حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,9 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 9084

عدوان نوفل يكتب: ليلة قلقيلية – 10 تشرين الأول 1956

عدوان نوفل يكتب: ليلة قلقيلية – 10 تشرين الأول 1956

 عدوان نوفل يكتب: ليلة قلقيلية – 10 تشرين الأول 1956

07-09-2025 04:02 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الصيدلي عدوان قشمر نوفل

في ليلة العاشر من تشرين الأول 1956، تحولت بلدة قلقيلية إلى رمز للبطولة والصمود. البلدة الصغيرة الواقعة على خط الهدنة منذ عام 1949، وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي المدجج بالدبابات والكتائب العسكرية. ما جرى في تلك الليلة لم يكن مجرد معركة عابرة، بل ملحمة مقاومة دفعت ثمنها دماء فلسطينية وأردنية امتزجت فوق أرض واحدة.
خلفية تاريخية
بعد توقيع اتفاقية الهدنة عام 1949، أصبحت قلقيلية تقع مباشرة على خط التماس مع إسرائيل.
البلدة عاشت سنوات من الحصار والتهديدات المتكررة، واعتبرتها القيادة الإسرائيلية نقطة تماس خطرة لا بد من إخضاعها.
في خريف عام 1956، وقبيل العدوان الثلاثي على مصر بأيام، قررت إسرائيل تنفيذ هجوم شامل على البلدة لإسكاتها وإسقاط مركزها الأمني.
بداية الهجوم
مع حلول الظلام مساء الأربعاء 10 تشرين الأول 1956، تحركت أرتال الجيش الإسرائيلي باتجاه قلقيلية:
أكثر من 600 جندي مشاة مدعومين بالدبابات.
الهدف المعلن: تدمير مركز الشرطة الكبير الذي كان يعتبر حصنًا للمقاومة.
الخطة: اجتياح شامل للبلدة، تدمير مواقعها الدفاعية، وتركها نموذجًا للردع.
لكن ما لم تحسب له القيادة الإسرائيلية هو أن البلدة لم تكن عزلاء.
المقاومة الشعبية والجيش الأردني
خرج أبناء قلقيلية من الأزقة حاملين بنادق قديمة.
الشيوخ والشباب والفلاحون تركوا مناجلهم ليلتحقوا بخط الدفاع.
انضم إليهم جنود من الجيش الأردني المتمركزين قرب البلدة، وقاتلوا معهم كتفًا بكتف.
كانت صرختهم واحدة: "لن تمروا."
مركز الشرطة… قلب الصمود
توجهت الدبابات مباشرة نحو مركز الشرطة الكبير.
تعرض المبنى لقصف مركز حتى انهارت جدرانه.
رغم ذلك، واصل المقاومون القتال من بين الركام.
تحوّل المركز إلى رمز للمقاومة، حيث صمد داخله حتى اللحظة الأخيرة:
الملازم أول محمود الفلاحات (من الجيش الأردني) استشهد وهو يقاتل داخله.
العشرات من أبناء البلدة سقطوا شهداء في محيطه.
معركة صوفين – نقطة التحول
في منطقة صوفين شمال قلقيلية بلغ الاشتباك ذروته:
التحمت القوات وجهًا لوجه.
سقط قائد الحملة الإسرائيلية، الجنرال بنحاس عفرون (وفق شهادات محلية) قتيلاً وسط المواجهة.
أحدث مقتله ارتباكًا في صفوف الجيش الإسرائيلي، لتبدأ القوات بالانسحاب تحت ضغط نيران المقاومين.
الخسائر والتضحيات
من الجانب الفلسطيني والأردني:
استشهاد نحو 70 من أبناء قلقيلية.
استشهاد 37 جنديًا أردنيًا قاتلوا ببسالة حتى النهاية.
من الجانب الإسرائيلي:
مقتل العشرات، بينهم قائد الحملة.
تدمير وإعطاب عدد من الدبابات.
فجر الصمود
مع بزوغ الفجر، كانت قلقيلية مدمرة:
عشرات البيوت انهارت.
شوارع البلدة امتلأت بالركام والدخان.
الأمهات يبحثن بين الأنقاض عن أبنائهن.
ورغم الخراب، ارتفع الأذان من بين الركام:
"الله أكبر… قلقيلية صامدة."
الذاكرة الحية – نصب صوفين,، الصوره ادناه،،
بعد سنوات، أقيم نصب تذكاري في منطقة صوفين، حيث امتزج الدم الأردني والفلسطيني.
على جدرانه نُقشت أسماء الشهداء.
من أبرزهم:
من قلقيلية: محمد خليل نوفل، فايز عقل، يوسف عيسى، عدنان أبو حجلة.
من الجيش الأردني: الملازم أول محمود الفلاحات، الرقيب أحمد البريزات، الجندي محمد الحراحشة وآخرون.
كل من يقف أمام النصب يقرأ الأسماء، فيسمع وكأنه همس من بين الحروف:
"قاتلنا على كل الأطراف… لم ندع المشاة يدخلون مدينتنا… وحدها الدبابات تقدمت، لكنها خرجت مهزومة. صمدنا، وسنبقى."
خاتمة
ليلة العاشر من تشرين الأول 1956 لم تكن مجرد هجوم عسكري، بل كانت ملحمة وطنية جمعت دماء الأردنيين والفلسطينيين في خندق واحد.
ليلة الألم والدمار.
ليلة البطولة والتضحية.
ليلة الانتصار المعنوي على جيش جاء ليكسر الإرادة، فوجد بلدة صغيرة وقفت كالطود، وأثبتت أن القوة لا تقاس بعدد الدبابات بل بصلابة الإنسان.
وهكذا بقيت قلقيلية، حتى اليوم، رمزًا للصمود في وجه العدوان، وعلامة مضيئة في تاريخ المقاومة العربية.











طباعة
  • المشاهدات: 9084
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
07-09-2025 04:02 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم