21-08-2025 08:48 AM
بقلم : زياد فرحان المجالي
- خاص سرايا - في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بترهل سياسي وأخلاقي حول مفاوضات متعثرة وصفقات متوقعة، تتحرك إسرائيل بخطوات عملية على الأرض. الجيش الإسرائيلي ينفّذ أوسع مناوراته في قلب غزة منذ بدء الحرب، مستعينًا بمراكز ميدانية ومستشفيات عسكرية، وبعشرات آلاف جنود الاحتياط الذين جرى استدعاؤهم وتمديد خدمتهم لشهور طويلة، في مشهد يؤكد أن الاحتلال يستعد لمعركة طويلة الأمد، لا مجرد عملية محدودة.
بالتوازي مع ذلك، تتحرك الجهود الدبلوماسية. القاهرة تقود اتصالات مباشرة مع واشنطن وحماس لتمرير مقترح لوقف إطلاق النار، يتضمن إدخال مساعدات إنسانية عاجلة، والإفراج عن الأسرى، ورفع الحصار. غير أن مصر حذرت بوضوح من أي سيناريو يهدف إلى تهجير الفلسطينيين نحو سيناء، معتبرة ذلك خطًا أحمر يهدد أمنها القومي.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل الخطة الأخطر التي يجري تسويقها بهدوء: دفع المدنيين الفلسطينيين، تحت وقع القصف والدمار، إلى الحدود المصرية. هناك، تجد القاهرة نفسها أمام معادلة مستحيلة: إما أن تواجه مئات الآلاف من المندفعين بالعصي والرصاص فتُتهم بارتكاب المجزرة، أو تسمح بعبورهم فتتحمل عبء التوطين القسري على أرضها.
وهنا يكمن بيت القصيد.
> هناك حالة ترهل دولية وعربية بشأن المفاوضات وتوقعات للتوصل إلى اتفاقية، وهذا الوضع لا يخرج نتنياهو من أزمته الأصلية التي افتعل كل ما يحدث من أجلها. قد يتوصل إلى اتفاقية لاحقًا، لكن بعد أن يقنع اليمين واليسار بأنه "روّض" الفلسطينيين، وأنهم لن يشكلوا خطرًا. الخطوة الأخطر ستأتي عبر فتح الحدود مع مصر من الناحية الإسرائيلية، بحيث يغادر كل من يريد المغادرة. وفي ظل القتل والدمار ستندفع الجماهير على الحدود المصرية، ولن تستطيع القوات المصرية صدها بالعصي، بل قد تلجأ إلى الرصاص. أي أن نتنياهو قد يخطط لأن يرتكب المصريون المجزرة النهائية، في محاولة لعدم تصدير الأزمة الفلسطينية إلى بلادهم. هذا السيناريو قد يكون مرسومًا بدقة، بحيث تبدو مصر مرغمة على قبول الهاربين لأنها لم تستطع منعهم من اقتحام حدودها.
بهذا الشكل، يسعى نتنياهو إلى الظهور بمظهر "المسيطر" الذي تخلّص من غزة و"روّض" الفلسطينيين، بينما يدفع مصر إلى أن تتحمل العبء الأكبر. إنه السيناريو الذي يجعل من الدم الفلسطيني وقودًا لأزمة إقليمية تُصدَّر إلى العرب بدل أن تبقى في قلب الصراع مع الاحتلال.
المناورة في غزة ليست مجرد عملية عسكرية، بل غطاء لخطط سياسية وديموغرافية أعمق، تُطبخ في الغرف المغلقة بدم بارد، في ظل ترهل عربي وصمت دولي قد يفتح الباب لمرحلة أخطر: المجزرة المؤجلة على الحدود المصرية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-08-2025 08:48 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |