03-08-2025 09:00 AM
بقلم : خولة كامل الكردي
لم يحتمل رؤيته حافي القدمين ثيابه مهللة، تكاد تسقط لنحول جسده وضعف بنيته، أمير(عبدالرحيم)
الطفل الغزي الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره يقطع مسافة 12 كيلومترا ليصل إلى مركز توزيع المساعدات الإنسانية، يلتقط كيسا من العدس والأرز ويقبل يد الجندي الأميركي في مؤسسة غزة الإنسانية ويشكره بالإنجليزية thank you، وما إن شرع أمير المغادرة حتى بدأ إطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي، فأصيب أمير مع العديد من طالبي المساعدات. هذا بعض ما رواه الجندي الأميركي أنتوني غيلار الذي يعمل في مؤسسة غزة الإنسانية!! والتي توجه لها اتهامات في المشاركة بقتل مدنيين غزيين من الذين يتوجهون إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، فبدل أن يعودوا لأسرهم بالطعام الذي سيحميهم من عذاب الجوع، يعودون جثثا هامدة، فهي بلا شك مراكز توزيع الموت والقتل.
أمير حاله حال الكثير من الأطفال الغزيين الذين يذوقون معاناة التجويع والنزوح والخوف وتدمير بيوتهم، هو قصة من بين قصص لا تعد ولا تحصى سجلت وقوع أطفال أبرياء ضحايا لحرب لا تجلب لهم سوى الألم والدموع والقسوة والحرمان، والمتاجرة بدمائهم لأجندات سياسية خالصة، لأولئك الذين لا هم لهم إلا تحقيق مصالح حزبية ضيقة رخيصة، يتشبث بها أمثال مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت وسموتريتش وبن غفير، فلا يمكن أن يكون الأطفال ضحية مقامرة دولية لا إنسانية، هذا ليس مكانهم بل مكانهم مقاعد الدراسة، وبين أسرهم يلعبون ويلهون كبقية أطفال العالم، روى الجندي الأميركي ما رأته عيناه، لم يختلق قصة زائفة التقى بالطفل أمير وأطلق عليه النار قدامه، فلم يطق ما شاهده بأم عينيه وقدم استقالته.
ولا تختلف قصة أمير عن فارس عودة الطفل الغزي الذي لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره من شارع صلاح الدين، الذي في التاسع من من نوفمبر 2000، تناقلت صوره وسائل الإعلام العالمية وهو يقف أمام دبابة إسرائيلية في مشهد تحد وهو يؤدي رقصة الدبكة ويقذفها بالحجارة ويغني، لم يكن ينصت لوالديه بعدم الذهاب إلى منطقة المنطار وإلقاء الحجارة على قوات الاحتلال الإسرائيلي، بل كان يصر على الذهاب إلى هناك وحقيبة مدرسته على ظهره.
فارس كان طفلاً غريباً صمم على مواجهة الدبابات الإسرائيلية رغم خطورة ذلك على حياته، لم يكترث لتحذير أسرته ومحاولة منعه من الذهاب إلى منطقة المنطار وقذفهم بالحجارة والمولوتوف والمقلاع، يزيد إصراره على مواصلة طريقه في كل مرة يرى ما يصنع جنود الاحتلال بحق المدنيين الأبرياء، وجاء قرار مواجهة الاحتلال حتى النهاية، وقتما استشهد ابن خالته شادي، الذي كان رفيقه في مناطق المواجهات في المنطار، فما كان منه إلا والتقط إكليل الورد الذي وضع على قبر شادي، وقال لخالته سأضع صورتي عليه.
في صباح اليوم التالي توجه إلى مدرسته وفي داخله نداء يهتف بقوة إلى المنطار لا مناص من ذلك، وصوت والدته يتردد صداه في أذنيه تحذره ألا يتوجه إلى مصيدة الموت المنطار، لكنه ذهب وبدأ بقذف الحجارة على الدبابات فانخلع حذاؤه واستدار ليأخذه فأطلق النار عليه فأصيب في عنقه، وظل ينزف ساعة حتى تمكنت سيارة الإسعاف انتشاله ونقله إلى المشفى، لكن بعد فوات الأوان فقد فارق الحياة فارس، وفي الثامن من نوفمبر عام 2000على قبره كما تمنى وضع إكليل الورد الذي أخذه من قبر رفيقه وابن خالته شادي.
هكذا هم أطفال فلسطين في غزة أم في الضفة الغربية أهداف لنزوات قوات الجيش الإسرائيلي، فأمير ذاق الأمرين ليصل إلى مركز توزيع المساعدات الإنسانية، ليجلب كيس عدس وأرز وهو فتات كما قال الجندي غيلار، ليعود لأمه وإخوته الجوعى
ويطعمهم، وفارس الذي أراد أن ينقذ الأطفال الذين سيأتون من بعده وأمير واحد منهم، لكن المعاناة ما تزال، ومزيداً من الأطفال يموتون بسبب الجوع وسوء التغذية والقتل والمرض. فهل سيتحرك العالم لإنقاذ أطفال فلسطين من حرب مجنونة يشنها شخص أرعن متطرف بنيامين نتنياهو ووزراؤه العنصريون ومن يدعمهم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-08-2025 09:00 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |