11-08-2025 12:13 PM
بقلم : د. دانييلا القرعان
نحتاج اليوم لصحفيين يقفون أمام عمق انتحار الحقيقه دون أن ان يرتدوا واقٍ للرصاص؛ لانهم يؤمنون أن موت الجسد أهون ألف مرة من موت الضمير ... وباتت الحماية القانونية لحمايتهم حبرًا على ورق ... يمثل استهداف الصحفيين في قطاع غزة محاولة لإسكات صوت الحقيقة في ظل الأوضاع الحالية التي يشهدها القطاع، حيث يواجه هؤلاء الأفراد مخاطر عديدة؛ نتيجة لما ينقلونه من معلومات وأحداث، ومع ذلك يعد استهدافهم دليلًا على تأثيرهم الكبير في الرأي العام العالمي، حيث يسعون لنقل واقعية الحياة في غزة إلى العالم، إذ يعمل الصحفيون كحلقة وصل بين المجتمع المحلي والعالم الخارجي، فيقومون بتوثيق الحقائق ونقلها بشكل دقيق من خلال تقاريرهم، ويساهمون في رفع الوعي حول الأوضاع الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون في غزة. الاعتداءات على الصحفيين في غزة تعكس سلسلة من الأبعاد السياسية المعقدة، فالهجمات تتجاوز كونها اعتداءات فردية، وتمثل جزءًا من سياسة قمع حرية التعبير، والصحفيون ليسوا مجرد ناقلين للأخبار، بل هم في قلب النضال من أجل الحقيقة، حيث إن استهداف الصحفيين في غزة يعتبر محاولة لوقف تدفق المعلومات وكبح جماح الحقيقة، وتسعى إسرائيل بكل قوتها عبر قتل الصحفيين/ات إلى محاولة طمس الحقائق؛ بسبب دورهم في بث جريمة الإبادة الجماعية مباشرة على الهواء ونقل الصورة حية للعالم. كما هو معروف أن دولة إسرائيل هي العدو الأول للصحافة في العالم، وهي لا تريد أن يرى العالم الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، في وقت تمنع فيه الطواقم الصحفية الدولية من الوصول إلى غزة وتغطية حرب الإبادة، وكل ذلك في إطار عملية شاملة تمارس فيها الإبادة الجماعية ومجموعة جرائم دولية أخرى تحاول من خلالها ترسيخ نكبة ثانية ضد 2.3 مليون فلسطيني/ة في قطاع غزة منذ أكثر من عام.
الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمعن في اتباع سياسة ممنهجة للقضاء على الصحافة في قطاع غزة، كجزء لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية، من خلال الاستهداف المباشر وعدم إعطاء أي اعتبار للشارة الصحفية، علمًا أن هناك صحفيين قتلوا خلال ارتدائهم زي الصحافة المميز، ويباشرون أعمالهم، وفي مكان معروف لقوات الاحتلال. إن استهداف الصحفيين/ات جاء بهدف الاستفراد بالضحية، وتغييب نقل وقائع الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد المدنيات والمدنيين في قطاع غزة، ولذلك يجب أن يطالب المجتمع الدولي بإدانة استهداف العاملين بالصحافة بشكل علني، والضغط على دولة الاحتلال لوقف استهدافهم بشكل فوري، والعمل دون تأخير على توفير حماية دولية للمدنيات والمدنيين بما فيهم الصحفيين والصحفييات في قطاع غزة.
الصحفيين/ات يتمتعون بحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني شأنهم في ذلك شأن المدنيين/ات. فوفقًا للمادة 79 من البروتوكول الأول الملحق لاتفاقيات جنيف الأربع، والتي وصلت لمستوى القانون العرفي الدولي، “يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة أشخاصًا مدنيين ضمن نطاق الفقرة الأولى من المادة 50”. كما يتمتع هؤلاء بحماية القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي، وترفض الاعتراف بانطباقه على سكان الإقليم المحتل، تمامًا كما تنكر انطباق القانون الإنساني الدولي عليهم.
إن القتل العمد للصحفيين/ات يعد جريمة حرب تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة. كما يعد حرمانًا تعسفيًّا من الحياة وفقًا للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويستوجب مساءلة مرتكبيه. كما ويعد استهداف الصحافة اعتداء على الحق في حرية الصحافة وحرية التعبير المكفولة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخصوصًا المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ورغم خنق الأصوات وتقييد المعلومات والمخاطر الكبيرة، يستمر هؤلاء الصحفيون الذين يتمتعون بشجاعة استثنائية في غزة، ويواجهون تحديات ومخاطر جسيمة أثناء تغطية الأحداث، وصعوبات في الوصول إلى المواقع وجمع الأدلة الضرورية لتوثيق الأحداث، ما يؤدي إلى فقدان بعضهم؛ نتيجة الاستهداف المتعمد، أو تعرضهم لإصابات خطيرة. يعتبر هؤلاء الصحفيون بمثابة رموز للحرية والشجاعة، حيث يسعون لتوثيق وتقديم الحقيقة، وعلى الرغم من كل المخاطر يظهرون التزامًا لا يتزعزع بالعمل الصحفي، ويتحملون جزءًا من عبء نقل المعاناة، والصحفيون ليسوا مجرد ناقلين للأخبار، بل هم في قلب النضال من أجل الحقيقة، حيث إن استهداف الصحفيين في غزة يعتبر محاولة لوقف تدفق المعلومات وكبح جماح الحقيقة.
يجب على المجتمع الدولي أن يتبنى سياسات صارمة ضد الاعتداءات المستمرة والاستهداف المتعمد للصحفيين، وينبغي تجريم مثل هذه الأفعال
فالحقيقة تلعب دورًا محوريًا في تشكيل الرواية الفلسطينية، مما يجعل الدفاع عن حرية الصحافة أمرًا ملحًا.
بدون صحافة حرة ومستقلة تتضاءل الفرص لكشف الانتهاكات، وما يحدث في القطاع، حيث تعتبر حماية الصحفيين في غزة من القضايا الحيوية التي تستوجب اهتمامًا دوليًا في ظل الظروف الصعبة التي يعيشُها القطاع، لذا مرة أخرى، يجب على المجتمع الدولي مرارًا وتكرارًا أن يتبنى سياسات صارمة ضد الاعتداءات المستمرة والاستهداف المتعمد للصحفيين، وينبغي تجريم مثل هذه الأفعال، وفرض عقوبات على المسؤولين عنها. قتل واستهداف الصحفيين.. لماذا تفلت إسرائيل من العقاب؟ إن عدم محاسبة المعتدين يعزّز ثقافة الإفلات من العقاب، ويدفع إلى تفشّي الانتهاكات.
أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول أنها في حالة حرب على فصائل المقاومة الفلسطينية في سابقة لم تعهدها الحالة الفلسطينية؛ إذ يعود آخر إعلان للحرب من قبل إسرائيل إلى حرب أكتوبر 1973. منذ ذلك الحين، تمارس إسرائيل جرائمها تحت يافطة العمليات العسكرية مرورا من لبنان إلى فلسطين. ونجد أن سلطات الاحتلال استخدمت الأدوات العسكرية الممكنة كافة وبإمداد مفتوح، وغطاء سياسي غربي يوفر لها الصيانة والحماية في وجه الإرادة الدولية منذ إعلان حالة الحرب في قطاع غزة. وقد كان القطاع الصحفي من جملة المستهدفين بنيران الحرب الإسرائيلية، متمثلا في الصحفيين والمعدات والمكاتب والأستوديوهات الصحفية. وبلغت خسائر هذا القطاع أرقاما كبيرة جدا وغير معهودة في سياق النزاعات المسلحة.
أسهمت التطورات المتلاحقة في المنظومة الدولية في توفير حماية خاصة بالنشاط الصحفي في النزاعات المسلحة؛ إذ تكتسب الصحافة أهميتها من دورها في كشف الحقائق وإبراز الانتهاكات التي تقع بحق المدنيين الأبرياء والعزل. وانطلاقًا من هذا الدور المهم، أسقَطَت اتفاقيات القانون الدولي الإنساني وصفَ المدني على الصحفيين، والأعيان المدنية على المرافق الصحفية، حتى يكونوا مشمولين بالحماية العامة التي يتمتع بها المدنيون والأعيان المدنية في ظل النزاعات المسلحة في إطار المادة "4" من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 المختصة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، والممتدة للحماية القادمة من المادة "4" بشأن المراسلين الحربيين بوصفهم مدنيين في إطار اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب لعام 1949. وشهدت المنظومة القانونية تطورًا ملحوظًا لتوفير حماية خاصة للصحفيين والنشاط الصحفي في أثناء النزاعات المسلحة. وقد تُوِّجت هذه الجهود بالنجاح خلال المؤتمر الدبلوماسي المنعقد في جنيف بين عامي 1974 و1977، الذي سعى إلى تحديث البروتوكولات الملحقة باتفاقيات جنيف لعام 1949. كان من بين هذه التحديثات تطوير المادة "4/أ/4" من اتفاقية جنيف الثالثة بهدف تعزيز حماية الصحفيين، وتُرجمت هذه المساعي إلى إنجاز فعلي من خلال المادة "79" في البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف، التي خصصت عددًا من الأحكام لضمان حماية الصحفيين تحت عنوان "تدابير حماية الصحفيين." ولكن عندما يتعلق الأمر بهذا العدو الفتاك، وحريته في القتل والتدمير والاستهدافات فإن هذه النصوص والتعديلات ستبقى حبرًا على ورق بدون فائدة تذكر.
لكن من الممكن ملاحقة الإسرائيليين سواء أكانوا أفرادًا أو قادة، أمام المحكمة الجنائية الدولية عن طيف واسع من الانتهاكات؛ أولها جرائم استهداف الصحفيين في إطار جرائم الحرب بوصفها انتهاكات خطِرة للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة. وقد ترسخت الحماية المقررة للصحفيين في عدد من القرارات الدولية الصادرة عن الهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة أو المستقلة، إلى جانب النقابات المحلية أو الدولية المتعلقة بالصحافة، ومنها قرار مجلس الأمن 2222 (2015)، الذي ينص على "ضرورة حماية الصحفيين والإعلاميين والأفراد المرتبطين بهم الذين يغطون حالات النزاع كمدنيين". إلى جانب ذلك، فقد أشار القرار ذاته بوضوح وصراحة إلى أن "المعدات والمكاتب والأستوديوهات الإعلامية هي أصول مدنية وليست أصولا أو ممتلكات عسكرية ولا يجب أن تكون هدفًا لهجمات أو أعمال انتقامية". ولم تقف الجهود عند هذا الحد، بل إن هناك عددًا من القرارات التي أشارت إلى ضرورة توفير حماية للصحفيين والأدوات الصحفية مثل قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رقم 33/2 المؤرخ في 29 أيلول/ سبتمبر 2016، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 70/162 المؤرخ في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015 بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب. إلى جانب قرار اليونسكو رقم 29 "إدانة العنف ضد الصحفيين" المؤرخ في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1997، وإعلان ميديلين "تأمين سلامة الصحفيين ومكافحة الإفلات من العقاب"، الذي أعلنته اليونسكو في 4 أيار/مايو 2007، إضافة إلى قرارات أخرى. تشكّل اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأوّل الضمانة الأساسية في حماية الصحافيين أثناء الحروب والنزاعات المسلحة الدولية، فضلًا عن قرارات مجلس الأمن، وقرارات مجلس حقوق الإنسان، وخطة العمل بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب، وتقارير المقرّر الخاص بحرّية الرأي والتعبير. وقد شدّدت جميع تلك الوثائق على أهمّية حرّية الإعلام أثناء الحروب والنزاعات، وعلى أنّ أيّ اعتداء على صحافي هو تهديد لحرّية التعبير والإعلام، وليس فقط انتقاصًا من حقوق الصحافي نفسه. كما اعتبرت أنّ الإعلام لا يمكن أن يكون حرًّا ومستقلًّا ومتعدّدًا إذا كان الصحافيون يعملون في مناخ من الخوف والتهويل.
وقد عرّفت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتّحدة الصحافة بأنّها “مهنة تتقاسمها طائفة واسعة من الجهات الفاعلة، بمن فيها المراسلون والمحلّلون المحترفون والمتفرّغون، فضلًا عن أصحاب المدوَّنات الإلكترونية وغيرهم ممّن يشاركون في أشكال النشر الذاتي المطبوع أو على شبكة الإنترنت أو في مواضع أخرى”. وعليه، لا يقتصر موجب حماية الإعلاميين على الأشخاص المعترف بهم رسميًا، بل يشمل أيضًا سائر الموظفين العاملين في الوسائل الإعلامية أيًا كانت وسيلة النشر، ومن ضمن ذلك وسائل النشر الإلكتروني، وأيضًا الإعلاميين غير العاملين في وسائل إعلامية، والصحافيين المنتسبين وغير المنتسبين إلى النقابة، وأيضًا المواطنين الذي يقومون بمهامّ الصحافة إلكترونيًا وعلى حسابهم الخاص، لا سيّما أنّ ظروف الحروب والنزاعات المسلّحة تستدعي أحيانًا التعاون مع مواطنين “غير صحافيين” من أجل نقل الأخبار من أماكن تواجدهم لعدم تمكّن الصحافيين من الوصول إليها. وعند الحديث عن الحماية من الاعتداءات الجسدية، تزداد الاعتداءات الجسدية على الصحافيين بشكل ملحوظ أثناء الحروب والنزاعات المسلحة؛ بسبب قيامهم بمهام مهنية خطرة في مناطق النزاعات الدولية وغير الدولية. من هذا المنطلق، يشدد القانون الدولي الإنساني على حمايتهم ويعتبرهم أشخاصًا مدنيين، شرط ألّا يقوموا بأيّ عمل يسيء إلى وضعهم كأشخاص مدنيين. وعليه، يحظر استهدافهم بأيّ أعمال عدائية قد تعرّض حياتهم للخطر تحت طائلة اعتبارها جرائم حرب. كما يشدّد على عدم تجريدهم من صفتهم المدنية، حتى في الحالات التي يوجد فيها بينهم أفراد لا يسري عليهم تعريف المدنيين. ولا تقتصر حماية الصحافيين في هذا الصدد على حظر القتل أو الإصابات المباشرة، وإنّما تشمل أيضًا الامتناع عن أعمال الانتقام والعنف، كالتعذيب والإخفاء القسري والاعتقال والاحتجاز التعسّفي والأعمال التي من شأنها انتهاك الكرامة الشخصية والتحرّش الجنسي، واستهداف أفراد أسرهم. أما بالنسبة للصحافيين المرافقين للقوات المسلّحة، فهم يستفيدون أيضًا من الحماية المنصوص عليها في اتفاقية جنيف الثالثة ويعاملون معاملة أسرى حرب،كما تتضمن الحماية ضرورة التنبّه إلى المخاطر الخاصة التي تواجه الإعلاميات والعاملات في وسائل الإعلام أثناء الاضطلاع بمهامهنّ، هذا فضلًا عن موجب التزام الدول الأطراف في النزاعات المسلحة باحترام مبادئ التمييز (بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية)، والتناسب (بين آثار التدمير المشروعة والآثار العرضية غير المرغوب فيها)، والاحتياط (مثل الالتزام بتوجيه إنذار مسبق). أما حماية الصحافيين من الاعتداءات الرقمية، يتعرّض الصحافيون باستمرار للاعتداءات الرقمية، وتاليًا، يجب حمايتهم منها، بخاصة أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، نظرًا للمخاطر التي تترتّب عليها، نذكر منها حملات التضليل والتشهير، والتهديد بالعنف على شبكة الإنترنت، واستخدام تقنيات المراقبة، واعتراض الاتصالات غير القانونية أو التعسفية، واختراق البيانات، وحذف المحتوى بشكل مفرط أو تعطيله، وإغلاق الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتخزين البيانات الشخصية واستغلالها، واختراق الحسابات وكلمة المرور، وخرق المواقع وتشويه مضمونها، ومصادرة العمل الصحافي. هذا علمًا أنّ الاعتداءات على الصحافيات على الإنترنت تعدّ من أخطر التهديدات المعاصرة لسلامتهنّ وللمساواة بين الجنسين وحرّية الإعلام. أما حماية الصحافيين من الاعتداءات النفسية:
رغم عدم النصّ صراحة على الاعتداءات النفسية في اتفاقيات جنيف، حظر البروتوكول الإضافي الأول أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساسًا إلى بثّ الذعر بين السكان المدنيين، وعطفًا على ذلك، بين الصحافيين وتاليًا، حثّهم على التوقّف عن تغطية الحرب، وتشمل الاعتداءات النفسية الإساءة اللفظية والترهيب والتهديد بالعنف ودعوات الكراهية التي تشكّل تحريضًا على التمييز أو الخصومة أو العنف، وحملات التشهير، وضرب مصداقية الصحافي أو المس بشرفه أو سمعته، والتدخل في خصوصيّاته، أو شؤون أسرته، أو بيته، أو مراسلاته، وترهيب مصادره، سواء على الإنترنت أو خارجها، وإغراقه في الدعاوى القانونية الآيلة إلى إسكاته. هذا فضلًا عن أنّ تزايد الاعتداءات الجسدية ضدّ بعض الصحافيين يؤدي بحد ذاته إلى تداعيات نفسية عميقة على الصحافيين الآخرين.
الواقع أنّ منظمات دولية عدة وثقت استهداف الصحافيين بشكل غير مسبوق منذ عقود، مما قد يشير إلى وجود استراتيجية متعمّدة تهدف إلى إسكات التقارير الصحافية وعرقلة توثيق الجرائم الدولية المحتملة. كما أظهرت تقارير منظمات مثل “مراسلون بلا حدود” و”لجنة حماية الصحافيين” أنّ نمط استهداف الصحافيين يترك آثارًا سلبية، ليس فقط على الأفراد المستهدفين، بل على المجتمع الصحافي ككلّ، ممّا قد يؤدّي إلى الرقابة الذاتية خوفًا من المخاطر. أما حماية المعدّات الصحافية، تعدّ المعدّات الصحافية أيضًا من الأعيان المدنية المستوجب حمايتها وفق قرارات مجلس الأمن. وأشار تقرير المقرّرة الخاصة لحرية الرأي والتعبير نقلًا عن تقارير إحدى المنظمات الدولية أنّ “الجيش الإسرائيلي، باستهدافه جميع المرافق والمعدّات الصحافية، لا يكتفي بقطع أيّ مصدر للصور والمعلومات في غزة فحسب، بل إنّه يعرّض للخطر أيضًا الخدمات اللوجستية التي يحتاجها الصحافيون للقيام بمهمتهم. وسجّلت أيضًا اعتداءات على المعدّات الصحافية التي استمرت بالرغم من وقف إطلاق. اليوم للأسف أصبحنا في عالم لا يحكمه القانون ولا العدل ولا انصاف الحق ومعاقبة المجرم، ولا يوجد أي اعتراف لما تنادي به المواثيق والاعلانات الدولية الرامية لتعزيز الحقوق والحريات وعلى رأسها حرية الصحافة، اليوم أصبحنا نرى الانتهاكات هنا وهناك ولا يتوقف الأمر على المدنيين، بل أصبح استهداف الصحفيين سياسة ممنهجة يتبعها العدو الإسرائيلي للقضاء على صوت الحقيقة الذي بات يصدع في كل مكان. والعامل الأكبر والسبب الاعظم لغطرسة العدو الإسرائيلي في جرائمه هو غياب تطبيق القانون على جرائمهم ، وغياب الحماية القانونية لحمايتهم أثناء قيامهم بنقل الخبر، وغياب معاقبة العدو الإسرائيلي كما يعاقب الآخرين. وندعو الله الرحمة والمغفرة لجميع شهداء صوت الحق والحقيقة والضمير شهداء الكلمة والأمل، ومهما تغطرس العدو الجبان في جرائمه وقتل الكثير من الصحفيين سيولد الكثير منهم ويكشفون جرائم العدو الإسرائيلي، وسيكون هنالك الكثير من أنس الشريف وغيره في كل مكان.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-08-2025 12:13 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |