حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,15 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7215

سر الذكاء الانتقامي لدى الغراب .. لماذا لا ينساك أبداً؟

سر الذكاء الانتقامي لدى الغراب .. لماذا لا ينساك أبداً؟

سر الذكاء الانتقامي لدى الغراب ..  لماذا لا ينساك أبداً؟

14-12-2025 10:31 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - تُعد الغربان من أكثر الطيور إثارة لاهتمام العلماء، لما تمتلكه من قدرات عقلية متقدمة وذاكرة استثنائية تضعها في مصاف أذكى الطيور . فقد كشفت أبحاث علمية حديثة أن الغربان قادرة على التذكر طويل الأمد، وحل المشكلات المعقدة، والتعلم الاجتماعي، والتكيف بمرونة مع البيئات المتغيرة، وهي خصائص كان يُعتقد طويلاً أنها تقتصر على البشر.
يكمن سر ذكاء الغراب الانتقامي في قدرته الفريدة على التذكر طويل الأمد والربط بين الأشخاص والتجارب التي شكلت تهديدا له، فالغربان لا تكتفي بتذكر مواقفها السلبية فقط، بل تنقل هذه الذكريات إلى أفراد آخرين من مجموعتها، ما يخلق نوعا من "الذاكرة الجماعية" التي تحميها جميعا من المخاطر.

الدراسات أظهرت أن الغراب يمكنه تمييز الوجوه البشرية، وتذكر من كان عدوانيا أو تهديدا له لسنوات طويلة، وقد تستمر هذه الذاكرة طوال معظم حياته التي قد تمتد لعقود. بفضل هذه القدرة، يصبح الغراب متيقظًا، ويعرف متى وأين يظهر الخطر، ويتصرف بحذر أو يرد بالعدوانية، مما يجعل من الصعب على أي شخص تخطي حذر هذا الطائر الذكي أو تجاهل ذكرياته السابقة معه.

ذاكرة حادة
تتمتع الغربان بقدرة مدهشة على التعرف على وجوه البشر من لقاء واحد فقط، والاحتفاظ بهذه المعلومة لسنوات طويلة، والأهم من ذلك أن ذاكرتها لا تقتصر على الملامح، بل تشمل طبيعة التجربة نفسها؛ فهي تتذكر من كان ودودا، ومن شكّل تهديدا، وتبني سلوكها المستقبلي على هذه الخبرة السابقة.
وعند مواجهة شخص سبق أن آذاها أو أخافها، قد تُطلق الغربان أصوات تحذير، أو تتجمع مع غربان آخرين لإظهار سلوك دفاعي منسق، بينما تتعامل بهدوء مع الأشخاص المألوفين والآمنين. هذا الانتقاء في التذكر يدل على أن ذاكرة الغربان ليست عشوائية، بل موجهة نحو ما يخدم بقائها.
ذكاء في حل المشكلات
أظهرت دراسات مقارنة أن الغربان قادرة على حل مشكلات معقدة تتطلب تخطيطًا وتسلسلًا منطقيا للخطوات، وليس مجرد ردود فعل غريزية. فقد تمكنت في تجارب مخبرية من استخدام أدوات، وتعديلها عند الحاجة، والوصول إلى حلول جديدة عندما تتغير الظروف. كما تُظهر الغربان قدرة واضحة على التنبؤ بالنتائج، وتغيير استراتيجياتها عند الفشل، وهو ما يعكس مرونة معرفية عالية. هذا النوع من التفكير يشير إلى استخدام العقل التحليلي، وليس فقط التعلم بالتكرار.
الذاكرة السلبية
من أكثر الجوانب إثارة في سلوك الغربان قدرتها على الاحتفاظ بالذكريات السلبية لفترات طويلة. فإذا تعرضت لموقف مهدِّد أو اعتداء، فإنها لا تنساه بسهولة، بل تستخدم تلك التجربة لتحديد سلوكها لاحقا.
وقد لاحظ العلماء أن الغربان لا تكتفي برد فعل فردي، بل تنقل هذا السلوك إلى غربان أخرى من المجموعة. فالطيور التي تشهد موقفا عدائيا تتعلم منه، ما يؤدي إلى نشوء ما يشبه "ذاكرة جماعية" تساعد المجموعة بأكملها على التعرف على مصادر الخطر وتجنبها مستقبلاً.
وكشفت دراسة أميركية أن الغربان تمتلك ذاكرة استثنائية تمكنها من تمييز الأشخاص الذين يشكلون تهديدا لها، ونقل هذا التحذير بين أفراد المجموعة. وأوضح موقع Discovery News أن الباحثين في جامعة واشنطن اكتشفوا قدرة الغربان على التفريق بين الوجوه الصديقة والوجوه الخطرة، وتحذير بقية الطيور من الأفراد الذين يمثلون تهديدا.
وأشار الباحث المسؤول عن الدراسة، جون مارزلوف، إلى أن الغربان تستطيع تذكر الأشخاص الذين شكلوا تهديدا لها لمدة خمس سنوات على الأقل.
وأضاف أن الغربان تعيش عادة بين 15 و40 عاما، وتحتفظ بالارتباطات المهمة طوال معظم سنوات حياتها، ما يعكس مستوى ذاكرة طويل الأمد مشابه لما يُلاحظ عند الشمبانزي.
واستخدم الفريق البحثي طريقة مبتكرة لاختبار ذاكرة الغربان، حيث عرضوا الطيور على "وجه خطير" من خلال ارتداء أقنعة خلال عمليات الصيد، وأُطلقوا في خمسة مواقع مختلفة. وبعد مرور خمس سنوات، لاحظ الباحثون ردود فعل عدائية كبيرة من قبل الطيور تجاه القناع نفسه، ما يدل على أن الغربان لم تنسِ التهديد فحسب، بل قامت أيضًا بتحذير بقية الطيور في المنطقة من هذا الشخص أو الوجه المهدد.
تواصل معقد
تمتلك الغربان نظام تواصل صوتي متطور، حيث تستخدم نداءات مختلفة للتحذير من الخطر، أو التنسيق الجماعي، أو الإعلان عن مصادر الغذاء. هذه الأصوات ليست عشوائية، بل جزء من منظومة منظمة تدعم التعاون داخل المجموعة.
ويتعلم صغار الغربان من الكبار من خلال الملاحظة، سواء في طرق البحث عن الطعام أو كيفية التعامل مع التهديدات. ومع مرور الوقت، تنتقل هذه المعرفة عبر الأجيال، مما يعزز ذكاء الجماعة ككل ويجعلها أكثر قدرة على التكيف.
قدرة مذهلة
تُعد الغربان من أنجح الطيور في التكيف مع البيئات المتنوعة، من الغابات والسهول إلى المدن المكتظة بالسكان. فهي قادرة على استغلال الموارد المتاحة، ومراقبة الأنشطة البشرية، واستخدامها لصالحها في الحصول على الغذاء أو إيجاد أماكن آمنة للتعشيش.
هذا التكيف السريع يوضح الترابط الوثيق بين الذاكرة، وحل المشكلات، والمرونة السلوكية. فالغربان لا تعتمد على نمط واحد للعيش، بل تغيّر استراتيجياتها بحسب الظروف، وهو ما يضمن لها الاستمرار في بيئات متغيرة وصعبة.
ذكاء
تدفع هذه الاكتشافات العلماء إلى إعادة النظر في مفهوم الذكاء وحدوده، وإلى الاعتراف بأن القدرات العقلية المتقدمة ليست حكرا على البشر. فالغربان تقدم نموذجا واضحا لكيف يمكن للذاكرة، والتعلم الاجتماعي، والوعي البيئي أن تتكامل لتشكّل عقلا قادرا على التكيف والبقاء، فالغراب الذي يراك اليوم لن ينساك غدًا بسهولة، ليس بدافع الانتقام، بل لأن ذاكرته وذكاءه هما سلاحه الحقيقي في عالم مليء بالتحديات.








طباعة
  • المشاهدات: 7215
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-12-2025 10:31 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم