24-09-2025 06:10 PM
سرايا - تشهد المنطقة العربية في عام 2025 فسيفساء تنظيمية لافتة حول الأصول والعملات الرقمية وأسواقها، بما في ذلك اتجاهات اسعار العملات الرقميه وتأثير الأطر القانونية عليها: دول تتبنّى أطرًا متقدمة تشجّع الابتكار (الإمارات والبحرين)، وأخرى تتّخذ نهجًا متحفّظًا أو مُقيِّدًا (قطر، السعودية، مصر)، في مقابل دول تفرض حظرًا شبه كامل (الكويت، الجزائر، تونس) أو تمرّ بمرحلة انتقالية نحو التقنين (الأردن، المغرب، عُمان). هذا التباين لا يؤثر فقط على قدرة الأفراد والشركات على التداول والاستثمار، بل يرسم أيضًا مسارات السيولة، وتوافر الخدمات، وشروط الامتثال (AML/CFT) في كل سوق عربي، ويؤدي عمليًا إلى فروقات ملحوظة في اسعار العملات الرقميه بين المنصات والولايات القضائية.
تضغط المعايير الدولية لمجموعة العمل المالي FATF—خصوصًا “قاعدة السفر” الخاصة بمزودي خدمات الأصول الافتراضية (VASPs)—على الدول لتبنّي تراخيص ورقابة صارمة، مع توصيات حديثة في 2025 لاعتبارات خاصة بالعملات المستقرة والتعامل مع مزودي الخدمات خارج الحدود.
الإمارات العربية المتحدة
تتبنّى الإمارات نهجًا متعدّد الجهات: هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي VARA أصدرت دفاتر قواعد شاملة لأنشطة التبادل، الحفظ، التسويق، الرموز، وغيرها؛ مع فترة انتقالية انتهت منتصف 2024 لضمان التوافق الكامل. كما أبرمت VARA والهيئة الأوراق المالية والسلع SCA إطار تعاون لتنسيق الرقابة الاتحادية والمحلية. في أبوظبي، حدّثت سلطة تنظيم الخدمات المالية في سوق أبوظبي العالمي (FSRA/ADGM) قواعد الأصول الافتراضية في يونيو 2025 (ومشاورات إضافية حول “العملات المرجعية على فيات” في سبتمبر 2025). على صعيد البنية المالية، أصدر المصرف المركزي لعام 2024 “لائحة خدمات رموز الدفع” التي تنظّم مُصدّري وخدمات العملات المستقرة/المدفوعات، فيما أعفت الإمارات—اعتبارًا من 15 نوفمبر 2024—معظم معاملات الأصول الافتراضية من ضريبة القيمة المضافة، ما يدعم جاذبية السوق. أثر ذلك: بيئة ترخيص واضحة، قابلية عقد شراكات مصرفية، وحوافز ضريبية تحسّن اقتصاديات التشغيل للبورصات والأمناء والكيانات المؤسسية.
البحرين
يُعدّ مصرف البحرين المركزي (CBB) من الأوائل إقليميًا بإطار “الأصول المشفرة” في دليل القواعد (Modules)، مع سجلّ مزودي خدمات مرخّصين يضم فئات وساطة وحفظ وتبادل. الأثر: سهولة تأسيس كيانات إقليمية، بوابات إيداع/سحب قانونية، وانفتاح نسبي على الابتكار تحت رقابة مصرفية.
المملكة العربية السعودية
لا يزال النهج السعودي حذرًا: تحذيرات رسمية منذ 2018 من التعامل بـ“العملات الافتراضية”، مع غياب ترخيص للتداول العام حتى تاريخه، بالتوازي مع تجارب سيادية على مستوى البنية (CBDC ومشروعات تسوية عابرة للحدود مثل mBridge). النتيجة: نشاط مؤسسي محدود محليًا وتحوّل المستخدمين إلى قنوات خارجية أو تجارب “سوق تجريبية” تحت مظلّة “فينتك السعودية”.
قطر
يُحظر على كيانات “مركز قطر المالي” (QFC) تقديم خدمات الأصول المشفرة للجمهور منذ 2020، مع اتّجاه جديد في 2025 لإطار “الأصول الرقمية” يركّز على التوكننة والبنية المؤسسية أكثر من تداول العملات المشفّرة التقليدية. الأثر: دفع مشاريع التوكننة المؤسسية مع استمرار تقييد التداول التجزئي.
الكويت
أقرت هيئة أسواق المال (CMA) في 17 يوليو 2023 “حظرًا مطلقًا” على المدفوعات، الاستثمار، والتعدين، مع تشديد الإجراءات في 2025 على أنشطة التعدين غير القانونية بسبب ضغط الطاقة. الأثر: غياب بورصات محلية مرخّصة ومخاطر جزاءات على الأنشطة غير المتوافقة.
عُمان
تعمل الجهة التنظيمية المُعاد تسميتها لاحقًا “هيئة الخدمات المالية” (FSA، بدلًا من هيئة سوق المال CMA) على إطار شامل للأصول الافتراضية؛ وقد بدأت منذ 2023 بربط التسجيل الأولي لمزودي الخدمات بمتطلبات AML/CFT بانتظار الإطار الترخيصي الكامل. الأثر: سوق انتقالي يُهيّئ للترخيص مع اشتراطات امتثال مبكرة.
مصر
يحظر قانون البنك المركزي والقطاع المصرفي رقم 194 لسنة 2020 إصدار أو تداول أو ترويج العملات المشفرة أو تشغيل منصاتها دون ترخيص مسبق من “المركزي المصري”، مع تأكيدات لاحقة بعدم منح أي تراخيص حتى الآن وتحذيرات مكرّرة في 2023. الأثر: نشاط تجزئي ينتقل إلى قنوات خارجية/غير رسمية ومخاطر قانونية محلية.
الأردن
تحوّل جوهري في 2025 مع صدور “قانون تنظيم التعامل بالأصول الافتراضية رقم (14) لسنة 2025”، الذي يُلزم بترخيص مزوّدي الخدمات لدى هيئة الأوراق المالية ويمنح إطارًا واضحًا للتشغيل، على أن يدخل حيّز النفاذ بعد 90 يومًا من نشره. الأثر: فتح الباب أمام بورصات وخدمات حافظة مرخّصة محليًا مع تطبيق صارم لمتطلبات الامتثال و“قاعدة السفر”.
المغرب
لا يزال الحظر الصادر من “مكتب الصرف” منذ 2017 قائمًا، إلا أن بنك المغرب أعلن أواخر 2024–2025 الانتهاء من مسودة قانون لتنظيم الأصول المشفرة، قيد الاعتماد لدى وزارة المالية، مع نقاش موازٍ حول عملة رقمية للبنك المركزي (CBDC). الأثر: سوق غير رسمي اليوم، واحتمال انتقال إلى تقنين مرخّص قريبًا حال اعتماد القانون.
تونس
تشهد البلاد حظرًا وتشددًا منذ 2018 على التعامل بالعملات المشفرة، مع تقارير متفرقة عن تجريم الأنشطة المرتبطة، ما يحدّ من أي نشاط رسمي واسع. الأثر: اعتماد محدود على قنوات خارجية/شبه غير رسمية ومخاطر قانونية.
الجزائر
تصعيد تنظيمي في يوليو 2025: إلى جانب حظر 2018، أقرّت الجزائر قانونًا جديدًا (رقم 25-10) يجرّم الملكية والاستخدام والتعدين والترويج وتشغيل المحافظ/البورصات، مع عقوبات بالحبس والغرامة. الأثر: إغلاق تام للسوق المحلية الرسمية وغير الرسمية مع مخاطر جنائية واضحة.
لبنان
موقف “رمادي”: يحظر مصرف لبنان على المصارف ومؤسسات مالية التعامل مع الأصول المشفرة، لكن تداولات الأفراد تتم غالبًا عبر أسواق خارجية أو قنوات OTC دون إطار ترخيص محلي أو حماية مستهلك. الأثر: سيولة موازية تعتمد على عملات مستقرة (مثل USDT) مع مخاطر امتثال واحتيال أعلى.
عام 2025 مفصليّ للمنطقة العربية: الإمارات والبحرين تُرسِّخان أطرًا تنظيمية تجعل المنطقة وجهة مفضّلة للمؤسسات، قطر تدفع التوكننة ضمن بيئة مُقيِّدة للكريبتو التقليدي، السعودية توازن بين التحذير والابتكار السيادي، الأردن يفتتح مسارًا مُنظمًا بعد سنوات من الحظر العملي، المغرب على أعتاب قانون جديد، فيما تواصل مصر نهج “الترخيص أولًا” دون منح تراخيص، وتشتدّ قبضة الحظر في الجزائر والكويت وتونس. بالنسبة للمتعاملين، فإن اختيار الولاية القضائية المناسبة، والعمل عبر مقدمي خدمات مرخّصين، والالتزام الصارم بالمعايير الدولية هي مفاتيح خفض المخاطر وتعظيم فرص الاستفادة من ثورة الأصول الرقمية في العالم العربي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-09-2025 06:10 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |