حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,16 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 8640

زياد فرحان المجالي يكتب: مشروع E1: الرصاصة الأخيرة في رأس الدولة الفلسطينية

زياد فرحان المجالي يكتب: مشروع E1: الرصاصة الأخيرة في رأس الدولة الفلسطينية

زياد فرحان المجالي يكتب: مشروع E1: الرصاصة الأخيرة في رأس الدولة الفلسطينية

16-08-2025 08:44 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زياد فرحان المجالي
في حين تتسابق العناوين الكبرى للحديث عن قصف غزة واشتباك الصواريخ بين تل أبيب وطهران، تمر أخطر معركة على مستقبل فلسطين في صمت شبه تام. فبعيدًا عن دوي المدافع وضجيج الإعلام، ترسم إسرائيل بخطوط دقيقة ما تعتبره "خريطة الحسم" النهائية: مشروع E1. هذه الخطة، التي وصفتها صحف إسرائيلية معارضة بأنها مقامرة سياسية قد تشعل مواجهة لا تنطفئ، لا تكتفي بربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس، بل تقطع الضفة الغربية إلى نصفين، وتغلق المسار الجغرافي لأي دولة فلسطينية محتملة. وفي صميمها، بناء 3400 وحدة استيطانية جديدة، ليس كأحياء سكنية فحسب، بل كحواجز إسمنتية لدفن فكرة الدولة الفلسطينية قبل أن تولد. إنها المعركة التي تُخاض على الورق والجغرافيا، لكن نتائجها قد تعادل في أثرها أقسى الحروب الميدانية.
البعد الميداني: قراءة عبرية لما وراء الجدار
التقارير العبرية تكشف أن إسرائيل تسابق الزمن في الضفة، مدفوعة بتحديات ميدانية هائلة في غزة. التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن أي محاولة لاحتلال مدينة غزة ستصطدم بواقع صعب: أكثر من 800 ألف فلسطيني، شبكة أنفاق متشعبة، وأحياء مكتظة ستفرض قيودًا "إنسانية" وضغوطًا دولية وقانونية. في ظل هذه الحسابات، ترى القيادة الإسرائيلية أن الخنق الجغرافي للضفة الغربية عبر E1 هو المعركة الحقيقية التي يمكن حسمها الآن، قبل أن يفرض أي مسار سياسي واقعًا مختلفًا.
المال في خدمة الجغرافيا
وراء لافتة "تطوير البنية التحتية" تختبئ خطة تهويدية واضحة. وزارة المالية الإسرائيلية خصصت ميزانيات ضخمة لشق طرق التفافية جديدة، وبناء مجمعات استيطانية، وربطها بشبكات مياه وكهرباء منفصلة عن القرى الفلسطينية. 3400 وحدة سكنية لن تكون مجرد بيوت، بل مستعمرات كاملة محمية أمنياً، تفرض واقعًا لا يمكن التراجع عنه. والمفارقة أن هذا يحدث في وقت يعاني فيه الاقتصاد الإسرائيلي من إرهاق شديد بفعل حرب غزة الطويلة والحرب مع إيران، ومع ذلك، يعتبر نتنياهو أن مشروع E1 أولوية تتقدم على إصلاح الاقتصاد أو معالجة أزمات المجتمع.
السيطرة عبر الجغرافيا: حصار القدس وخنق الضفة
الطرق والممرات الجديدة ستجعل أي تنقل بين شمال الضفة وجنوبها شبه مستحيل إلا عبر نقاط تحكم إسرائيلية. أحياء القدس الشرقية ستُحاصر، ويُفصل الفلسطينيون عن امتدادهم الطبيعي، لتتحول مدنهم وقراهم إلى جزر متناثرة محاطة بالمستوطنات. الجيش يراه ضمانًا أمنيًا، لكن الفلسطينيين يرونه خنقًا مبرمجًا لنسيجهم الاجتماعي والجغرافي.
المعارضة الإسرائيلية: تحذير من العزلة والانفجار
في قلب إسرائيل نفسها، خرجت أصوات من الصحافة والأحزاب المعارضة لتحذر من أن المضي في مشروع E1 سيعزل إسرائيل سياسيًا، ويغلق الباب أمام أي تسوية، ويزرع بذور انفجار أكبر في المستقبل. هذه الأصوات تُدرك أن فرض الخرائط بالقوة قد يربح جولة، لكنه يخسر الحرب على المدى البعيد.
الموقف الفلسطيني والعربي: الغضب في مواجهة الصمت
منظمة التحرير الفلسطينية وصفت المشروع بأنه "إعلان وفاة رسمي" لفكرة الدولة الفلسطينية. الشارع الفلسطيني يعيش بين الغضب والخذلان، يشعر أن العالم – والعرب خاصة – مشغولون عن أخطر مخطط يقطع أوصال وطنهم. أما الموقف العربي الرسمي، فباستثناء بيانات روتينية، لا خطوات عملية ولا ضغوط حقيقية لوقف هذا الزحف، وكأن مشروع E1 لا يعنيهم.
الموقف الدولي: بيانات بلا أنياب
باستثناء تحذيرات أوروبية باردة من تقويض حل الدولتين، لم يصدر عن العالم ما يردع إسرائيل. أما الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب، فقد منحت الضوء الأخضر للمشروع في إطار تفاهمات أوسع مع نتنياهو حول مشروع "إسرائيل الكبرى".
المعادلة الاقتصادية – الأمنية: مقامرة مكلفة
تراهن إسرائيل على أن السيطرة على الأرض ستقلل الاحتكاك مع الفلسطينيين وتفتح الباب أمام استثمارات يهودية، لكن هذه المعادلة تتجاهل أن استمرار الصراع وتصاعد الغضب الشعبي سيكلفها أضعاف ما قد تجنيه من أرباح، خاصة مع موجات الهجرة العكسية وتراجع ثقة المجتمع بنفسه.
السياق الأوسع: من الخرائط إلى أرض الواقع
مشروع E1 هو حلقة ضمن خطة ضم شاملة، تبدأ من القدس وتمتد إلى غور الأردن، هدفها السيطرة الكاملة على الموارد المائية وشبكات الطرق، وتحويل أي كيان فلسطيني مستقبلي إلى جيوب محاصرة بلا مقومات دولة. بهذه الخطوة، ينقل نتنياهو الخرائط من غرف التخطيط إلى الميدان، ليجعل الضم أمرًا واقعًا قبل أن تبدأ أي مفاوضات.
الرسالة إلى الأمة العربية
هذا المشروع ليس شأنًا فلسطينيًا محليًا، بل هو إعلان بأن الخريطة التي تُرسم اليوم ستبقى لعقود قادمة إذا لم تُكسر الآن. من يظن أن E1 نهاية الطريق مخطئ، فهو مجرد بداية لسلسلة من الخطط التي ستقضم ما تبقى من فلسطين، ثم تطرق أبواب العواصم العربية. التاريخ سيكتب من وقف ومن صمت، ومن اعتبر القدس شأنًا داخليًا إسرائيليًا، ومن أدرك أن المعركة هناك هي جدار الصد الأخير قبل أن تتحول المنطقة كلها إلى خرائط احتلال جديدة.











طباعة
  • المشاهدات: 8640
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-08-2025 08:44 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم