حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5033

يحيى الحموري يكتب: بطولات بعد التقاعد .. واعترافات بعد الخراب

يحيى الحموري يكتب: بطولات بعد التقاعد .. واعترافات بعد الخراب

يحيى الحموري يكتب: بطولات بعد التقاعد ..  واعترافات بعد الخراب

24-08-2025 01:32 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : يحيى الحموري
في كل مرحلة من مراحل عمر هذه الأمة، يخرج علينا سياسيون من طرازٍ عجيب: يملؤون الدنيا صمتاً يوم كان الكلام فرضاً، ثم يملؤونها ضجيجاً يوم صار الصمت حكمة. يقضون أعمارهم بين النيابة والوزارة والرئاسة، حتى إذا تشبّعوا من السلطة، واشتعل الرأس شيباً، انفتقت ذاكرتهم المثقوبة، وأخذوا يسردون على الناس حكاياتٍ باهتةً، كمن يبيع خبزاً يابساً في سوقٍ تعجّ بالموائد.

يا سادة، أي بطولةٍ هذه التي تُروى بعد أن يذبل الجسد وتخور العزائم؟ أي شجاعةٍ تُعلن بعد أن بردت الدماء وجفّ الحبر وانتهى العرض؟ أهذه بطولة أم اعترافٌ بجبنٍ مؤجّل؟!

لقد سمعنا بالأبطال الذين يواجهون العاصفة وهم في قلبها، أما أبطال ما بعد التقاعد، فهم أشبه بمصارعٍ يدخل الحلبة بعد أن غادرها الخصوم. إنهم يرفعون سيوفاً خشبية في معركةٍ بلا أعداء، ويطالبون الناس بالتصفيق!

الشعب ليس غبياً ولا فاقد الذاكرة؛ يعرف أن الحقيقة التي تُؤجَّل ربع قرن ليست شجاعة، بل صفقة خاسرة. ويعرف أن الاعتراف المتأخر لا يغسل العار، بل يثبّت العار. فالشجاعة أن تقول “لا” حين يُراد منك “نعم”، لا أن تحكي القصة بعد أن يرحل شهودها.

إن ما يثير القرف في نفوس الناس ليس فقط الرواية الباردة، بل توقيتها العجيب. فالذين خدموا في أعلى المناصب وصمتوا يوم كانت الكلمة تُنقذ وطناً، لا حق لهم أن يزعموا البطولة بعد أن هرِموا. هؤلاء ليسوا شهداء على عصرهم، بل متفرّجون على مسرحه.

والمصيبة أنّهم كُثُر؛ نسخٌ متكررة، يتنقّلون بين الكراسي، يوزّعون الوعود الكاذبة، يحلفون الأيمان الغموس، ثم حين يطويهم النسيان، يعودون إلينا بذاكرة انتقائية، ليُقدّموا أنفسهم ضحايا وقد كانوا شركاء.

فليعلم هؤلاء: التاريخ لا يُزخرف بالاعترافات المتأخرة، والبطولة لا تُباع بعد انتهاء العرض، والذاكرة الشعبية أقوى من كل مكياج سياسي رخيص. وما من بضاعة أثقل على قلوب الناس من “بطولةٍ مؤجلة” و”حقيقةٍ متأخرة”.

أما المواطن، فقد شبّ عن الطوق، وقرف من مثل هذه المسرحيات. وهو اليوم لا يقيس الرجال بما يروونه على عكّاز الشيخوخة، بل بما قدّموه حين كان الوطن جائعاً للصدق، عطشاناً للكرامة، ومحتاجاً لأفعال لا لأقوال.

فكفّوا عن إعادة إنتاج أنفسكم… فإن التاريخ لا يرحم، والشارع لا يصفّق، والشعب لا ينسى.
يحيى الحموري











طباعة
  • المشاهدات: 5033
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
24-08-2025 01:32 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم