15-10-2025 01:06 PM
بقلم : صالح مفلح الطراونه
سأكتب يا "علي الطراونة " عن غيمة تعبر الآن فصل الخريف
فأنا مثلك أممت وثائقي للأرض فقد علمتني هذه الأرض يا علي أن تجعل الصحراء فيها سواحل
وعلمتني أن اكتب اوجاعي مثلك يا "علي الطراونة " على قامات الشجر كي ارتاح قليلاً من هذا الوجع الممتد من الثغر مرورا بالجفر الى أن نصل نحو لطريق المؤدي للقصر العتيق .
فمن عالم تتكاثر فيه الأصوات وتتشابه الملامح الإعلامية، يطل علي الطراونة كصوت مختلف، يحمل في نبرته عمق الوعي، وفي حضوره ملامح رسالة لا تُشبه سواه , فمنذ أن خطى أولى خطواته في أروقة التلفزيون الأردني، كمذيع لنشرة الأخبار، لم يكن مجرد قارئ للنصوص، بل كان ناقلاً للوجدان الوطني ، ومترجماً لنبض الشارع الأردني في ملامح الهدوء والرصانة والثقة.
لقد كان حضوره على الشاشة نافذةً يطل منها الصدق قبل الصورة، فحين يتحدث علي الطراونة، يُشعرك أن الكلمة لا تُقال عبثًا، وأن اللغة يمكن أن تكون جسراً بين الحقيقة والمشاهد، لا مجرد وسيلة للعبور كانت نشرة الأخبار في عهده تحمل طابعاً مختلفاً إذ تتقاطع فيها المهنية العالية مع حس الإنسان الذي يرى خلف كل خبر قصة وخلف كل حدث وطناً ينبض
ولم يتوقف "علي الطراونة "عند حدود الشاشة، بل تجاوزها إلى فضاءات أرحب حين خاض تجربة البودكاست "عبر الفضاء"، تجربةٌ ولدت من رحم الحاجة إلى صوت يتجاوز حدود المكان والزمان في هذا الفضاء الرقمي المفتوح، كان "علي " يحاور العقل قبل الضيف ويزرع بين الكلمات معاني تحمل الحكمة والتأمل والبحث عن المعنى لقد كان “عبر الفضاء” أكثر من برنامج إذاعي بل كان تجربة فكرية ووجدانية تمزج بين الصدق والجرأة و بين سكينة الطرح وعمق التساؤل.
ورغم ما واجهه من مواقف مضادة وتحديات قاسية في مسيرته، بقي "علي الطراونة " واقفاً بثبات كالطور لا تهزه الرياح ولا تغريه الزوايا المظلمة للرضوخ أو الصمت بل ازداد إشراقاً في وجه العتمة، وكأن التجارب لم تكسر فيه شيئاً، بل صقلت داخله معدن الإعلامي الحقيقي الذي لا يبحث عن ضوء لنفسه بل يحمل الضوء لغيره
إن قصة " علي الطراونة " ليست مجرد سيرة مهنية، بل هي رحلة إنسان آمن أن الإعلام رسالة قبل أن يكون وظيفة وأن الصوت مسؤولية قبل أن يكون شهرة لقد أثبت أن النجاح لا يُقاس بعدد المشاهدات أو الأضواء بل بقدرة الكلمة على أن تترك أثراً في الذاكرة وأن تزرع في الناس احترام الحقيقة مهما كانت مؤلمة في زمن يختلط فيه الصخب بالسطحية يبقى "علي الطراونة " مثالاً للإعلامي الذي جمع بين الفكر والصدق و بين الموقف والهدوء وبين الحضور والعمق إنه لا يقرأ الخبر فحسب، بل يقرأ الواقع بعينٍ تعرف أن وراء كل تفاصيل حكاية، وأن الإعلام ليس منبراً للظهور بل منارةٌ للوعي والضمير
ما زلت يا علي الطراونة احتاج أن اكتب اليك كما يكتب الصغار على دفاترهم حكاية بستان خديجه وسالم
فإذا ما ضاقت بي الأرض سآتيك فهذه بلادي لا طولٌ يطاولها .
وهذه زيتونةٌ لم تخضب جدائلها ففي كل دمعة عين ترانا وفي كل وجه طيباً زرعنا قمحنا وصبانا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-10-2025 01:06 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |