حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,4 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5999

نادية سعدالدين تكتب: اعترافات دولية مهمة .. لن تقيم "الدولة" الفلسطينية

نادية سعدالدين تكتب: اعترافات دولية مهمة .. لن تقيم "الدولة" الفلسطينية

نادية سعدالدين تكتب: اعترافات دولية مهمة ..  لن تقيم "الدولة" الفلسطينية

04-08-2025 08:56 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نادية سعدالدين
لا شك أن الاعترافات الدولية المُتوالية بدولة فلسطين مهمة، سياسياً ودبلوماسياً، وتُعبر عن زخم التأييد الدولي حولها واتسّاع قاعدة التضامن الدولي لعدالة القضية الفلسطينية؛ ولكنها تظل تحركاً رمزياً لن يُقيم فعلياً الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، طالما بقي الاحتلال خارج دائرة الضغط والمساءلة القانونية.


فإلى جانب مٌعاكسّة الخطوة لمنطق حتميّة إنهاء الاحتلال قبلاً وليس بعداً؛ فإن «نتنياهو» لن يلتزم بنواتجها التي لن تُغير موازين القوى ولا الوقائع المُترسخة على الأرض، إزاء الاستيطان القاضم للمساحة الأكبر من الضفة الغربية، وخطط ضمها وإبقاء السيطرة العسكرية والأمنية الصهيونية في قطاع غزة لمرحلة ما بعد حرب الإبادة الجماعية اللامتناهية.

أما الاستشهاد «بغضب» الكيان المُحتل من التحرك الدولي الجاري للدلالة على نجاعته أمر يُجانب الصواب؛ إذ إن موقف الاحتلال منه يدخل في باب درء المخاطر، والتشبث بالراهن الذي يستطيع تغييره تبعاً لمصالحه الاستعمارية الاستيطانية بدون ضجة إعلامية، إضافة إلى النظرة العنصرية الصهيونية التي لا تريد للفلسطينيين تسجيل أي تقدم حتى لو كان معنوياً.
إلا أن «نتنياهو» مُتوجس من التحول المُلفت في توجهات الرأي العام العالمي والموقف الدولي المُصاحب لخطوة «الاعترافات»؛ عبر تصاعد حجم المظاهرات والوقفات الاحتجاجية المساندة للفلسطينيين والمنددة بجرائم الاحتلال، وتزايد عدد النخب الفكرية الناقدة له، ووتيرة المقاطعة الأكاديمية والثقافية الغربية لنظيرتها الصهيونية، عبر «الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل» «BDS»، واستقرار صورته المشوّهة في الوجدان العالمي مقابل درجة من الرضا للمقاومة.
ومع ذلك؛ وبدون الضغط لجهة إنهاء الاحتلال أولاً؛ فإن خطوة «الاعترافات» قد تجر تبعات جسيمة على القضية الفلسطينية. فبعد أن أسقطت كلياً نحو 78 % من مجمل جغرافية فلسطين المحتلة من حق المطالبة بها، فإنها أنشأت إبهاماً حول ما إذا ستكون معولاً حقيقياً لتكريس الدولة فعلياً على الأرض في مرحلة لاحقة، أم أنها سوف تتحول في أفضل الحالات، وفق رؤية «نتنياهو» وائتلافه اليميني المتطرف والحركات الدينية القومية المتشدّدة، إلى كيان فلسطيني مجزوء ومحاصر وبحدود مؤقتة، أو «دولة حكم ذاتي»، بدلا من «سلطة حكم ذاتي»، منزوعة السيادة والسلاح، أي دولة على الورق فقط، شريطة عدم الشطط في هذه المسألة أيضاً، في ظل سيطرة الاحتلال على المعابر والحدود وحركة التنقل.
ويقع المحظور الأكبر في غياب أسّ دعائم الدولة وشروطها، أمام سياسة الاستيطان والاستعمار الصهيوني التي تمكنت من قضم زهاء 80 % من مساحة الضفة الغربية، مبقية أقل من 20 % فقط بيّد الفلسطينيين، تعادل 12 % من فلسطين التاريخية. فيما تمتد الأراضي الفلسطينية الخارجة عن يد الاحتلال ضمن ثمانية «كانتونات» غير متصلة جغرافياً، لتشكل، مع المساحة المتبقية من قطاع غزة، قوام الكيان الفلسطيني المستقبلي، وفق الرؤية الصهيونية، الذي لا يخرج بالنسبة إليها عن إطار الحكم الذاتي المعني بالشؤون المدنية للسكان، باستثناء السيادة والأمن الموكولين للاحتلال.
ولأن اتفاق «أوسلو» (1993) قاد إلى هذا المأزق من التحركات المتناقضّة؛ فلم تُطرّح آلية لمقاومة الاستيطان سوى المفاوضات، أو مقاطعتها، وهي معطلة أصلاً، إذ ليس لدى الفلسطينيين وسيلة في إطار اتفاقيات السلام تجُبر الاحتلال على فعل شيء حيال وقفه أو تفكيكه.
لا تسمح موازين القوى السائدة للدولة الفلسطينية بالتحقق الفعلي، حيث سيكون الحل النهائي مواجهة بين موقف دولي ينادي بإقامة دولة فلسطينية من ناحية، وواقع ميداني يجعل تنفيذ ذلك مستحيلا، فيما سيضغط «نتنياهو» تدريجيا، مدعوما بالإدارة الأميركية، تجاه جعل حلّ القضية الفلسطينية على حساب الدول المجاورة، أو هكذا يتخيّلون.
وحتى لا يؤول زخّم «الاعترافات» إلى نفس المصير البائس لخطوة منح فلسطين صفة «دولة مراقب غير عضو» في الأمم المتحدة (29/11/2012)؛ فلا بد من استثمار التفهّم الدولي لعدالة القضية الفلسطينية في الضغط لإنهاء الاحتلال أولاً، كما يتطلب فلسطينياً إنهاء الانقسام ووضع برنامج وطني موحد وفق المقاومة بشتى أشكالها، مثلما يستدعي دعماً عربياً إسلامياً خارج إطار المواقف التضامنية لنصرّة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني.











طباعة
  • المشاهدات: 5999
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
04-08-2025 08:56 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم