حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,15 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6644

المجالي يكتب: "إسرائيل" بين وهم التوسع وحقيقة الانهيار: قراءة في استطلاعين للرأي تكشف مأزق المشروع الصهيوني

المجالي يكتب: "إسرائيل" بين وهم التوسع وحقيقة الانهيار: قراءة في استطلاعين للرأي تكشف مأزق المشروع الصهيوني

المجالي يكتب: "إسرائيل" بين وهم التوسع وحقيقة الانهيار: قراءة في استطلاعين للرأي تكشف مأزق المشروع الصهيوني

15-09-2025 08:26 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زياد فرحان المجالي
مقدمة: التناقض الذي لا يُخفى
في لحظة تاريخية مشبعة بالحروب والمفاجآت، تكشف استطلاعات الرأي داخل إسرائيل عن صورتين متناقضتين ظاهريًا، لكنهما في العمق وجهان لعملة واحدة.
الصورة الأولى سياسية ــ استراتيجية: أغلبية الإسرائيليين تقول بوضوح إنها لا تريد ضم الضفة الغربية ولا احتلال غزة، وإنها تميل إلى خطة أميركية جديدة تَعِدُ بالتطبيع والأمن عبر التحالف مع العرب.
أما الصورة الثانية فهي اجتماعية ــ اقتصادية: القطاع الثالث في إسرائيل، الذي يُفترض أنه "شبكة الأمان" للمجتمع، ينهار تحت الضغط، ويستغيث أمام حكومة غائبة، فيما أرق الإنهاك النفسي والعجز عن تلبية احتياجات الناس يعلو فوق كل خطاب سياسي.
بين الطموح السياسي المهووس بالهيمنة، والانكشاف الاجتماعي الذي ينذر بالانهيار، تكمن حقيقة الأزمة الصهيونية: كيان يبحث عن شرعية وجوده في الخارج بينما يتآكل داخليًا.
الفصل الأول: استطلاع الضم وخطة ترامب – بين رفض المغامرة والبحث عن مخرج
الاستطلاع الأول أجرته مؤسسة iPanel ونُشر في موقع "واللا"، ونتائجه صادمة لمن يتابع خطاب الحكومة الإسرائيلية:
78% من الإسرائيليين يؤيدون خطة ترامب التي تتضمن وقف الحرب، إعادة الأسرى، نزع سلاح حماس، التطبيع مع السعودية، والانفصال عن الفلسطينيين.
الغالبية الساحقة ترى أن ضم الضفة الغربية أو فرض السيادة الأحادية خطوة خطيرة ستفجّر العلاقات مع العرب وتهدد اتفاقات أبراهام.
57% يخشون أن يؤدي احتلال غزة إلى خسارة ما تبقى من "السلام الإقليمي".
هذه النتائج تكشف أن الجمهور الإسرائيلي، رغم خطابه اليميني في الإعلام، يدرك حدود قوته. فالتجربة منذ السابع من أكتوبر أثبتت أن القوة العسكرية لا تكفي وحدها، وأن أي خطوة متهورة قد تفجر المنطقة وتُفقد إسرائيل مكتسباتها مع الخليج.
إذن، الإسرائيلي العادي لا يثق بقدرة حكومته على إدارة "حلم إسرائيل الكبرى"، بل يبحث عن "مخرج أميركي" يعفيه من كلفة الحرب. وهنا يظهر ترامب بصفته الضامن، لا لحقوق الفلسطينيين، بل لمعادلة تبقي إسرائيل في حالة "إدارة صراع" دون حسم.
الفصل الثاني: استطلاع القطاع الثالث – الإنهاك الاجتماعي تحت الرماد
الاستطلاع الثاني، أيضًا عبر "واللا"، جاء من داخل المجتمع المدني. نتائجه ترسم صورة أكثر قتامة:
60% من المنظمات تعاني ضغطًا غير مسبوق.
56% يواجهون إنهاكًا نفسيًا شديدًا.
42% غير قادرين على تجنيد مختصين في العلاج النفسي والاجتماعي.
87% يعتمدون على التبرعات، معظمها من الخارج.
41% يشتكون من بيروقراطية حكومية تعيق التنسيق والدعم.
هذا يعني أن المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة "انفجار صامت": حرب تستنزف الموارد، أسر تعيش على الإعانات، وأعياد دينية تتحول إلى عبء على آلاف العائلات التي لم تعد قادرة على تأمين أبسط احتياجاتها.
وبينما يفاخر نتنياهو وحكومته بالضربات الجوية والمناورات السياسية، تنهار تحت أقدامهم القاعدة الاجتماعية التي يفترض أن تحمي "الجبهة الداخلية".
الفصل الثالث: التحليل النفسي للحركة الصهيونية – بين عقدة القوة وشبح الانهيار
هنا يظهر جوهر المأزق الصهيوني: حركة تأسست على فكرة "الاستثنائية" وأنها قادرة على إخضاع محيطها بالقوة والدعم الخارجي، لكنها تعيش منذ ولادتها تحت هاجسين متناقضين:
1. هاجس القوة والسيطرة: السعي إلى التوسع الجغرافي، فرض السيادة، إخضاع الفلسطينيين، وتطويع العرب عبر بوابة التطبيع.
2. هاجس الانهيار والخوف الداخلي: القلق من الهجرة العكسية، من الفجوات الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء، من التفتت بين العلمانيين والمتدينين، ومن صورة جيش "لا يُقهر" وهو يُستنزف أمام مقاومة صغيرة.
هذا التناقض النفسي يولّد سياسات متخبطة: حكومة تسير نحو مغامرات عسكرية، بينما جمهورها يريد حلولًا أميركية ودعمًا اجتماعيًا. النخبة الحاكمة تحلم بإسرائيل الكبرى، فيما المجتمع ينهار تحت ثقل الأزمات.
الحركة الصهيونية، بهذا المعنى، تشبه مريضًا يحقن نفسه بالمنشطات ليظهر قويًا أمام الآخرين، بينما أعضاؤه الداخلية تنهار تدريجيًا.
الفصل الرابع: التوجه العربي – بين الغياب والفرصة
السؤال هنا: أين الموقف العربي من هذه التناقضات؟
إذا كانت إسرائيل نفسها تخشى ضم الضفة، فهذه فرصة لتثبيت الرواية العربية في المحافل الدولية.
إذا كان مجتمعها الداخلي ينهار، فهذه لحظة للتأكيد أن الاحتلال لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.
إذا كانت تل أبيب تبحث عن ضمانة أميركية، فهذه إشارة إلى أن قوتها ذاتية محدودة، وأنها كيان يعتمد على "أوكسيجين" خارجي.
لكن المؤسف أن الموقف العربي غالبًا ما يكتفي بدور المتفرج أو الوسيط. بينما المطلوب هو بناء مشروع عربي يستثمر في كشف هذه الهشاشة الصهيونية، ويحوّلها إلى ورقة ضغط سياسية واقتصادية وإعلامية.
الغالب هو الله
تُظهر الاستطلاعات أن إسرائيل ليست كتلة صلبة كما تحاول أن تبدو، بل هي خليط من المخاوف والرهانات المتناقضة.
سياسيًا: تبحث عن مظلة أميركية.
اجتماعيًا: تنهار بنيتها الداخلية.
نفسيًا: تعيش بين هوس القوة وشبح الزوال.
وهنا يجب أن نتذكر الحقيقة الكبرى:
> "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ."
مهما حاول المشروع الصهيوني أن يُجمّل صورته أو يفرض نفسه بالقوة، فإن التناقضات التي تآكل داخله، ومعها إرادة الشعوب، ومعها وعد الله، كلها تؤكد أن الغلبة ليست لهم. الغالب هو الله.











طباعة
  • المشاهدات: 6644
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
15-09-2025 08:26 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم