حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,22 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5173

صائب عارف يكتب: لماذا ترفض الولايات المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

صائب عارف يكتب: لماذا ترفض الولايات المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

صائب عارف يكتب: لماذا ترفض الولايات المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

11-10-2025 08:59 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : صائب عارف
منذ عقود طويلة، تتعامل الولايات المتحدة مع القضية الفلسطينية بمنطق إدارة الصراع لا حله، وهو نهج يرتكز على شبكة معقدة من المصالح السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والأيديولوجية التي تجعل من الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة غير مرغوبة في حسابات واشنطن.

فمن الناحية السياسية والاستراتيجية، يُعد التحالف الأمريكي الإسرائيلي أحد أكثر التحالفات ثباتًا في النظام الدولي المعاصر. فإسرائيل بالنسبة لواشنطن ليست مجرد حليف تقليدي، بل شريك استراتيجي يمثل بوابة النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، وعينها الاستخبارية في منطقة مضطربة. وترى الولايات المتحدة أن ضمان أمن إسرائيل وتفوقها يصب في صميم مصالحها القومية، لا سيما في مواجهة خصومها الإقليميين كإيران وروسيا. كما أن النفوذ الإسرائيلي داخل دوائر صنع القرار الأمريكي، من خلال جماعات الضغط وعلى رأسها لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC)، يجعل من الصعب على أي إدارة أمريكية أن تتخذ موقفًا يُغضب تل أبيب، خشية التداعيات السياسية والانتخابية الداخلية. يضاف إلى ذلك أن الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة يمنح واشنطن ذريعة دبلوماسية جاهزة لتبرير رفضها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بحجة “غياب الشريك الموحد للسلام”.

أما من الجانب الاقتصادي والعسكري، فإن استمرار الصراع يخدم مصالح واشنطن في أكثر من اتجاه. فالتفوق العسكري الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا ليس مجرد التزام سياسي، بل هو ركيزة في عقيدة الأمن القومي الأمريكي في المنطقة. وبقاء حالة التوتر يبرر استمرار صفقات السلاح الضخمة سواء لإسرائيل أو للدول العربية، في إطار معادلة تضمن واشنطن من خلالها التحكم بموازين القوى الإقليمية. فالحرب الباردة الصغيرة بين العرب وإسرائيل تمنحها أدوات ضغط لا تنضب على الأنظمة العربية، بينما أي تسوية نهائية للنزاع قد تعني تقليص هذه الأوراق إلى الحد الأدنى.

وتتخذ المواقف الأمريكية أيضًا بعدًا أيديولوجيًا ودبلوماسيًا واضحًا. فواشنطن تطرح رؤيتها الخاصة للسلام، رؤية تعتبر أن الحل لا يأتي عبر الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، بل من خلال مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي مقاربة تصب عمليًا في مصلحة إسرائيل التي تجيد إطالة أمد التفاوض والمماطلة السياسية. وإلى جانب ذلك، تبرز الازدواجية الأمريكية في تطبيق القانون الدولي؛ ففي حين تدعم واشنطن حق أوكرانيا في الاستقلال وتقرير المصير، فإنها تتجاهل هذا الحق حين يتعلق بالشعب الفلسطيني، لأن الحسابات هنا ليست قانونية بل تحالفية ومصلحية بحتة.

وعند النظر في العمق، يمكن القول إن “السلام غير مربح” للولايات المتحدة. فاستمرار الصراع يمنحها مبررًا لبقاء قواعدها العسكرية في المنطقة، واستمرار نفوذها السياسي والأمني، كما يغذي خطاب “مكافحة الإرهاب” الذي تستثمره لتبرير وجودها الاستراتيجي في الخليج والشرق الأوسط. بعبارة أخرى، الصراع يخدم النفوذ الأمريكي أكثر مما يخدمه السلام.

في المحصلة، لا يمكن فصل الموقف الأمريكي من الدولة الفلسطينية عن منظومة المصالح التي تربط واشنطن بتل أبيب. فالإدارة الأمريكية لا ترفض الاعتراف بدولة فلسطين لأن الظروف غير مواتية فحسب، بل لأنها تدرك أن الاعتراف يعني تغييرًا جذريًا في خريطة النفوذ الإقليمي، وتقليصًا لدورها كوسيط وحيد في عملية السلام. إنها تدير الصراع بدقة، وتُبقي خيوطه مشدودة بما يكفي لتبقى صاحبة اليد العليا، في معادلةٍ لا رابح فيها سوى الولايات المتحدة وإسرائيل.








طباعة
  • المشاهدات: 5173
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
11-10-2025 08:59 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم