حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,1 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 9440

د. يزن عناب يكتب: من أداة وفاء إلى أزمة ثقة: كيف دمّر تعديل قانون التنفيذ دورة الاقتصاد في الأردن؟

د. يزن عناب يكتب: من أداة وفاء إلى أزمة ثقة: كيف دمّر تعديل قانون التنفيذ دورة الاقتصاد في الأردن؟

د. يزن عناب يكتب: من أداة وفاء إلى أزمة ثقة: كيف دمّر تعديل قانون التنفيذ دورة الاقتصاد في الأردن؟

30-07-2025 04:34 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور المحامي يزن سليم عناب
مع بدء سريان التعديلات الجديدة على قانون التنفيذ الأردني، والتي ألغت حبس المدين في القضايا المتعلقة بالديون الناتجة عن الالتزامات التعاقدية، والتي شملت الأوراق التجارية بأنواعها المختلفة، بدأت تظهر مؤشرات على تراجع الثقة بين التجار والمتعاملين في السوق. هذه التعديلات جاءت في وقت يعاني فيه الاقتصاد من تباطؤ شديد ونقص في السيولة، وهو ما زاد الطين بلّة، وعمّق حالة الركود التي تمر بها البلاد.

وعلى أرض الواقع، كثير من التجار كانوا يعتمدون على الشيكات الآجلة كوسيلة لضمان حقوقهم كون الشيك هو الورقة التجارية الأكثر تداولا بين التجار، ورغم أن الشيك في الأصل وسيلة وفاء وليس ضمانًا، ورغم أن استخدامه كأداة ضمان مخالف لوظيفته القانونية، ولكن طبيعة السوق الأردني، والضغوطات الاقتصادية التي مرَ بها، دفعت الجميع للتعامل معه وكأنه أداة نقدية آجلة مضمونة. وبناءً عليه، كانت تُسلّم البضائع، وتُقدّم الخدمات دون الدفع الفوري، اعتمادًا على فكرة أن بإمكان الدائن تحصيل حقه لاحقًا بطريقة مضمونة.

الآن، وبعد إلغاء حبس المدين بحسب التعديلات الأخيرة، دون وجود بدائل رادعة، تغيرت المعادلة. الشيك لم يعد أداة مالية موثوقة كما كان، والنتيجة أن غالبية التجار أصبحوا يترددون في البيع الآجل أو تقديم أي تسهيلات، خوفًا من التعرّض للخسارة دون وجود وسيلة قوية لتحصيل ديونهم. هذا الحذر انعكس على نحو مباشر على حركة السوق، فزادت البضائع الراكدة، وتراجعت الصفقات، وبدأت دورة الاقتصاد تتباطأ أكثر فأكثر.

أما التجار الصغار، فهؤلاء هم الحلقة الأضعف في هذه الدائرة. لا يملكون ما يكفي من أدوات لحماية أنفسهم قانونيًا، ولا قدرة لديهم على خوض نزاعات طويلة في المحاكم. ومع تراكم الديون دون تحصيل، تصبح قدرتهم على الاستمرار في الشراء والتوزيع محدودة، ما يؤثر في السوق بأكمله، وليس فقط على الأفراد.

المشكلة ليست في التعديل القانوني بحد ذاته، بل في غياب بدائل قانونية رادعة تُعيد للعقود والأوراق التجارية ضمانتها، فإن إلغاء الحبس قد يؤدي إلى نتائج عكسية تمسّ عصب الاقتصاد الأردني، عوضا عن أن تحقّق الغاية الاجتماعية التي وُضع من أجلها.

بصفتي محاميًا مختصًا في شؤون الشركات وخبيرًا اقتصاديًا، أرى أن اعتماد التجار في السوق الأردني على الشيكات المؤجلة كوسيلة لضمان حقوقهم وتسيير أعمالهم التجارية، وتحولها من أداة وفاء إلى أداة ضمان، يُعد نتيجة طبيعية لضعف القوة الشرائية وشُح السيولة. لقد أصبحت الشيكات في الواقع التجاري تشكّل بديلًا آمنًا وفعالًا في غياب السيولة، وهو تطور يمكن النظر إليه بإيجابية من حيث وظيفته الاقتصادية. إلا أن غياب أدوات قانونية رادعة تحمي الحقوق بعد إلغاء الحبس المدني، أضعف من فعالية هذه الشيكات وأفقدها قيمتها كوسيلة تحفظ الثقة بالتعاملات. وقد بات واضحًا اليوم أن كثيرًا من التجار أصبحوا مترددين في التعامل بالبيع الآجل، مما انعكس سلبًا على حركة السوق والنشاط التجاري بشكل عام. ومن هذا المنطلق، أجدّد الدعوة إلى صُنّاع القرار لمراجعة التعديلات الأخيرة على قانون التنفيذ، أو على الأقل العمل سريعًا على إيجاد بدائل قانونية فعالة تُعيد الثقة للأسواق، وتُعزز استقرار التعاملات التجارية قبل أن تتفاقم الأوضاع.











طباعة
  • المشاهدات: 9440
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-07-2025 04:34 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم