06-10-2025 09:15 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
لا شك أن رد حماس الإيجابي على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطور مهم جدا وفق مجريات حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل لعامين متتالين على قطاع غزة، ويمكن أخذه في سياق تطورات القضية الفلسطينية، واحتمال ولادة أفق للسلام في المنطقة يقوم أساسا على سلام فلسطيني إسرائيلي، ويمتد ليشمل كل النزاعات التي يستند معظمها إلى دوافع دينية وقومية ومصلحية وغيرها.
في واقع مثل واقع هذه المنطقة من العالم يصعب التكهن بمجرى الأحداث ونتائجها، وذلك بالنظر إلى التباين الهائل بين نوعية وطبيعة وثقافة ومعتقدات شعوبها، واضطراب علاقاتها البينية وامتداداتها مع شعوب أخرى، وحتى تلك المصالح المرتبطة بالنفط ومشتقاته والممرات المائية والموقع الجيوسياسي فكلها قابلة للتبدل والتغير الأمر الذي يجعل هذه المنطقة مشتعلة بالأزمات تحت عناوين مختلفة ومتعددة !
عايش الأردن وتعايش مع هذا الواقع من موضع المتأثر والمبادر معا، ولعل المتتبع لأحداث المنطقة منذ إنشاء الدولة الأردنية من رحم الثورة العربية الكبرى بإمكانه أن يستخلص الثوابت ومنظومة القيم التي بنى عليها الأردن موقفه قديما وحديثا من منطلق وعيه بالمسببات والمآلات ، محصنا نفسه أولا ، ومبادرا لمحاصرة نيران الحروب ومنع امتدادها ثانيا ، لا يثنيه اليأس عن فعل ، ولا تهزه المزايدات والافتراءات أو تحيد به عن موقفه الشجاع تجاه نصرة الحق وتحقيق أمن واستقرار شعوبها وحقها في الحياة الكريمة الآمنة والمزدهرة .
الحكمة وبعد النظر هو العنوان الذي يصاغ تحته الموقف الذي يتم التعبير عنه من جلالة الملك بداية ، في خطاباته ومباحثاته الثنائية والمشتركة ، وفي الجهود التي يبذلها باعتباره القائد الأكثر احتراما وتقديرا ونزاهة لدى قادة العالم ، والأشد وضوحا وحسما في التحذير من المخاطر التي تهدد المنطقة والأمن والسلام الدوليين ، وفي اقتراح الحلول التي تعالج الأزمات القائمة وصولا إلى معالجة أصلها وأسبابها ، فعلى سبيل المثال وبالرغم من كل التعقيدات التي تحيط بالقضية الفلسطينية، والطبيعة الفريدة من نوعها للمحتل الإسرائيلي وأطماعه التي لا حد لها فإن جلالة الملك عبدالله الثاني أول من لفت الانتباه إلى أن إسرائيل ليست سوى دولة من دول المنطقة، وأن نزعة اليد الطولي أو الطويلة يمكن كبحها ، والأمثلة على ذلك كثيرة !
هناك أمران مهمان بالنسبة لنا ظل جلالة الملك يناضل من أجلهما، الأول يتعلق بكبح جماح إسرائيل، وإخراجها من عقلية القلعة والعزلة المريضة، وردعها لانتهاكها القوانين الدولية وعدم احترامها للقرارات الأممية، والثاني هو اعتراف دول العالم كلها بالدولة الفلسطينية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف الأمر الذي تحقق بشكل مذهل في الأسابيع الأخيرة، وهو الهدف – حل الدولتين – الذي تبناه جلالة الملك وظل يناضل في سبيله رغم حالة اليأس التي كانت تحيط بالفكرة من أساسها.
إذا كان الهدف الثاني يفرض الآن نفسه بقوة وأكثر من أي وقت مضى فإن الهدف الأول مسألة تتعلق بكيف يريد الإسرائيليون تقرير مصيرهم، وكيف يتوجب على العالم أن يحمي أمنه وسلامه، ولكن في جميع الأحوال علينا أن نتذكر دائما أن كل ما حذر جلالة الملك من وقوعه قد وقع، وكل ما دعا إليه من حلول منطقية كانت ممكنة كنتيجة إما للمعاناة والخسائر الفادحة، أو كنتيجة لاستعمال العقل واستحضار الضمير!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-10-2025 09:15 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |