حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,18 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5529

د. جاسر عبدالرزاق النسور يكتب: بنيران صديقة .. انتقادات حادة لأداء رؤساء الحكومات

د. جاسر عبدالرزاق النسور يكتب: بنيران صديقة .. انتقادات حادة لأداء رؤساء الحكومات

د. جاسر عبدالرزاق النسور يكتب:  بنيران صديقة  ..  انتقادات حادة لأداء رؤساء الحكومات

17-09-2025 02:21 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور جاسر عبدالرزاق النسور
في ظهوره عبر برنامج نيران صديقة، قدّم الصحفي طرحًا صادمًا للرأي العام حين هاجم رؤساء الحكومات السابقة محمّلًا إياهم كامل مسؤولية الدين العام وتباطؤ النمو الاقتصادي.
لكن هذا الطرح، وإن بدا جذابًا في العناوين، إلا أنه يفتقر إلى الدقة، العمق، والإنصاف، لأنه يغفل حقائق جوهرية:
1. تجاهل الظروف الموضوعية لكل مرحلة
* الأزمة المالية العالمية 2008–2009: عصفت بالاقتصاد العالمي، وأدت إلى انكماش اقتصادي حاد في أغلب الدول. هل كانت الحكومة الأردنية حينها قادرة على منع ارتداداته؟
* الربيع العربي 2011 وما بعده: انعكس مباشرة على تراجع المساعدات، هروب الاستثمارات، وتزايد الضغوط الداخلية. أي حكومة في تلك الفترة كانت تقاتل للحفاظ على الاستقرار.
*أزمة الطاقة وانقطاع الغاز المصري: أجبرت الأردن على استيراد الوقود بأسعار مضاعفة، مما فاقم العجز والدين. هل هذا خيار ذاتي أم ظرف قاهر؟
* جائحة كورونا: أغلقت اقتصادات كبرى، فكيف نتصور أن اقتصادًا صغيرًا مفتوحًا مثل الأردن لا يتأثر؟
*حرب غزة : أثقلت كاهل الاقتصاد الأردني عبر تراجع السياحة ضعف التجارة ، انخفاض الاستثمار وزيادة الأعباء المالية ، لكنها في المقابل عززت الدور الأردني السياسي والإنساني في القضية الفلسطينية.
*حرب روسيا وأوكرانيا: إن حرب روسيا وأوكرانيا ظهر بوضوح في ارتفاع أسعار القمح والحبوب والطاقة بحكم اعتماد الأردن على الاستيراد مما زاد من أعباء الموازنة ورفع كلفة المعيشة على المواطن كما تراجعت حركة السياحة والاستثمار بسبب اضطراب الأسواق العالمية. إذن، كل حكومة جاءت في ظروف استثنائية مختلفة. الحكم عليها وكأنها في “بيئة مثالية ومستقلة” هو تضليل صريح.
2. الدين العام: تراكم لا قرار فردي وهو بتزايد مستمر ولن ينخفض بسبب الظروف السياسية والواقع الحاضر في المنطقة وعليه فإن رئيس الحكومة الحالي سيذهب الى الإقتراض وهكذا دواليك .
الدين العام الأردني لم يولد في سنة واحدة أو في عهد رئيس وزراء بعينه بل هو نتيجة تراكمات ظروف قاسية منذ عقود مضت، بسبب: الاعتماد الكبير على المساعدات الخارجية وكلفة فاتورة الطاقة المستوردة ضغوط اللاجئين(العراقيين و السوريين) وتقلبات الأسواق العالمية
تحميل حكومة واحدة أو رئيس وزراء واحد هذه التراكمات هو إلغاء للمنطق الاقتصادي وعمق التحليل .
3. تغييب الإنجازات الحكومات .
الاقتصاد الأردني رغم ضعفه وصغره واجه أزمات متلاحقة، ومع ذلك: حافظ على استقرار الدينار وقوة البنك المركزي واستمر في جذب منح وقروض ميسرة أنقذت المالية العامة
وأنجز مشاريع كبرى في البنية التحتية والطاقة المتجددة وبقي آمنًا ومستقرًا وسط إقليم ينهار فيه الاقتصاد والسياسة معًا.
الصحفي تجاهل هذه الحقائق وركز على جلد الحكومات، وكأنها لم تفعل شيئًا سوى مراكمة الدين العام !
4. خطاب أقرب إلى التسييس من التحليل
التحليل الاقتصادي المحترف يجب أن يوازن بين الأرقام والظروف. لكن لغة “التجريم الشامل” التي استخدمها الصحفي أقرب إلى خطاب سياسي يسعى إلى الإثارة وجذب الانتباه، لا إلى تشخيص واقعي دقيق.
إن تصريحات الصحفي حول الدين العام والنمو الاقتصادي مضللة وانتقائية، لأنها:
تجاهلت الظروف العالمية والإقليمية التي كبّلت كل حكومة وحمّلت رؤساء الحكومات وزر تراكمات ممتدة لعقود وأغفلت الإنجازات التي تحققت رغم التحديات.
فالنقد النزيه هو الذي يضع كل قرار في سياقه، لا أن يُلقي تهمًا عشوائية تُشوّه صورة الماضي وتزرع اليأس في الحاضر والخوف من المستقبل .
فمن يتابع الصحفي على مدى عقدين مضت يكتشف بسهولة حالة التناقض الصارخة في خطابه الاقتصادي وتحليلاته . ففي مقالاته السابقة خاصة في بعض الصُحف اليومية وعلى شاشات التلفاز كان يتحدث وكأنه المتحدث الرسمي باسم الحكومات، يصف رؤساء الوزراء بالناجحين، ويعتبر مؤشرات النمو إيجابية” وممتازة ، ويردد مقولة أن “ الدنيا بخير”. بل كان يذهب إلى أبعد من ذلك في التبشير بأن الاقتصاد يسير في الاتجاه الصحيح وهذا ما تنتماه ، وأن الإنجازات المتحققة كفيلة بإقناع المواطن بجدوى السياسات الاقتصادية الحكومية.
لكن ما نقرأه اليوم في مقالاته اليومية يختلف جذريًا. فجأة، لم يعد هناك إنجازات ولا نجاحات. والخطاب انقلب رأسًا على عقب فالتضخم ينهش جيوب الناس، الدين العام يتفاقم والسياسات المالية فاشلة، والحكومات عاجزة عن إدارة أبسط الملفات الاقتصادية نفس الأرقام التي كان يصفها بالأمس بأنها دليل “انتعاش”، أصبحت لديه اليوم شواهد انهيار. ونفس الوزراء الذين مدحهم سابقًا، يضعهم الآن في مرمى النقد والاتهام بالتقصير وسوء الإدارة.
المفارقة أنّ الصحافة الاقتصادية الحقيقية لا تُبنى على هذه الازدواجية؛ فمن يرفع الحكومات بالأمس إلى مرتبة الإنجاز، ثم ينقلب عليها اليوم بحجة النقد، يفقد المصداقية المهنية. فالاقتصاد ليس ميدانًا للتلميع حينًا وللتجريح حينًا آخر، بل هو منظومة أرقام ومعطيات تحتاج لتحليل ثابت وموضوعي.
إنّ ما تحدث به الصحفي في “نيران صديقة” من مديح مبالغ فيه، وما يكتبه اليوم من نقد جارح، يقدمان صورة واحدة: خطاب انتقائي يخضع للظرف والمرحلة أكثر مما يعكس حقيقة الواقع. وبين “الدنيا بخير” و”الاقتصاد ينهار”، ضاعت الثقة بقراءة كان يفترض أن تكون مرجعًا للمواطن الباحث عن الحقيقة، لا أداة لتزيين السياسات أو تصفيتها.
وفي هذا التوقيت الحساس يتحول الخطاب إلى منح صكوك غفران وحسن سلوك لبعض رؤساء الحكومات وكأن القصور لم يكن حاضراً في سنواتهم.
سيبقى الوطن راسخاً في نزاهته وشامخاً بقيادته وشعبه .. حمى الله الأردن وقيادته الهاشمية.

الدكتور : جاسر عبدالرزاق النسور
دكتور الإدارة الاستراتيجية وتقييم الأداء المؤسسي











طباعة
  • المشاهدات: 5529
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
17-09-2025 02:21 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم