حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,13 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5332

عدوان قشمر نوفل يكتب: بين هتلر ونتنياهو: حين يعيد التاريخ نفسه بصورة أكثر مأساوية

عدوان قشمر نوفل يكتب: بين هتلر ونتنياهو: حين يعيد التاريخ نفسه بصورة أكثر مأساوية

عدوان قشمر نوفل يكتب: بين هتلر ونتنياهو: حين يعيد التاريخ نفسه بصورة أكثر مأساوية

13-09-2025 09:16 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الصيدلي عدوان قشمر نوفل
شهد العالم في القرن العشرين واحدة من أبشع المآسي الإنسانية حين أشعل أدولف هتلر حربًا عالمية أحرقت أوروبا وأزهقت أرواح الملايين. لم تكن تلك الحرب مواجهة بين جيوش فحسب، بل تحولت إلى آلة قتل جماعية طالت المدنيين والنساء والأطفال، ودمرت مدنًا بأكملها. ولم يكتفِ هتلر بفرض هيمنته بالنار والحديد، بل أرسى سياسة الإبادة العرقية، وأقام معسكرات الاعتقال التي ابتلعت الملايين.
أوروبا آنذاك غُمرت بالدمار: مدن سوّيت بالأرض، شعوب اقتُلعت من جذورها، وثقافة إنسانية كادت أن تُباد. النازية كانت مشروعًا يقوم على القوة الغاشمة، لا يعترف بقانون دولي ولا بحقوق إنسان، بل يبرر القتل باسم التفوق العرقي والسيطرة المطلقة.
واليوم، وبعد ثمانية عقود تقريبًا على نهاية الحرب العالمية الثانية، يجد العالم نفسه أمام مشهد يعيد التاريخ بصورة أكثر مأساوية. الضحية هذه المرة ليست شعوب أوروبا، بل غزة؛ والقائد الذي يقف خلف آلة الدمار ليس هتلر، بل بنيامين نتنياهو. فما يجري في غزة ليس مجرد "حرب"، بل إبادة جماعية مكتملة الأركان: قصف لا يتوقف يستهدف البيوت والمدارس والمستشفيات، حصار خانق يحرم الناس من الغذاء والدواء، وقتل ممنهج لآلاف المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء.
وجه الشبه بين الأمس واليوم صارخ. هتلر برر جرائمه بفكرة "التفوق العرقي"، ونتنياهو يبرر جرائمه بذريعة "الأمن" و"الدفاع عن النفس". كلاهما اختبأ وراء شعارات مضللة لإخفاء حقيقة أن الضحايا هم المدنيون العُزّل. هتلر دمّر أوروبا بحجة "المجال الحيوي"، ونتنياهو يدمّر غزة بذريعة "القضاء على المقاومة". في المحصلة، النتيجة واحدة: موت جماعي، خراب شامل، ومعاناة إنسانية تفوق الوصف.
الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وثّقت آلاف الانتهاكات التي تُصنّف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. لكن المجتمع الدولي يبدو عاجزًا أو متواطئًا، كما كان الحال مع صعود النازية قبل عقود. وكأن العالم لم يتعلم شيئًا من دروس الماضي، ولم يدرك أن التغاضي عن الجريمة يعني السماح لها بالتوسع والتكرار.
الفرق الوحيد بين الأمس واليوم أن العالم لم يعد يستطيع الادعاء بأنه "لم يكن يعلم". صور غزة تصل إلى كل بيت عبر الشاشات ومنصات الإعلام لحظة بلحظة. الدماء والأنقاض والوجوه المذعورة تبث على الهواء مباشرة، لتصبح الشهادة على الجريمة أوضح من أي وقت مضى. ومع ذلك، يبقى الموقف الدولي متراخيًا، متناقضًا، يرفع شعار حقوق الإنسان بيد ويمنح القتلة الغطاء السياسي باليد الأخرى.
غزة ليست مجرد مدينة محاصرة، بل اختبار لضمير العالم بأسره، تمامًا كما كانت النازية اختبارًا لأوروبا. والمأساة الحقيقية أن الشعارات التي ملأت قاعات الأمم المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، عن "عدم تكرار المذابح"، تتهاوى اليوم تحت ركام غزة.
خاتمة
التاريخ يعيد نفسه، لكن بصورة أكثر مأساوية. فالمجزرة هذه المرة لا تُرتكب في الخفاء ولا في معسكرات بعيدة، بل على الهواء مباشرة وأمام أنظار العالم. وإذا كان البعض قد برر صمته عن هتلر يومًا بالجهل أو العجز، فما عذر العالم اليوم وهو يرى غزة تُباد بالصوت والصورة؟ إن السكوت لم يعد تواطؤًا فقط، بل صار شراكة مباشرة في الجريمة.











طباعة
  • المشاهدات: 5332
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-09-2025 09:16 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم