21-08-2025 03:27 PM
بقلم : محمد علي الزعبي
منذ أن تولّى دولة الدكتور جعفر حسان زمام الرابع، شهدنا حراكًا ميدانيًا لافتًا؛ زيارات متكرّرة للمحافظات والبوادي والألوية، واستماعًا مباشرًا لنبض الناس، وتدوينًا دقيقًا لمطالبهم وملاحظاتهم في دفتر الرئيس. مشاهد أعادت شيئًا من الأمل في نفوس المواطنين بأن صوتهم وصل، وأن قضاياهم لن تظل حبيسة الشكوى، بل ستجد طريقها إلى الحل من أعلى هرم السلطة التنفيذية.
غير أنّ ما بين ما يُكتب في دفتر الرئيس وما يُترجم على أرض الواقع، فجوة لا تزال واسعة ومؤلمة. فالملاحظات تُدوَّن والطلبات تُسجَّل، وعلى السادة الوزراء متابعتها بجدية ومسؤولية، لا أن تُترك حبيسة الأدراج. فالميدان لا يعرف التبرير، والناس لا يطلبون المستحيل، بل حقوقًا أساسية في خدمات وصحة وتعليم وفرص عمل. وكل تأخير في المتابعة يُحوّل تلك المطالب من بارقة أمل إلى جرح يتسع، ومن وعد بالإنجاز إلى خيبة أمل متكررة.
إن الواجب يقتضي أن تُترجم كلمات الرئيس إلى خطط عملية، وأن يتحول دفتر الملاحظات إلى أجندة عمل وزارية تُقاس نتائجها بالأثر المباشر على حياة الناس. فالمسؤولية ليست في تدوين الشكوى، بل في حلها؛ وليست في تسجيل المطالب، بل في تحويلها إلى إنجازات واقعية تُعيد ثقة المواطن بحكومته.
المشهد يُظهر بوضوح أن عددًا محدودًا من الوزراء هم من ينزلون إلى الميدان فعلًا، بينما يكتفي كثيرون بالبقاء خلف مكاتبهم، وكأن الزيارات التي قام بها الرئيس لا تعنيهم. وهذا الخلل يفرغ الزيارات من مضمونها، ويحوّل الدفتر الذي دوّن فيه الرئيس ملاحظاته إلى شاهد على غياب المتابعة بدل أن يكون أداة لإنجاز المطلوب.
إن غياب المتابعة أخطر من غياب الزيارة نفسها؛ فالمواطن الذي رأى الرئيس في بلدته أو قريته، وسمع منه وعودًا، ينتظر أثرًا ملموسًا في واقعه المعيشي والخدماتي. فإذا لم يجد ذلك، تضاعفت خيبته، وفقد ثقته بكل الجهود. فالمسألة ليست حضورًا بروتوكوليًا ولا جولات استعراضية، بل التزامًا صادقًا يُترجم على الأرض بخدمات وتحسينات تُشعر المواطن أن صوته سُمع حقًا.
الدفتر الذي يحمله الرئيس ليس مجرد أوراق، بل هو عنوان لمطالب الناس، وسجل لآمالهم، وشاهد على معاناتهم. وما يُكتب فيه لا يجوز أن يُختزل في محاضر الاجتماعات أو يُركن في رفوف الأمانة العامة، بل يجب أن يكون محركًا للقرارات، ودافعًا للمساءلة، وضمانةً لأن ما وعد به الرئيس لن يُترك طي النسيان.
إن بناء الثقة بين المواطن والحكومة لا يُصنع بالكلمات وحدها، ولا بالزيارات المتكررة فحسب، بل بالفعل الذي يُثبت أن ما يُقال يُنفّذ، وما يُكتب يُتابع. وإذا لم تتحول الملاحظات إلى قرارات، والقرارات إلى إنجازات، فإن دفاتر الرؤساء ستظل مليئة بالوعود… ومليئة بخيبات الأمل.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-08-2025 03:27 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |