بقلم : يوسف رجا الرفاعي
مَن يتابع الاعلام الامريكي الرسمي وغير الرسمي منذ اندلاع الاحتجاجات والمظاهرات التي تعم ولاياتها الخمسين يدرك مباشرة ان ذلك الاعلام قد تم توجيهه بصورة واضحة لكي يحرف البوصلة عما يحدث هناك ،
الغريب في الامر ان ما تمر به الولايات المتحدة اليوم هو حدث غير مسبوق على الإطلاق إذ تحركت وانتفضت كلّ ولاياتها دون استثناء في اكثر من ألفين وسبعمائة تَجَمُّع وكأنها كانت تنتظر تلك اللحظة التي تنطلق فيها هذه الشرارة التي على ما يبدو من واقع الاحداث انها كانت مُنتَظَرَه .

الاشدُّ غرابةً فيما يخص الاعلام الامريكي في هذه الايام بالذات هو انحرافه الى درجة التطرف في اتهاماتٍ يوجهها
للمقاومة يدَّعي فيها أنها تقوم بخروقات في غزة وتجد ان العناوين الرئيسية في القنوات الاشهر على مستوى العالم تُركِّزُ على هذا الموضوع ويتقدم في نشراتها الاخبارية على الاخبار التي من المفترض ان تَنقل وتتابع الأحداث التي تعصف هناك ولا يُعرَف الى اين تقود تلك الولايات .

إن تهديد الرئيس شديد اللهجة والذي وجَّهه بالامس الى المقاومة يشي بأن امريكا تحت ضغط كبير ،
كما ان ارسال الرجلين " ويتكوف وكوشنر" الى المنطقة تَبِعَها ارسال نائب الرئيس في الوقت الذي تجتاح فيه المظاهرات كل امريكا هو ليس مؤشراً على خطورة الوضع على غزة وأهلها ولا على المحتل لها ، ابداً ،
فهذا ليس في حساباتها على الإطلاق ، ومن المنطق او من البديهي ان يذهب نائب الرئيس الى تهدئة الوضع في الولايات التي تخرج جماهيرها الى الشوارع بالألاف معربة عن غضبها الشديد تجاه رئيسها ،
كما ان الأولى بالرئيس تهديد القائمين على اشعال الشارع الامريكي غضبا عليه اذا كانوا كما يقول انهم لا يمثلون الشعب وهم قلة قليلة تغرد خارج السرب ،
لكن ربما يكون الخطر على امريكا من تلك الاحتجاجات هو عظيم الى درجةٍ جعل إعلامها كله يوجه الانظار ويشتتها الى جهةٍ ربما يقرأها العارفون في السياسة أنها أخطر واهم بكثير مما يحدث في الداخل الامريكي وكأنهم يخشون او يعلمون يقيناً أن مصير امريكا لن تُقرِّره تلك الاحتجاجات بل هي مرهونة بنتيجةِ الطوفان التي لم تَظهَر بَعدْ ،
يوسف رجا الرفاعي