14-09-2025 03:49 PM
بقلم : الدكتور المحامي يزن سليم عناب
احتل الذهب مكانة خاصة على مر العصور، كملاذ آمن يلجأ إليه الناس في أوقات الأزمات. ورغم التطورات الاقتصادية والمالية الهائلة، يبقى هذا المعدن النفيس رمزًا لحماية المدخرات من تقلبات الأسواق وانهيار العملات. إلا أن أسعار الذهب لا تتحرك بمعزل عن الظروف الاقتصادية، بل تتأثر بشكل كبير بسياسات البنوك المركزية، خصوصًا قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المتعلقة بأسعار الفائدة.
عادةً ما تقلل الفائدة المرتفعة من جاذبية الذهب. فحين يرتفع العائد على السندات والودائع البنكية، يميل المستثمرون نحوها بحثًا عن دخل مضمون، بينما الذهب لا يولد أي عائد مباشر. كما أن رفع الفائدة يدعم قوة الدولار، وبما أن الذهب يُسعر بالدولار، فإن ارتفاع قيمة العملة الأمريكية يجعل الذهب أغلى للمستثمرين حول العالم، مما يخفّض الطلب عليه. بالمقابل، عند انخفاض الفائدة، تفقد الأصول ذات العائد الثابت جزءًا من جاذبيتها، فيتجه المستثمرون نحو الذهب، ويزيد ضعف الدولار من الطلب العالمي وارتفاع الأسعار.
فهناك العلاقة العكسية بين الذهب والفائدة: كلما ارتفعت الفائدة، ضعُف الذهب، وكلما انخفضت، ارتفع سعره. ومع ذلك، يظل الذهب أكثر من مجرد أداة مالية؛ فهو يحمل بعدًا نفسيًا هامًا، إذ يمنح شعورًا بالأمان والطمأنينة في أوقات الخوف وعدم اليقين، ما يجعله حاضرًا بقوة مهما تغيرت السياسات النقدية أو الظروف العالمية.
إن تأثير الذهب يتجاوز عالم السياسات النقدية البحتة، فالأزمات الجيوسياسية والحروب تلعب دورًا رئيسيًا في دفع الأسعار للصعود. عندما تزداد التوترات العسكرية أو يسود الغموض السياسي، يتجه المستثمرون مباشرةً نحو الذهب كملاذ آمن يحمي أصولهم من تقلبات الأسواق والعملات. باختصار، مع ارتفاع منسوب عدم اليقين عالميًا، الطلب على الذهب يرتفع بشكل ملحوظ، وهذا يدفع سعره للصعود حتى في ظل سياسات نقدية قد تكون غير داعمة أحيانًا. الذهب يبقى وسيلة للتحوّط وحفظ القيمة مهما تغيّرت الظروف المالية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-09-2025 03:49 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |