حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,18 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3264

د. فؤاد كريشان يكتب: الجامعات والتشبيك مع قطاع الأعمال: دروس عالمية وفرص أردنية

د. فؤاد كريشان يكتب: الجامعات والتشبيك مع قطاع الأعمال: دروس عالمية وفرص أردنية

د. فؤاد كريشان يكتب: الجامعات والتشبيك مع قطاع الأعمال: دروس عالمية وفرص أردنية

18-09-2025 10:05 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. فؤاد كريشان
في زمن لم تعد فيه الجامعات مجرد قاعات تدريس، بل محركات للتنمية والابتكار، تبرز الحاجة الملحّة لمد الجسور بين الجامعت وقطاع الأعمال. وانطلاقا من رؤية التحديث الاقتصادي الداعية الى ضرورة تعزيز الشراكة بين قطاع التعليم والاعمال، تبرز الحاجة إلى الاستفادة من التجارب العالمية، وبنفس الوقت تتناسب مع خصوصية الاقتصاد الأردني. حيث يعتمد الاقتصاد المحلي بشكل كبيرعلى قطاعي الخدمات والتحويلات المالية، إضافة إلى الدورالمحوري لقطاعات تكنولوجيا المعلومات والسياحة والصناعات عالية القيمة كقاطرة للنمو. وفي المقابل يتميز قطاع الاعمال بهيمنة الشركات الصغيرة والمتوسطة، اذ تشكل اكثر من 95% من الشركات المسجلة محليا، وهوما يفرض على الجامعات ضرورة تصميم شراكات مرنة وقابلة للتطبيق، تركّزعلى الابتكاروريادة الأعمال وتطويرالمهارات التي يحتاجها سوق العمل المحلي والإقليمي.
تشير تجارب العديد من الجامعات في العالم الى أن الشراكة مع الجامعات والقطاع الخاص لها اشكال وصور مختلفة وذلك حسب طبيعة الاطراف المشاركة ومصالحها، وفيما يلي نشير الى أهم ما يمكن الاستفادة منه من تجارب وخبرات بعض الدول المتقدمة لبناء شراكات فعالة مع قطاع الاعمال:
أولا: سعت الجامعات في الدول المتقدمة الى تحسين وتطويرمخرجاتها، وذلك بما يتناسب مع خصائص ومتطلبات الجامعة، وطبيعة القطاع الخاص والمجتمع فيها. ففي حالة الاردن، فإن إجراء مسح شامل للإمكانيات المتاحة للجامعات (موارد بشرية، أصول، بنية تحتية) سيكون مدخلاً اساسيا لوضع تصور شامل للتشبيك مع قطاع الاعمال، خاصة في القطاعات التي تمتلك فيها الأردن مزايا نسبية (حسب المنطقة الجغرافية) مثل: الصناعات الدوائية، الزراعة والأمن الغذائي، الطاقة المتجددة، تكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية. الجامعة ليست فقط مؤسسة تعليمية، بل هي أيضاً مؤسسة تمتلك موارد بشرية عالية الكفاءة، وبنية تحتية واسعة (مختبرات، مراكز أبحاث، أراضٍ، مبانٍ، مرافق تقنية) وهذه جميعها يمكن أن تتحول إلى أصول إنتاجية واستثمارية إذا أُحسن توظيفها. حيث أنشأت جامعة كامبريدج (UK) Cambridge Science Park على أراضٍ تابعة لها، وأصبحت أحد أكبر مجمعات التكنولوجيا في أوروبا.

ثانيا: أنشأت العديد من الجامعات حول العالم حاضنات الاعمال ومراكز الابتكار، التي ساهمت في اطلاق شركات عملاقة. وفي الاردن يمكن للجامعات الاردنية أن تعززمراكز الابتكار القائمة لديها، او أنشائها في حال عدم وجودها، لتكون حلقة وصل مباشرة بين الجامعات والقطاعات الاقتصادية الاساسية في محيطها والتي تختلف من جامعة الى أخرى.
ثالثا: برامج التدريب العملي والتعاوني، تعد برامج التدريب العملي ركيزة اساسية في العديد من الجامعات العالمية، حيث يقضي الطالب فصلاً دراسياً كاملا او اكثرً في بيئة العمل. أن تطبيق نموذج مشابه في الاردن سيسهم في سد الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل في كافة القطاعات الاقتصادية.
رابعاً: العديد من الجامعات العالمية تشرك خبراء الصناعة والاعمال في صياغة وتطوير برامجها الاكاديمية كوسيلة للتشبيك مع قطاع الاعمال، وذلك من خلال انشاء المجالس الاستشارية. في الأردن أيضا يمكن للجامعات الأردنية تشكيل مجالس استشارية من رجال الأعمال وممثلي القطاع الاعمال والخبراء، لتكون نواة الشراكة مع قطاع الاعمال، بشرط ان تكون هذه المجالس فعالة وتمتلك قنوات يمكن من خلالها عكس توصياتها في البرامج الأكاديمية والبحث العلمي.
خامسا: البحث العلمي التطبيقي، حيث يتم تمويل الأبحاث بالشراكة مع الشركات لحل مشكلات عملية يعاني منها قطاع الاعمال. وقد سعت العديد من الجامعات في الاردن لتطبيق هذا النموذج لتعزيز قدرة الجامعات على المساهمة في تطوير قطاعات الاقصادية الهامة مثل الصناعات الدوائية والتعدين والطاقة الشمسية، وهي من القطاعات التي تمتلك فيها المملكة ميزات تنافسية. ويمكن للجامعات أيضا ربط مشاريع التخرج أو الرسائل الجامعية مع قطاع الاعمال لتناول قضايا تهم قطاع الاعمال ويسعى لحلها لتعزيز بيئة الابحاث التطبيقية.
سادسا: العديد من الجامعات في العالم تمتلك مكاتب متخصصة لنفل التكنولوجيا ومنصات التشبيك مع قطاع الاعمال. ان تأسيس أو تفعيل هذه المكاتب في الاردن سيشكل أداة مهمة لتسويق الأبحاث التطبيقية وربطها بالقطاع الصناعي الأردني، خاصة مع وجود فرص دعم من المؤسسات الحكومية والداعمين الدوليين.
سابعا: العقود والخدمات الاستشارية، وهي عقود تعاونية بين أعضاء هيئة التدريس والقطاعات الاقتصادية او الشركات ذات العلاقة، حيث يتيح التعاون بين اعضاء هيئة التدريس والشركات لتحقيق أهداف البحث المشتركة. ومن الامثلة على ذلك يتولى مكتب العقود للمشاريع المدعومةOffice of Sponsored Projects في جامعة ييل ( (USA مسؤولية التفاوض وتنفيذ ومراجعة العقود مع الشركات الحكومية و قطاع الاعمال، بالاضافة الى توقيع الاتفاقيات مع المؤسسات غير الربحية.

وفي الختام، المعادلة واضحة: إذا امتلكت الجامعات الرؤية الواضحة والقطاع الخاص الإرادة الحقيقية، فإن الأردن قادر أن يحوّل التحديات إلى فرص، ويضع الجامعات في قلب معادلة النمو الاقتصادي.

د. فؤاد كريشان/ استاذ الاقتصاد المشارك/ الجامعة الاردنية











طباعة
  • المشاهدات: 3264
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-09-2025 10:05 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم