18-10-2025 02:25 PM
سرايا - هل القياديّ العائد لحركة (فتح)، د. ناصر القدوة، سيتسلّم منصب حاكم غزّة بعد الحرب، لاعتباره شخصيةً ذات تجربةً دبلوماسيّةً وقادرٌ على توحيد الشعب الفلسطينيّ؟ في هذه العُجالة وَجَبَ التأكيد على أنّ القدوة قال في مقابلةٍ مع صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، إنّ “الوضع الفلسطينيّ سيتغيّر بعد الحرب وحماس لن تكون جزءًا منه ونحن يمكننا أنْ نُضعِفْ الحركة”، مُشدّدًا في الوقت ذاته على أنّه “لإسرائيل مطالب أمنيّةٍ يَجِبْ معالجتها، ولا أخشى تهمة التعاون مع إسرائيل”، طبقًا لأقواله.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، ذكر ناحوم برنياع كبير المحللين السياسيين بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أنّ هناك بعض الامتيازات التي ما زال يمسك بها القدوة، فعرفات، الزعيم الفلسطينيّ الراحل خاله، أمّا محمد دحلان الذي يتهيأ لموقعٍ كبيرٍ في الساحة الفلسطينيّة يعتبر داعمه الأكبر، وهذان معياران يمنحانه وزنًا في الشارع الفلسطينيّ.
وقد رصدت العديد من الأوساط أنّ مَنْ وصفه بـ “الأمير المنفي” سافر في الأشهر الأخيرة من عاصمةٍ لأخرى في الوطن العربيّ سعيًا لكسب التأييد لخطته لإعادة بناء قطاع غزة بعد الحرب، وحين سئل عن إمكانية أنْ تلعب حماس دورًا في مستقبل غزة بعد الحرب، اعتبر أنّ الوضع سيتغيّر، لا شك في ذلك، بعد الحرب، ستكون لدينا حكومةٌ جديدةٌ مسؤولةٌ عن الضفة الغربية وقطاع غزة، لن تكون حماس جزءًا منها، بل سنتمكّن من إضعافها.
فيما كشفت صحيفة (معاريف) العبريّة، أنّ رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت وقّع مع ناصر القدوة، على وثيقةٍ مقترحةٍ تنصّ على حلٍّ شاملٍ للصراع، يقوم على إعادة إعمار قطاع غزة، ونشر قوة أمنيّة عربيّة مؤقتة، بالتزامن مع انسحابٍ إسرائيليٍّ منه، لإقامة كيانٍ فلسطينيٍّ لإدارته وإعادة إعماره على شكل مجلس مفوضين.
ويتألف هذا المجلس، وفق الصحيفة، من تكنوقراط محترفين، وليس ممثلين سياسيين، على أنْ يرتبط عضويًا بالسلطة الفلسطينيّة، ويعمل مع مجلس الوزراء لإعداد الضفة والقطاع للانتخابات العامة في غضون 24 إلى 36 شهرًا بعد انتهاء الحرب.
كما تنص الوثيقة على ضرورة نشر قوّةً أمنيّةً عربيّةً مؤقتةً بالتنسيق مع انسحاب القوات الإسرائيليّة، بالتعاون مع قوة الأمن الفلسطينيّة التي سيُنشئها مجلس المفوضين، وعقد مؤتمر للمانحين لإعادة إعمار القطاع بمشاركةٍ جادّةٍ من الدول الغنية، وقد عرضا خطتهما لغزة ما بعد الحرب على بابا الفاتيكان خلال زيارتهما له، الذي دعمهما وأيّد خطواتهما.
جديرٌ بالذكر أنّ الممثل الأعلى السابق للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، التقى في بروكسل بالقدوة وأولمرت، على خلفية اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبيّ في حينه، وقد طالب القدوة بدعمٍ أوروبيٍّ لإنجاح الخطة المُعدّة لغزة بعد الحرب، وفقًا لما ذكره كشف نيسان ستروتشلر، مراسل صحيفة (إسرائيل اليوم) العبريّة.
وقد شارك ناصر القدوة مؤخرًا في لقاءٍ جمعه بأكثر من 300 ممثل عن المجتمع المدنيّ الإسرائيليّ والفلسطينيّ، على طاولةٍ واحدةٍ في باريس، بزعم التعرف على بعضهم، لبحث قضايا وشؤون الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وبحضور العديد من المسؤولين الإسرائيليين السابقين من رؤساء جهاز الموساد، وجنرالات، ودبلوماسيين سابقين، كما حضر المؤتمر الرئيس إيمانويل ماكرون، وفقًا لما كشفته تمار شافيك مراسلة صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.
يُشار إلى أنّ القدوة أصدر موقفًا لافتًا برفضه لأيّ وصايةٍ خارجيّةٍ على القطاع، حتى أنّ شبّه اقتراح تعيين توني بلير حاكمًا لغزة بـ “الانتداب البريطاني”، داعيًا لأنْ تتحوّل حماس إلى حزبٍ سياسيٍّ غير مسلح، بزعم أنّه المخرج الوحيد لإنهاء الانقسام، واستيعاب الحركة ضمن إطارٍ وطنيٍّ ديمقراطيٍّ موحّدٍ.
واعتبرت تصريحات ناصر القدوة محاولة عملية للتوصل إلى حلِّ يوازن بين الرفض الدوليّ لوجودها المسلح من جهة، والحاجة الوطنيّة لإنهاء حالة الانقسام الداخليّ من جهة أخرى.
على صلة بما سلف، وصفت دانا بن شمعون محررة الشؤون الفلسطينيّة بصحيفة (إسرائيل اليوم) العبريّة، وصفت القدوة بالمتحمس لدورٍ قياديٍّ، حيث راكم خبرةً دبلوماسيةً وسياسيةً محترمةً، وكان يُصنّف كواحدٍ من أقوى شخصيات المعارضة التي تُنافس عبّاس من الداخل، ولذلك لم ينتظر طويلًا، فطرده من صفوف الحركة، بزعم أنّه تصرف خارج الإجماع التنظيميّ، وأُلغي جواز سفره الدبلوماسيّ، والامتيازات الأخرى الممنوحة له بصفته سفيرًا ووزير خارجية سابقًا.
أمّا المُستشرِق إيهود يعاري، محرر الشؤون العربية في القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، فقد اعتبر عودة ناصر القدوة خبرًا مفاجئًا، لأنّه يشكل مصالحةً نادرةً داخل حركة فتح، وهي خطوة غير متوقعة على الساحة الفلسطينيّة الداخليّة، مع العلم أنّ قرار عباس المصالحة مع القدوة، أحد أبرز منافسيه، ليس عاديًا، لأنّه معروف بشخصيته التي لا تتعجّل التسامح.
لكن عبّاس قرر إعادة ابن شقيقة عرفات إلى صفوف الحركة، وكامل مناصبه فيها، سواءً بسبب الضغوط التي مورست عليه لقبوله مجددًا، أوْ رغبة منه بترسيخ نفوذه في غزة، كشخصيةٍ رئيسيةٍ قادرةٍ على المشاركة في إدارتها بعد الحرب.
ورغم ما يظهر من دعمٍ دوليٍّ وإقليميٍّ للقدوة، فإنّه يواجه نقصًا في الدعم الشعبيّ بسبب مواقفه السابقة، أبرزها مشاركته في إعداد وثيقة (أولمرت-القدوة)، لأنّها اقترحت ترتيباتٍ حول القدس المحتلة يعتبرها الفلسطينيون تنازلات كبيرة، ما أثار رفضًا واسعًا في صفوفهم.
فضلاً عن إصدار القدوة تصريحاتٍ سابقةٍ مسيئةٍ لحماس قبل الحرب الأخيرة على غزة، وخلالها، ما أثار موجات غضب ضده، بزعم أنّه يسعى لمشروعٍ سياسيٍّ شخصيٍّ يتجاوز إرادة الشارع الفلسطينيّ.
وأمام هذه التطورّات هل يكون القدوة الرجل الذي تُجمِع عليه القوى الخارجيّة والداخليّة لتأكيده بأنّ حماس ستكون خارج اللعبة ما بعد الحرب؟
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-10-2025 02:25 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |