03-11-2025 12:58 PM
بقلم : الدكتور جاسر عبدالرزاق النسور
في ظل ما يشهده قطاع غزة من عدوان متواصل ومعاناة إنسانية غير مسبوقة، يواصل الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، تأكيد موقفه الثابت والمبدئي تجاه القضية الفلسطينية، وهو موقف يستند إلى الحكمة السياسية والرؤية الواقعية والإيمان العميق بالحق الفلسطيني في تقرير مصيره. وخلال مباحثاته الأخيرة مع عدد من القادة الإقليميين والدوليين، تحفّظ جلالة الملك على فكرة إرسال قوات حفظ سلام دولية إلى قطاع غزة، مؤكدًا أن الأولوية في هذه المرحلة هي وقف العدوان وحماية المدنيين وتكثيف الجهود الإنسانية والإغاثية. وأوضح جلالته أن أي خطوة من هذا النوع، في غياب حلٍّ سياسي واضح، قد تحمل أبعادًا سياسية معقدة تمس مستقبل القضية الفلسطينية ذاتها، وتؤثر على حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
يرى جلالة الملك أن أي وجود عسكري خارجي في غزة — حتى وإن حمل عنوان “حفظ السلام” — قد يُستغل لتكريس واقع الاحتلال أو إطالة أمده، وربما لتجريد الفلسطينيين من حقهم في إدارة أرضهم بأنفسهم. فالقضية ليست بحاجة إلى مزيد من القوات، بل إلى وقف العدوان ووقف معاناة المدنيين، وإطلاق عملية سياسية حقيقية تؤدي إلى حل الدولتين الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
إن هذا الموقف الحكيم يعكس إدراك الأردن العميق لطبيعة الصراع وتشابكاته، وحرص القيادة الهاشمية على عدم الانزلاق إلى خطوات قد تُفسر بأنها قبول ضمني بواقع مفروض بالقوة أو محاولة لتدويل القضية الفلسطينية.
ورغم التحفظ على أي وجود عسكري في غزة، فإن الأردن لم يتخلَّ لحظة عن دوره الإنساني والأخلاقي تجاه الأشقاء الفلسطينيين ، فالمستشفى الميداني الأردني في القطاع ما يزال يقدم خدماته الطبية النوعية رغم المخاطر، فيما تواصل القوات المسلحة الأردنية والهيئة الخيرية الهاشمية إرسال قوافل الإغاثة عبر الجو والبر، محملة بالأدوية والغذاء والمستلزمات الطبية.
لقد أكّد جلالة الملك مرارًا أن الأردن لا يمكن أن يتخلى عن غزة، لا إنسانيًا ولا سياسيًا، فغزة جزء من فلسطين، وفلسطين في وجدان كل أردني. وفي كل محفل دولي، كان صوت الأردن واضحًا: “لا سلام دون عدل، ولا استقرار دون إنهاء الاحتلال.” فتحفّظ جلالة الملك ليس رفضًا للمساعدة أو الانخراط في جهود السلام، بل هو حرص على جوهر القضية الفلسطينية نفسها.
فإرسال قوات حفظ سلام قبل وقف العدوان أو دون اتفاق سياسي واضح، يعني عمليًا القفز فوق حقوق الشعب الفلسطيني، وتحويل قضيته من قضية تحرر وحقوق وطنية إلى مجرد ملف أمني أو إنساني.
من هنا، فإن الهدف من الموقف الأردني هو ضمان أن تكون أي خطوة دولية في غزة نابعة من مصلحة الفلسطينيين أنفسهم، وبموافقتهم الكاملة، وتحت مظلة حل سياسي عادل وشامل، لا أن تكون إجراءً مؤقتًا يجمّد الوضع القائم ويكرّس المعاناة فالأردن صوت العقل والاتزان في الإقليم
وبينما تتسابق بعض القوى لطرح حلول عسكرية او مدنية، بقي الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني صوت الحكمة والاتزان في المنطقة، يذكّر العالم بأن السلام الحقيقي لا يُفرض بالقوة، ولا يُبنى على أنقاض المآسي الإنسانية.
الأردن لا يسعى إلى دور شكلي في غزة، بل إلى دور فاعل يحفظ الكرامة والحقوق، ويؤسس لسلام عادل ومستدام. وهكذا يواصل جلالة الملك عبدالله الثاني حمل راية الموقف الأردني الثابت: موقف مبني على الحق والإنسانية والشرعية الدولية، ومعبّر عن ضمير الأمة الذي يرى في فلسطين قضية مركزية لا تقبل المساومة أو التجزئة.
سيبقى الوطن راسخاً في نزاهته وشامخاً بقيادته وشعبه
.. حمى الله الأردن وقيادته الهاشمية.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-11-2025 12:58 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||