بقلم : نبيه ريال
لا يخفي على احد وضع السياحة الوافدة والكوارث التي يمر بها القطاع، فقد اشبع الموضوع بحثا وكتابة، ولن اتحدث عن البتراء فالكل يعلم ان هذه المدينة الوردية تمر في ظروف سياحية سيئة جدا لم تمر بها من قبل حتى مع ايام جائحة كورونا او ما سبقها من كوارث سياحية خلال الربيع العربي والانتفاضة وغيرها.
سأتحدث اليوم عن مادبا، والتي لا بواكي لها، فهذه المدينة منذ بداية عام 2024، تمر بظروف صعبة جدا سواء على مستوى المنشآت السياحية والتي عددها 126 منشأة، او على مستوى المجتمع المحلي الذي عانى الامرين من تداعيات الحرب الغاشمة على غزة، وما تبعها من ظروف صعبة مرت بها المنطقة.
لو أخذنا بعين الاعتبار، موقع جبل نيبو وهو الأكثر نشاطا سياحيا، وقارنا اول سبعة اشهر من عام 2023 مع اول سبعة اشهر من عام 2025 ، لنجد ان نسبة الزائرين من السياح قد انخفضت بمقدار 72% ، ولو قارنا نسبة اشغال فنادق مأدبا لنفس الفترة، لنجد ان نسبة الاشغال قد انخفضت بمعدل 80%، ناهيك عن الضرر الفادح الذي اصاب المطاعم والمشاغل والمتاجر ومكاتب السياحية هناك، و بالتأكيد لا ننسى تداعيات هذا كله على المجتمع المحلي في مأدبا.
لا يمكننا ان نحصر الضرر الواقع على قطاع السياحة بالبتراء فقط ، رغم انها الاكثر تضررا، لكن هناك مدن ومجتمعات سياحية تعاني الامرين كذلك مثل مادبا، وجرش ( اذا استثنينا فترة المهرجان المحدودة) وغيرها من المواقع الاثرية والدينية ومواقع سياحة المغامرة.
ان مادبا هي موقع سياحي وديني مهم جدا وزيارة مادبا تعتبر اولوية للسائح عند زيارته للاردن، نعم، مادبا تعاني و تصرخ لكننا لا نسمع صراخها، ولا نسمع انينها، فأين اهل مادبا الكرام؟ اين اصحاب المنشآت السياحية هناك؟ اين ارقامكم و احصائياتكم عما آل اليه الوضع السياحي في مادبا، انتم اكثر الناس بلاغة، فالنسمع صوتكم ولنرى كتاباتكم، ساعدونا لكي نساعدكم.
لقد تحدثت شخصيا للكثير من اصحاب المنشآت السياحية في مادبا قبل كتابة هذا المقال، فكان الكل يشكي ويتحدث عن ضرر سياحي كبير في المدينة الصامدة، ولقد قمت بتجميع الارقام والاحصائيات فكانت صدمة لي بكل معنى الكلمة.
ان مادبا بحاجة ان ننظر اليها بمنظور مختلف، ان نضعها ضمن خططنا التسويقية كأولوية مثلها مثل البتراء الابية، ان نقيم المهرجانات في مادبا، ان ندخلها ضمن برامج اردن جنة، وان نعمل سويا على اجندة متكاملة لانقاذ المدينة ولانقاذ القطاع السياحي هناك وقبل فوات الاوان.
لقد ابدع معالي وزير السياحة الدكتور عماد حجازين بأن يزور البتراء خلال الاسبوع الاول من توليه حقيبة وزارة السياحة، والاستماع الى شكاوي اهل المنطقة ومناقشة اية اقتراحات معهم للخروج من الوضع المتأزم التي تمر بها البتراء، والان انا ادعو معالي الدكتور عماد ان يزور مادبا وبالسرعة الممكنة، ومن ثم جرش ووادي رم وغيرها من المواقع السياحية والدينية التي تعاني من شبه توقف تدفق السياح اليها، اعلم ان هذه الزيارات موجودة على اجندة معاليه، لكن يجب الاسراع قدر الامكان.
الوضع سنة 2025 صعب جدا، لكن للاسف وما نراه ونعلمه نحن العاملين في شركات السياحة الوافدة ان عام 2026 ينذر بكارثة سياحية، فلا حجوزات جديدة في الافق وكأن الاردن اصبح منسيا سياحيا لا سمح الله، علينا التحرك بسرعة تسويقيا والأهم ان نتحرك باسرع من ذلك دبلوماسيا لتغيير تصنيف الاردن الجائر في غرب اوروبا وامريكا كجهة لا ينصح بالسفر اليها.
علينا الوصول الى السائح مباشرة في كافة دول العالم واسهل طريقة هي عن طريق المؤثرين العالميين وخاصة الرياضيين، فهم من سيوصلون الرسالة كما يجب، علينا استغلال وصول الأردن الى كأس العالم 2026 افضل استغلال ، فهذا سيكون الجسر الاهم كي يتذكرنا العالم مرة اخرى كأهم وجهة سياحية في المنطقة.
علينا ان نقتصد بموارد هيئه تنشيط السياحه المتوفره، و التي أصبحت محدوده ، وان نستغلها افضل استغلال خارجيا و ليس داخليا.
كلنا امل وتفاؤل بالقيادة السياحية الجديدة في وزارة السياحة، و سنعمل معهم يدا بيد، ولنا الشرف، لكننا لا نملك ترف الانتظار، فالقادم صعب اذا لم نتحرك اليوم، فغدا سيكون اصعب واصعب على القطاع.

نبيه ريال
امين سر جمعية الاقتصاد السياحي/ تحت التأسيس