30-07-2025 04:29 PM
بقلم : عماد صقر النعانعة
"بلغ السيل الزُبى" لم تعد مجرد استعارة لغوية، بل وصف دقيق لحالة الاحتقان التي يعيشها شباب الجنوب في وجه سياسات إقصائية ممنهجة، تُمارَس باسم "التمكين" و"الشراكة الوطنية"، لكنها في الواقع تعمق الفجوة بين المركز والأطراف، بين الكفاءة والولاء، بين الأصل والصوت المُصطنع.
في الوقت الذي يُنتظر فيه أن يكون التمكين أداة للعدالة الاجتماعية وردّ الاعتبار للمهمّشين، نشهد اليوم تمكينًا انتقائيًا لا يخضع لأي معايير واضحة، سوى الانتماء إلى دوائر النفوذ، أو إلى ولاءات تتجاوز حدود الوطن، أو ببساطة، إلى "شهرة" صُنعت من فيديوهات ساقطة، أو مشاركات في جلسات خاصة، تحكمها العلاقات لا الكفاءات.
شباب الجنوب، أولئك الذين لطالما قدّموا أرواحهم في الميادين، ووقفوا في وجه التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، يجدون أنفسهم اليوم على الهامش، بينما تُوزَّع الأوسمة وتُقام الولائم باسم "التمثيل" و"التقدير"، لأشخاص لا يمثلون إلا مصالحهم الشخصية أو الجهات التي دعمت صعودهم المفاجئ.
لسنا ضد أحد، ولسنا دعاة إقصاء، لكننا في مواجهة مع سياسة ممنهجة تُقصي الصوت الجاد، وتُخدر الوعي الجماعي برموزٍ مفرغة من أي محتوى وطني أو أخلاقي. لقد تحول الفضاء المدني إلى منصة لتبييض الصورة، لا لتغيير الواقع، وصارت الأصوات الصادقة تُصنف إما على أنها "مُعارِضة" أو "غير منضبطة"، فقط لأنها تطالب بالعدالة.
إن الوطن لا يتسع للجميع إذا كان الثمن كرامة أبناءه الحقيقيين، أولئك الذين نشأوا بين شمس الجنوب وترابه، وراكموا تجربة عملية وأخلاقية لا تُقارن بما يُلمع في الصالونات المغلقة. الكرامة لا تُمنح، والولاء لا يُشترى، والتاريخ لا يُكتب بأوامر فوقية، بل بدموع الأمهات، وعرق الشرفاء، وصوت من لم يُسمح له بالحديث بعد.
نعم، قد نُقصى اليوم بصمت، لكننا لن نصمت طويلًا.
نحن لسنا ظلّ أحد، ولسنا تابعين لأحد. نحن أبناء الأرض، ومن لا يعترف بنا اليوم، سيُجبر على احترامنا غدًا. وسنعود، لا لنتوسل دورًا، بل لنأخذه عن جدارة، لا وساطة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-07-2025 04:29 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |