23-09-2025 09:16 AM
بقلم : الإعلامي الدكتور محمد العشي
في الأردن، كما في كل مجتمع نابض بالحياة، هناك دائمًا بصيص من الأمل يسطع حتى في أصعب الظروف. بين الشوارع المزدحمة، وبين البيوت البسيطة، وبين المؤسسات والمبادرات الشبابية، نجد قصصًا تلهم، وتذكرنا بأن الإنسان قادر على صناعة الفرق مهما كانت الصعوبات. في كل زاوية، هناك من يسعى لإحداث تغيير، لمنح حياة أفضل للآخرين، ولزرع التفاؤل في النفوس. وبينما تتسارع الحياة، يظل الأمل هو الشعاع الذي يربط بين القلوب، ويخلق دفءً إنسانيًا نحتاجه جميعًا.
الشباب الأردني، على وجه الخصوص، أظهر قدرة استثنائية على الابتكار والتفاني. من مشاريع تعليمية تهدف إلى دعم الأطفال المحتاجين، إلى مبادرات بيئية تعيد الحياة للأماكن العامة، إلى حملات تطوعية لتوفير الغذاء والدواء للفقراء والمسنين، نرى روح الإبداع والعمل الصالح تتجسد في أفعالهم اليومية. هؤلاء الشباب، الذين لم يدعوا صعوبات الحياة توقفهم، يجعلون من كل تحدٍ فرصة، ومن كل فكرة صغيرة إنجازًا ملموسًا يترك أثره على المجتمع.
وليس فقط الشباب هم من يصنع الأمل، فالأسر الأردنية، بمعناها الأوسع، تلعب دورًا حيويًا في نقل قيم التضامن والمحبة والتعاون. الأم التي تشجع ابنها على الابتكار، الأب الذي يشارك ابنته رحلة تعلم جديدة، الجار الذي يقدم يد العون لأقربائه والمجتمع، كل هذه اللمسات الصغيرة تخلق شعورًا بالدفء والانتماء. إنها اللحظات اليومية، الابتسامة الصادقة، والكلمة الطيبة التي تجعل المجتمع أقوى وأكثر ترابطًا.
والأمل لا يقتصر على المبادرات الفردية فحسب، بل يمتد ليشمل تأثير هذه الجهود على المجتمع ككل. فمشروع صغير لتعليم الأطفال في إحدى قرى الأردن يمكن أن يلهم مدارس ومؤسسات أخرى لتبني فكرة مشابهة، فتتوسع دائرة التأثير الإيجابي تدريجيًا. وهنا تكمن قوة العمل الصالح: أنه يبدأ بخطوة صغيرة، لكن أثره يمتد بعيدًا، يخلق سلسلة من التغيير، ويزرع الثقة بأن التقدم ممكن، وأن كل شخص لديه القدرة على أن يكون سببًا في تحسين حياة الآخرين.
وفي هذا السياق، يبرز دور المنظمات والمجتمع المدني في الأردن، التي تدعم المبادرات الشبابية وتوفر المساحات للتعلم والتجربة، وتساهم في رفع الوعي الاجتماعي. التعليم والتدريب والتوجيه المستمر، إضافة إلى الدعم النفسي والمعنوي، يساعد الشباب على تحويل أفكارهم إلى مشاريع ملموسة تخدم المجتمع، وتعزز من قيم التعاون والانتماء، وتزرع روح المسؤولية الاجتماعية منذ الصغر.
ولا يمكننا أن نغفل أهمية القيم الدينية والاجتماعية التي ربطت الأردنيين ببعضهم، وجعلتهم نموذجًا للترابط والتكافل. فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، وهي عبارة تلخص جوهر التلاحم الاجتماعي، وتذكرنا بأن العمل من أجل الآخرين ليس مجرد واجب، بل شرف ومسؤولية. في كل مبادرة صغيرة، وفي كل ابتسامة صادقة، نجد هذا المعنى يتحقق، ويجعل الأمل واقعًا ملموسًا يلمس كل فرد في المجتمع.
وفي الختام، علينا أن ندرك أن كل فعل إيجابي، مهما كان بسيطًا، يترك أثره. كل خطوة نحو تعليم طفل، أو تقديم دعم لجار محتاج، أو الإسهام في مشروع مجتمعي، هي بصمة لا تُمحى. الأمل يصنعه كل منا يوميًا من خلال اهتمامه بالآخرين، من خلال مشاركته الإيجابية، ومن خلال حفاظه على روح التعاون والمحبة في كل جانب من جوانب الحياة. فلتكن رسالتنا واضحة: كل واحد منا قادر على أن يكون شعاع نور في حياة الآخرين، وكل لحظة نقضيها في نشر الخير تمنح المجتمع دفءً وروحًا نابضة بالأمل.
دعونا نحتضن الأمل الذي زرعناه في قلوبنا، فهو نور يضيء دروبنا ويمنح حياتنا معنى. الأمل يكبر مع كل فعل طيب، ومع كل ابتسامة صادقة، ومع كل لحظة نشارك فيها الآخرين دفء قلوبنا. من الأمل نستمد القوة لنواجه التحديات، ومنه نحتضن من نحب ونعطيهم الوقت والانتباه الذي يستحقونه، فالأمل حياة تتجدد بكل لحظة، ويصبح رابطًا يقوي القلوب، ويغرس التفاؤل في النفوس، ويجعل كل يوم فرصة جديدة للخير والعطاء. فلنحمل الأمل معنا، ونزرعه في من حولنا، فبه نعيش، وبسببه نبتسم، ومن خلاله نصنع مجتمعًا أقوى وأكثر دفئًا وإنسانية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-09-2025 09:16 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |