حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,15 أغسطس, 2025 م
  • الصفحة الرئيسية
  • كُتاب سرايا
  • د. خالد السليمي يكتب: الأردن في مواجهة أوهام "إسرائيل الكبرى" : من الكرامة إلى اليوم… معركة الإرادة والهوية باقية
طباعة
  • المشاهدات: 6805

د. خالد السليمي يكتب: الأردن في مواجهة أوهام "إسرائيل الكبرى" : من الكرامة إلى اليوم… معركة الإرادة والهوية باقية

د. خالد السليمي يكتب: الأردن في مواجهة أوهام "إسرائيل الكبرى" : من الكرامة إلى اليوم… معركة الإرادة والهوية باقية

د. خالد السليمي يكتب: الأردن في مواجهة أوهام "إسرائيل الكبرى" : من الكرامة إلى اليوم… معركة الإرادة والهوية باقية

14-08-2025 09:19 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. خالد السليمي
إرث الكرامة: بداية الحكاية الأردنية
في صباح 21 آذار 1968، دوّى صوت المدافع على ضفاف نهر الأردن، معركة الكرامة لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت أول هزيمة معنوية وعسكرية للجيش الإسرائيلي بعد حرب 1967، على مدى 15 ساعة من القتال العنيف، تمكن الجيش العربي الأردني من صد القوات الإسرائيلية، ملحقاً بها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، هذه المعركة، التي وثقتها تقارير الأمم المتحدة وشهادات الصحفيين الغربيين، كانت بمثابة رسالة واضحة للعالم أن الأردن ليس ساحة عبور أو ميداناً سهلاً لأطماع التوسع، ومنذ ذلك اليوم، ترسخت عقيدة "الأمن الوطني الأردني" كخط أحمر لا يمكن تجاوزه، مهما تغيرت الظروف أو تبدلت التحالفات.

ما بعد الكرامة: معادلة الردع الأردنية
أدركت القيادة الأردنية بعد 1968 أن التفوق الإسرائيلي في السلاح لا يعني التفوق في الإرادة، جلالة الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، صاغ معادلة دفاعية ترتكز على الدمج بين القوة العسكرية والحنكة السياسية، مانحاً الأردن موقعاً متقدماً في معادلة الصراع العربي-الإسرائيلي، هذه المعادلة أثبتت فعاليتها خلال حرب أكتوبر 1973، حيث لعب الأردن دوراً عسكرياً محدوداً ولكنه مؤثر، مع الحفاظ على جبهته الداخلية مستقرة، هذا التوازن بين الدفاع الصلب والسياسة الذكية أصبح لاحقاً ركيزة في إدارة الأردن للتهديدات المتكررة، وهو النهج الذي ورثه جلالة الملك عبدالله الثاني وطوّره ليتناسب مع تحديات القرن الحادي والعشرين.

تهديدات الأمس واليوم: من الحرب النظامية إلى الحرب الهجينة
التهديدات التي واجهها الأردن في السبعينيات والثمانينيات كانت تقليدية: جيوش، دبابات، وطائرات، لكن في العقدين الأخيرين، تغيرت طبيعة التهديدات جذرياً، إسرائيل، التي تروّج الآن لفكرة "إسرائيل الكبرى"، انتقلت من الحرب النظامية إلى استخدام أدوات الحرب الهجينة: الضغوط الاقتصادية، الاختراقات السياسية، وحملات التضليل الإعلامي، ومع كل جولة تصعيد في غزة أو الضفة، تتزايد المخاوف الأردنية من أن تمتد الفوضى إلى حدوده الغربية، في ظل مشاريع استيطانية لا تتوقف، وخطط علنية لضم أجزاء من الضفة الغربية، بما يحمله ذلك من تداعيات على الأردن ديموغرافياً وأمنياً.

الأوهام الجديدة: "إسرائيل الكبرى" من الخيال إلى الخطاب السياسي
تصريحات بعض القادة الإسرائيليين المتطرفين عن "إسرائيل الكبرى" لم تعُد مُجرد هذيان سياسي، بل تحولت إلى جزء من خطاب انتخابي يجذب اليمين الإسرائيلي، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، في آذار 2023، عرض خريطة تضم الأردن كجزء من إسرائيل، وأطلق تصريحات استفزازية عن "حق إسرائيل التاريخي في الأرض من النهر إلى البحر"، هذه التصريحات، التي قوبلت بإدانات دولية شكلية، تمثل تحولاً خطيراً من حيث الجرأة السياسية في طرح أفكار التوسع، وهو ما يفرض على الأردن قراءة دقيقة للمرحلة المقبلة والاستعداد لسيناريوهات أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.

الأردن بين الدبلوماسية والردع
حمل جلالة الملك عبدالله الثاني منذ توليه العرش عام 1999 إرث الدفاع عن فلسطين والأردن معاً، معتمداً على أدوات الدبلوماسية الفاعلة، والتحالفات الدولية، والتحذير المستمر من خطورة دفن حل الدولتين، في المحافل الدولية، من الأمم المتحدة إلى البرلمان الأوروبي، ظل الملك صوتاً صريحاً ضد السياسات الإسرائيلية الأحادية، لكنه في الوقت نفسه حافظ على قوة الردع العسكري، مستنداً إلى جيش محترف وأجهزة أمنية يقظة، هذا التوازن بين الدبلوماسية والجاهزية الميدانية هو ما يحفظ الأردن اليوم من الانجرار إلى مواجهات مفتوحة، دون التفريط في ثوابته الوطنية.

غزة والضفة: ارتدادات مباشرة على الأردن
الحرب على غزة منذ 7 تشرين الأول 2023، وما تبعها من تصعيد في الضفة الغربية، لها انعكاسات مباشرة على الأردن، تدفق اللاجئين، تزايد التوترات على الحدود، واحتمالات نقل الأزمة إلى الداخل الأردني، كلها سيناريوهات واقعية، جلالة الملك حذّر مراراً من أن أي عملية تهجير قسري للفلسطينيين نحو الأردن هي "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه، هذا الموقف الحازم يعكس إدراك الدولة الأردنية لخطورة المساس بالتركيبة السكانية والسيادة الوطنية، وهو موقف يلقى دعماً شعبياً واسعاً في الداخل الأردني.

التحشيد الشعبي والوعي الوطني
التاريخ الأردني، من الكرامة إلى اليوم، أثبت أن الشعب الأردني هو خط الدفاع الأول عن الدولة، لكن التهديدات الجديدة تتطلب شكلاً متطوراً من التحشيد، قائم على رفع الوعي بالمخاطر الحقيقية، وتعزيز الانتماء الوطني، وربط الأجيال الجديدة بتاريخهم النضالي، الحملات الإعلامية والتعليمية يجب أن تكون جزءاً من استراتيجية وطنية شاملة، بحيث يكون كل مواطن على وعي بدوره في حماية الأردن من أي مغامرة خارجية، خاصة في ظل تغير أشكال الحروب لتشمل الإعلام والاقتصاد والسيبرانية.

الجهد الأردني في الدفاع عن حل الدولتين
لا يزال الأردن ورغم كل التحديات متمسكاً بحل الدولتين كخيار استراتيجي، ليس فقط لحماية الحقوق الفلسطينية، بل أيضاً لحماية أمنه القومي، فقد قاد جلالة الملك عبدالله الثاني جهوداً دبلوماسية مكثفة، من مؤتمر العقبة إلى مشاركته في مؤتمر نيويورك 2025، محذراً من أن استمرار الاحتلال والاستيطان سيدفع المنطقة نحو صراع لا نهاية له، في خطابه الأخير، شدد الملك على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هي الضمانة الوحيدة لأمن المنطقة واستقرارها.

رسالة الملك: الأردن لن يكون جزءاً من "إسرائيل الكبرى"
في أكثر من مناسبة، قالها جلالة الملك عبدالله الثاني بوضوح: "الأردن لن يكون وطناً بديلاً"، هذه الرسالة لم تكن مجرد عبارة سياسية، بل إعلان موقف استراتيجي، يختزل إرادة الدولة الأردنية ورفضها لأي مشروع يستهدف هويتها وحدودها، الأردن، الذي قاوم على مدى عقود كل أشكال التهديد، يعلن اليوم أنه مستعد للدفاع عن سيادته بكل الوسائل، وأنه لن يقبل أن يكون جزءاً من أوهام أي "زعيم" يظن نفسه في مهمة تاريخية توسعية.

الأردن… عهد لا يُكسر ودرع لا يُثقب
في النهاية، سيظل الأردن، بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الأبي، حصناً منيعاً وسداً شاهقاً في وجه كل من يتوهم أنه قادر على النيل من ترابه أو كرامته أو قراره السيادي، هنا، حيث امتزجت دماء الشهداء بتراب الوطن في الكرامة واليرموك، وحيث تعاقبت الأجيال على حراسة بوابة التاريخ، نعلنها بوضوح: الأردن ليس ساحة عبور لأحلام الغزاة ولا محطة مؤقتة في طريق مشاريعهم المريضة، من يظن أن هذا الوطن يمكن أن يُرهب أو يُخضع، فليقرأ جيداً فصول التاريخ، وليتفحص وجوه رجاله ونسائه الذين صاغوا من الصبر والتحدي مجداً لا يزول، ستبقى الراية الأردنية مرفوعة، محروسة بالعهد والدم والإيمان، وسيظل العرش الهاشمي صخرة صلبة تتحطم عليها أوهام المعتدين، نحن هنا، على ضفتي النهر، نؤمن أن الأرض عرض، وأن القائد عهد، وأن الوطن أمانة لا مساومة عليها، فمن يقترب من حدودنا، سيجد في مواجهته أمة كاملة، قلبها نابض بالعزيمة، وذراعها ممدودة بالعطاء، وسيفها مسلط على كل يد تمتد بسوء.

التوصيات الاستراتيجية لمواجهة المرحلة القادمة: ( الأردن أولاً… والأرض خط أحمر)
إن ما يواجهه الأردن اليوم من تهديدات وأطماع، يستدعي أن نرتقي جميعاً – قيادة وشعباً – إلى مستوى التحدي التاريخي، وبناءً على المعطيات الراهنة والتجارب التاريخية الخالدة، نعلن ما يلي:
أولاً: القيادة العليا للدولة: توحيد القرار السيادي في قبضة القيادة العليا، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وضمان سرعة التحرك لحماية الأردن من أي تهديد وجودي، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.
ثانياً: القيادة السياسية: اعتماد خطاب سياسي هجومي في المحافل الدولية، يرفض الإملاءات والصفقات المشبوهة، ويثبت أن الأردن وفلسطين خط أحمر لا يُتجاوز.
ثالثاً: القيادة العسكرية: رفع حالة الاستنفار على الحدود الشرقية والغربية، وتعزيز عقيدة الردع الاستباقي، مستلهمين روح معركة الكرامة 1968 التي أثبتت أن إرادة القتال الأردنية لا تُهزم.
رابعاً: الإعلام الوطني: إطلاق جبهة إعلامية موحدة، تشكل سلاحاً وطنياً في معركة الوعي، وتفضح أي مؤامرة تستهدف أمن الأردن وهويته، داخلياً وخارجياً.
خامساً: الشعب الأردني: إعادة تعبئة الروح الوطنية، وتحصين الجبهة الداخلية عبر التعليم، والتدريب، والتعبئة الشعبية، ليبقى الأردنيون سداً منيعاً أمام أي اختراق.
سادساً: الاقتصاد المقاوم: تسريع بناء اقتصاد وطني صلب، مستقل عن الضغوط الخارجية، قائم على الأمن الغذائي والمائي والطاقة، لتأمين صمود الدولة في مواجهة الأزمات.
سابعاً: الشراكات العربية: تعزيز التحالفات الدفاعية والاقتصادية مع الدول العربية المخلصة، لبناء جبهة إقليمية متماسكة تردع أي مشروع يهدد الأردن وفلسطين.
ثامناً: القرار الشعبي الموحّد: تحويل التهديدات إلى فرصة لتوحيد الصف الوطني، ودفن الخلافات الداخلية، ليتكلم الأردنيون بصوت واحد: “هنا الأردن… هنا الأرض التي لا تُمس”.








طباعة
  • المشاهدات: 6805
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-08-2025 09:19 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم