان بسبب الروائح الكريهة أو الأبخرة المتصاعدة أو الغبار المتطاير من تلك المواقع طوال الوقت، مسببة تلوثا للهواء والمياه والتربة.
وتقع في المنطقة مصانع للأسمنت والأسمدة والفوسفات، ومصانع ومزارع الدواجن، ومعامل الرخام والحجر الجيري والسراميك والكهرباء ومعامل خلط الأسفلت ومحاجر، ناهيك عن مكبات النفايات الصلبة والسائلة، وأهمها وأخطرها مكب النفايات الخطرة والكيماوية.
وخلال السنوات الماضية، شهدت المنطقة العديد من فترات انتشار مخلفات الحرائق والأبخرة المتصاعدة منها في هواء المنطقة وتربتها من بعض مواقع تلك المشاريع.
وبحسب الناشط البيئي والاجتماعي مهند أبو طربوش، فإن منطقة القطرانة تعاني منذ فترة طويلة من مخاطر التلوث بمختلف أشكاله وأنواعه بسبب وجود مختلف أنواع الملوثات الصناعية، خصوصا مكبات النفايات ومعامل خلط الأسفلت والمحاجر ومصانع مختلفة مثل الأسمنت والدواجن ومزارع الدجاج ومصانع السيراميك، لافتا إلى أن تلك المصانع تلوث الهواء والتربة ومصادر المياه وهي التي تعيش عليها سكان المنطقة والتي تعتمد بشكل رئيسي على تربية الماشية وزراعة الأعلاف وغيرها من المهن.
وأشار إلى أن سكان المنطقة قدموا العديد من الشكاوى والمطالب لدى الجهات الرسمية، لكن دون جدوى، حيث طالبوا بإلزام المصانع وغيرها من النشاطات الصناعية بتوفير شروط الصحة والسلامة العامة والحفاظ على البيئة حرصا على سلامة المواطنين، مؤكدا أن العديد من سكان المنطقة يعانون من أمراض الحساسية والصدرية وغيرها من الأمراض بسبب تلك الملوثات.
وطالب أبو طربوش، مختلف الجهات الرسمية بإيلاء منطقة القطرانة الاهتمام اللازم وعدم تقديم موضوع الاستثمار وتوفير فرص العمل على ندرتها لأبناء المنطقة، لأن تلك المصانع تأتي بعمالتها معها على حساب صحة المواطن وسلامته.
انتشار الروائح الكريهة
وقال المواطن أمجد عطالله من سكان بلدة القطرانة إن سكان البلدة وإن لم تصبهم أمراض معينة، خصوصا أمراض الحساسية والصدرية والتنفسية، إلا أنهم يعانون كثيرا من انتشار الروائح الكريهة طوال الوقت والمسيطرة على أجواء البلدة بسبب مخلفات تلك المصانع التي تحيط بالبلدة من كل الجهات.
وأضاف أن أغلب المواطنين لا يتمكنون من الجلوس خارج منازلهم في أوقات عديدة بسبب تلك الروائح أو الغبار الشديد الذي ينتشر في الهواء، لافتا إلى أن وجود مشاريع اقتصادية وتنموية في المنطقة أمر مهم لكن ليس على حساب صحة المواطنين وسلامتهم.
من جهته، أشار رئيس لجنة بلدية القطرانة المهندس رسمي الطراونة، إلى أنه لا يمكن إنكار أن هناك أثرا بيئيا لمختلف مشاريع الصناعة ويجب الاهتمام به ووضعه ضمن دائرة الرعاية وتوفير أعلى درجات الحماية حرصا على سلامة المواطنين.
وأضاف أن هناك أثرا بيئيا واضحا من مواقع العمل في مخالط الأسمنت وتلك التي تتعامل مع الرمل والتي تنتج غبارا كثيفا ينتشر في المنطقة، مطالبا بأن تقوم الجهات الرسمية بإجراء دراسة صحية شاملة لسكان المنطقة للتعرف على آثار المحيط الصناعي في المنطقة، إضافة إلى توفير مركبة متنقلة لقياس الأثر البيئي لمختلف المواقع الصناعية في المنطقة.
ولفت الطراونة إلى أن أحد الآبار في المنطقة وجد فيه بعد عملية اختبار للمياه نسبة ملوحة عالية وجرى إغلاقه حرصا على سلامة المواطنين.
بدوره، أكد مدير مديرية البيئة في محافظة الكرك المهندس معتز العلاوي، أن هناك مراقبة دائمة ومستمرة لمنطقة القطرانة مثل بقية مناطق المحافظة بسبب وجود العديد من المواقع الصناعية والتي لها أثر بيئي بسبب نشاطها الاقتصادي، مؤكدا أنه بعد شكاوى المواطنين تمت زيارة أحد المواقع وهو مخلط للأسفلت وجرى التنسيب لمحافظ الكرك بإغلاقه لحين توفير شروط السلامة العامة والبيئية.
وشدد على أن هناك متابعة لمصانع الدواجن في المنطقة والتي نفذت كل المتطلبات لحماية البيئة المحلية، ناهيك عن مطالبة إحدى شركات الكهرباء بتوفير إجراءات بيئية خاصة متعلقة بنشاطهم وهي قيد التنفيذ.
كما لفت العلاوي إلى أن الأبخرة التي تتصاعد من أحد المصانع في المنطقة وهو مصنع سيراميك هي بخار الماء وليست أبخرة كيماوية.
نفايات صناعية خطرة
وأكد الباحث البيئي من سكان بلدة سد السلطاني بلواء القطرانة خالد الحجايا، أن هناك العديد من مصادر التلوث البيئي التي تشكل خطرا على صحة وسلامة السكان في لواء القطرانة من مختلف المواقع، خصوصا مصانع الفوسفات والأسمنت والدواجن والسيراميك ومكبات النفايات وغيرها من الملوثات التي تلوث الهواء والمياه والتربة وتشكل خطرا على السكان.
وبين أنه قام في فترة سابقة بإنشاء مختبر متنقل في خيمة لرصد التلوث البيئي في مختلف مناطق البادية الجنوبية، لافتا إلى أن المختبر المتواضع جاء بعد أن لمس إهمالا لعملية التلوث التي تجري في البادية الجنوبية نتيجة عمل الشركات المختلفة في المنطقة.
وأكد الحجايا أن لديه أدلة واضحة عن التلوث ومستوياته في المياه والهواء والبيئة، مشيرا إلى تقديمه حلولا عملية لإنهاء التلوث وحماية البيئة لم تتبنها هذه الشركات رغم التواصل معها.
وأشار كذلك، إلى أن الشركات التي تعمل في المنطقة تطرح نفاياتها الصناعية الخطرة على البيئة والإنسان في مصادر المياه كالأسيد والكبريت ومخلفاتها الناتجة عن صناعتها والتي تحوي مواد مشعة وتركيبات كيمائية خطرة.
وكان تقرير لـ"الغد"، كشف قبل سنوات عن وجود ملوثات وإهمال كبير في موقع مكب النفايات الخطرة شرقي سواقة الواقع بمسافة 5 كم شمالي بلدة القطرانة، حيث رميت مستوعبات المواد الكيماوية مفتوحة على الأرض وبدون حماية فعلية.
كما كشف تقرير ديوان المحاسبة للعام 2019 عن وجود مخالفات خطيرة تتعلق بمكب النفايات الخطرة في منطقة سواقة شرقي محافظة الكرك. 
ولفت التقرير إلى أنه لا يتم معالجة النفايات الخطرة حيث يتم الاكتفاء بتجميعها داخل حدود المكب بصورة عشوائية غير منظمة من خلال أكوام متفرقة وموزعة داخل المكب. وتشمل المخالفات وجود مخلفات المختبرات المشتعلة وهي مواد قابلة للاشتعال تتم معالجتها من خلال التخزين فقط، بالإضافة إلى طبليات من الخشب وهي عبارة عن طبالي خشب متشربة مادة خطرة تشتعل مع الرطوبة والماء ويتوقع اشتعالها في أي لحظة خلال موسم الشتاء المقبل. 
وتطرق التقرير إلى وجود مادة الإسبست من صوامع العقبة ومصفاة البترول وشركة لافارج للأسمنت وهي مادة مسرطنة ويمنع تداولها موجودة بالمكب وتتم معالجتها بالطمر فقط، مبينا أنه لا توجد أسوار للمكب حيث تم الاكتفاء بوضع سياج، كما أنه لا يتم عزل النفايات التي تحتاج إلى معالجة كيمائية فيزيائية أو حرقها بل يتم الاكتفاء بطمر جزء منها في أحواض مبطنة والباقي يترك دون طمم.  
الغد
													
| 1 - | 
													 
														ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
													 
												 | 
												
													04-11-2025 01:10 AM
													 سرايا  | 
											
| لا يوجد تعليقات | ||