19-08-2025 09:19 AM
بقلم : ماهر أبو طير
لا يوجد مهنة غير منظمة، وكنا نشكو دائما من غياب الشروط والتنظيم في مهنة الإعلام، حتى جاءت كذبة "المواطن الصحفي" وصدقها كثيرون لمجرد وجود جهاز موبايل أو كاميرا أو صفحة.
لا نجد طبيبا غير عضو في نقابة الأطباء، ولا نجد مهندسا يعمل محاميا، وهذا أمر طبيعي ينطبق على كل المهن في الأردن.
الركون إلى فكرة الموهبة أو الخبرة التي تتيح لأي شخص العمل في المهن الإعلامية، أمر لا يمكن الانتقاص منه، إذ لدينا مواهب كثيرة تعمل في المهن الإعلامية والصحفية ليست عضوا في نقابة الصحفيين، وهذا هو الجانب المشرق، لكن الجانب المعتم يتعلق ليس بهؤلاء بل بتسلل ودخول المئات إلى مهنة الصحافة والإعلام دون معايير، ولا أسس، سوى توفر الرغبة، وربما القدرة الكلية أو الجزئية، أو إيمان الشخص بنفسه بكونه ولد صحفيا.
تسمع من أسماء معروفة ومسؤولين وجهات في المعارضة أيضا انتقادات وتفاصيل لتصرفات كثيرين يقدمون انفسهم باعتبارهم صحفيين، وتجهد وانت تحاول إقناعهم انهم ليسوا صحفيين أصلا، بل أسسوا مشاريعهم الخاصة، مثلا، أو افتتحوا صفحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويقدمون انفسهم في البلد باعتبارهم صحفيين.
نقابة الصحفيين اتخذت إجراءات فريدة بحق منتحلي صفة الصحفي، وهذا أمر مقدر جدا، والنقابة عليها ألا تتراجع، فلماذا يحمل الصحفي المحترف الذي يخضع لأسس كثيرة، وزر من ينتحل مهنته، فيما الحكومة ايضا عممت على كل المؤسسات والوزارات بحصر حضور الصحفيين للتغطية أو أي سبب بأعضاء نقابة الصحفيين وهذه خطوات مهمة، ومن المتوقع أن تثير سخطا لدى قلة قليلة انتحلت صفة غيرها، بذريعة القدرة المالية على إطلاق مشروع مثلا، أو تأتيك بالكلام عن الموهية والقدرة الصحفية ومهاراتها.
أعرف عددا من الزملاء ممن عاشوا خارج الأردن، أو يعملون هنا، في الصحافة والإعلام ولديهم قدرات احترافية تتفوق على بعضنا من أعضاء نقابة الصحفيين، لكن المشكلة أن المظلة الغائبة لا يمكن توفيرها وفقا للقانون الحالي، إلا إذا حدثت تعديلات، كما أن هذه النماذج المحترفة يجب أن لا تكون سببا في شرعنة دخول عشرات الأسماء التي عليها ملاحظات مهنية إلى عالم الصحافة، وهذا الخلط بين الجيد والسيئ يفتح الباب لازمات تنظيمية في الصحافة.
هناك مزج يفتقد للخبرة أصلا، بين الصحفي والإعلامي المحترف، وبين من لديه وسائل تقدمه باعتباره مواطنا صحفيا، أو موهوبا أو حتى مؤثرا، أو أن هذه المهنة مفتوحة للمبدعين دون شروط، خصوصا، حين تسمع عن كم المخالفات والأخطاء التي يتم ارتكابها، ونسبها إلى الجسم الصحفي المحترم الذي له مرجعيات قانونية ومؤسساتية.
ما يمكن قوله اليوم إن علينا الوقوف إلى جانب نقابة الصحفيين، وعدم تركها تحت وطأة تعليقات غير مهنية أصلا، وهذه المهنة من اشد المهن خطورة وحساسية، وليست حقلا فارغا مفتوحا لمن يريد تجريب نفسه بحق عن شهرة، أو مكسب محدد، أو مصالح.
أنا وغيري مع توسعة عضوية النقابة، والبحث عن وسائل مهنية ومنطقية لهذه التوسعة، ضمن أسس ومعايير، وحتى ذلك الوقت يتوجب تنظيم المهنة، حالها حال أي مهنة ثانية في الأردن، واللوم أصلا يجب أن ينصب على عدم التنظيم، وليس التنظيم، حتى لا تبقى هذه المهنة مستباحة من كل شخص، دون معايير قانونية محددة.
نثمن لنقابة الصحفيين ومجلسها ما تفعله، خصوصا، ونحن نشهد انفلاتا كبيرا في توزيع الألقاب، والتباس الأدوار بين الصحفي وغيره، وكأننا وسط فوضى خلاقة، لا يريد احد وقفها، ولا البحث عن حلول بديلة لا تظلم أحدا، وتعطي كل صاحب حق حقه.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-08-2025 09:19 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |