حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 12026

رولا المغربي تكتب: النهوض من الموت

رولا المغربي تكتب: النهوض من الموت

رولا المغربي تكتب: النهوض من الموت

24-09-2025 11:38 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : رولا المغربي
بعد الحرب العالمية الثانية ، بدأ ما يُعرف بالحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتي. لم تكن مرحلةً بارده(كما يتم تصويرها)بل كانت محمومه بِسِباق التحالفات وإثبات القُدُرات •هي حرب بين الرأسماليه والشيوعيه .
خرجت اليابان مدمّره بشكل شبه كامل بعد الحرب العالمية الثانية ، مدن مدمّره ، اقتصاد منهار، بطالة عالية، ومعنويات محطمه مُحبَطه يائسه بعد القصف النووي الأمريكي لهيروشيما وناغازاكي. ومع ذلك استطاعت اليابان نفض التراب ونهَضت كالمارد الثائر استطاعت ان تنطلق لتصبح واحدة من أقوى الدول اقتصادياً وتكنولوجياً.
لكن كيف استطاعت كل ذلك من تحت الرماد؟؟؟
ما كانت الولايات المتحده الامريكيه تترُكُ حدثاً دون استثماره مَصالِحياً سياسياً واقتصادياً لتحظى بتلميع إنساني كانت هي المُتسبب في معاناته .
حتى في النهوض تمدّ امريكا يدها المُلطّخه بالدماء معلنةً انها لن تترك اليابان وحدها!! وانها ستساعدها على النهوض من وحل الدمار !!! هكذا السياسه وهكذا المكرُ والدّهاء.
امريكا الآن تريد اثبات صحّة ماقامت به من فظائع ، تُريد الظهور بمظهر المُنقِذ لا المجرم . اليابان اصبحت دوله ضعيفه مستسلمه واذا بقيت على ماهي عليه ستكون صيداً ثميناً وطُعماً سائغاً ولُقمةً سهلة للجانب الشيوعي. إضافة الى الموقع الاستراتيجي لليابان بآسيا والقريب من (كوريا، الصين،وروسيا)لذا لا بد على العمل لجعل اليابان حليفاً سياسياً واقتصاديا لامريكا. بدل من جعلها عدواً خطيراً يهدف للثأر والانتقام الى حليف قوي.
لذا بعد استسلام اليابان، فرضت امريكا شروطاً للبناء بأن يكون تحت اشراف امريكي !!حتى الاصلاحات التي فرضتها امريكا كانت بقيادة الجنرال “دوغلاس آرثر”. أهمها:وضع دستور جديد يمنع الحرب كوسيلة لحل النزاعات!!.اضافه لفرض إصلاح النظام السياسي ليصبح نظاماً ديمقراطياً . تفكيك الجيش وتحويل الموارد للإنتاج المدني.اضافةً لفرض إصلاحات اقتصادية وزراعية . مصادرة أراضي كبار الملاّك وتوزيعها على صغار الفلاحين.دعم الفلاحين الصغار ساعد على رفع الإنتاجية وزيادة الاستقرار الاجتماعي.
.استثمَرَ ت اليابان بقوة في التعليم والتكنولوجيا، فاصبح لدى اليابان جيل مؤهل للنهضة الصناعية. اهم ما ساعد في انجاز تلك النجاحات هي الثقافه اليابانيه القائمه على الإخلاص في العمل والولاء المطلق لليابان
فالانضباط اسلوب حياه و العمل الجماعي عباده ، الصبر، والإخلاص للشركة ( “الساموراي")لكن بطابع عصري هذا كان ركيزة أساسية في النجاح.
لم يكن الدعم الأمريكي دعماً لتبرئة الذمه او كفّاره سياسيه أو اعلان توبه لِما اقترفته يداها ، أمريكا لا تتعامل إلا بمصطلح المصالح فالسياسه تفرِض نفسها كلاعِب يفرض نفسه على طاولة ترتيب الدول ، فَدَعمَت اليابان اقتصادياً لكي تجعل من اليابان حليفاً قوياً ضد الشيوعية في آسيا، استغلت الشركات اليابانيه الفرصة وطورت منتجاتها فاصبحت تضاهي في جودتها المنتجات الامريكيه فكان التركيز في البدايات على الصناعات الخفيفة (منسوجات، إلكترونيات صغيرة). ثم اصبح العالِم الياباني رائداً في الصناعات الثقيله بسبب الدعم الحكومي المطلَق ،اصبح العامل الياباني مضرباً بالمثل في الابداع والاخلاص فتَألقَ في الصناعات الثقيله صناعة السيارات والإلكترونيات اعتمدَ على “الإبداع مع التحسين المستمر” أو ما يعرف بـ كايزن.
فتَحوّلت الأزمات لِفُرص .الحرب الكورية(1950) كانت فرصة ذهبية إذ طَلَبَت أمريكا من اليابان تجهيزات وإمدادات، وهذا أعطى الصناعة اليابانيه دُفعةً قويه للتطوير والتحسين ،حَصّلَت امريكا مكاسب اقتصاديه فاليابان سوق ضخم بالنسبه للولايات المتحده الامريكيه. وشركات الإعمار الامريكيه كانت المستفيد الأول .المساعدات الامريكيه واعادة الاعمار كانت جزءً من استراتيجيه لتحسين صورتها كقوّه تنشر الديمقراطيه في العالم!!!!
النتيجة: اليابان دفعت ثمناً باهظاً لم يكن بالمجان لتُصبِحَ عملاقاً غير تابع سوى لليابان ومصلحة اليابان . ،استطاعت ان تبني الإنسان الذي وهب نفسه للوطن الذي لم يبخل عليه بما جاد من خيرات ، فبناء الأوطان يُحمل على اكتاف المُخلِصين لا المُتنفّعين .للمُنتَمين لا للمقيمين المؤقتين ، للمُصلحين لاللمتكسبين .
خلال 20-30 سنة فقط، انتقلت اليابان من بلد مهزوم مُدَمّر إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم بحلول السبعينات.!!!!
لاحقاً أصبحت الشركات اليابانية نفسها شريك وصانع أساسي في الاقتصاد العالمي. لتجد امريكا نفسها انها لم تعد تقوَ على مجابهة هذا العملاق .
هكذا يُصنَع الإنسان وهكذا تُدار الأوطان ، وهكذا تُدار الخديعه.
فضفضات الصباح











طباعة
  • المشاهدات: 12026
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
24-09-2025 11:38 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم