24-08-2025 01:23 PM
بقلم : زياد فرحان المجالي
بعد السابع من أكتوبر، لم يعد الصمت ممكنًا. الجاليات اليهودية في أوروبا وأميركا لم تعد تكتفي بالدفاع الأعمى عن إسرائيل. على شاشات BBC و France24 و CNN، سُمع ما لم يُسمع من قبل: "إسرائيل جعلتنا هدفًا للكراهية". هذه الشهادات كانت بمثابة مرآة مكسورة للرواية الإسرائيلية.
اليهود في المنفى: ضحايا مرتين
يهود في باريس وبرلين ولندن قالوا علنًا إن سياسات حكومة نتنياهو وضعتهم في دائرة الخطر. مقاطعات، تهديدات، عزلة اجتماعية… كلها أثمان يدفعها من لم يطلق رصاصة. الرسالة بسيطة: إسرائيل اختارت الحرب، لكن اليهود في الخارج يُحاسَبون على نتائجها.
السقوط الإعلامي
بينما يردد الإعلام الإسرائيلي خطابات حكومية مكرورة، تنقل القنوات الغربية صور أطفال غزة ودمار بيوتها. هنا حدث الانهيار: لم يعد العالم يصدق اتهام كل ناقد بـ"معادٍ للسامية". الأصوات اليهودية نفسها صارت الشاهد، والصورة أقوى من الدعاية.
رد رسمي مرتبك
تل أبيب تصف هذه الأصوات بأنها "أقلية يسارية"، وتصرّ على أن ما يحدث مجرد "حملة". لكن التصدع واضح: من يراقب الرأي العام الغربي يرى أن إسرائيل خسرت معركة الوعي، وأن "المناعة الأخلاقية" التي طالما احتمت بها بدأت تتآكل.
التخاذل العربي
الأدهى أن بعض العرب والمسلمين، الذين يُفترض أن يكونوا في صف القضية، يتحدثون عن "عبء غزة" أو "مغامرة المقاومة". حكومات تواصل التطبيع، ونخب تكرر خطاب العدو. هذا الموقف لا يضعف فقط الرواية الفلسطينية، بل يمنح إسرائيل ذريعة إضافية: "حتى جيرانهم تخلوا عنهم".
التواطؤ المبطّن
لم يتوقف الانكشاف عند الغرب وحده، بل وصل إلى بيت العرب والمسلمين. فهناك من المسؤولين من يصرّح بأن "طوفان الأقصى هو سبب البلاء"، وكأن الاحتلال بريء مما جرى. وهناك من يصف دمار غزة كما لو أنه نتاج "حماقات المقاومة"، متجاهلين أن الطائرات التي قصفت، والصواريخ التي سوت مطارات ومحطات كهرباء بالأرض، لم تأتِ من غزة بل من إسرائيل. والأسوأ أن في بعض العواصم، يُمنع الدعاء في المساجد لأهل غزة، ويُحظر التظاهر نصرة لفلسطين، بينما تمرّر تحت الطاولة مساعدات مادية ولوجستية لإسرائيل نفسها. إنها ازدواجية صادمة: خطاب علني يتحدث عن "القضية المركزية"، وممارسة واقعية تُفرغ الكلمات من معناها.
الحقيقة اليوم واضحة: عذر "معاداة السامية" لم يعد يقنع أحدًا. اليهود في الخارج يكشفون، الإعلام الغربي يوثّق، وأصوات عربية متخاذلة تُدين نفسها بالصمت أو التواطؤ. إسرائيل لم تفقد فقط موقعها الأخلاقي، بل فقدت أيضًا قناتها الأخطر: قدرتها على التحكم في الرواية أمام العالم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-08-2025 01:23 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |