28-07-2025 09:33 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
دفعني إلى كتابة هذا المقال حديث متبادل مع أصدقاء حول واقع الأحزاب الوطنية الأردنية في ظل التطورات المحلية والأوضاع الإقليمية، وخاصة القضية الفلسطينية من زاوية موقف الأردن من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على أهلنا في غزة، والاعتداءات اليومية على أهلنا في الضفة الغربية، وعلى الحرم القدسي الشريف والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
وفي رأيي أن موقف الأردن من كل هذه التطورات وغيرها من الأزمات المحيطة به ما كان له أن يكون فاعلاً ومؤثراً لولا متانة وضعه الداخلي، وتماسك جميع عناصر قوته العديدة ومنها الأحزاب باعتبارها جزءا من منظومة الواقع السياسي للدولة التي استطاعت أن تحافظ على نسق تقدمها على خريطة الطريق التي رسمها جلالة الملك عبدالله الثاني لعملية التحديث السياسي، القائمة أساساً على مبدأ المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وتلك الخطوات قطعت شوطا طويلاً منذ تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي تشرفت بعضويتها قبل أربعة أعوام، وما تبعها من إصدار قانوني الأحزاب والانتخاب، ومن انتخابات لاختيار أعضاء مجلس النواب العشرين لتملأ الأحزاب المقاعد الواحدة والأربعين المخصصة لها وفق المرحلة الأولى لتلك العملية.
سوء الأحوال التي تسود هذه المنطقة لم تتوقف منذ مائة عام من عمر الدولة، وقد اعتاد هذا البلد قيادة وشعباً على استيعاب الأزمات المحيطة بها، وكلها كانت تؤثر عليه بصورة مباشرة، ومعظمها شكلت تهديداً لأمنه القومي، ورغما عن ذلك ظل من موقعه القوي يحاول مساندة أشقائه، ويدفع في الآن نفسه نحو حل تلك الأزمات عن طريق التفاوض السلمي الذي يرسى قواعد الحق والعدل، ويساهم في خلق فرص للتقارب والتعاون وضمان أمن واستقرار المنطقة، وحفظ كرامة شعوبها وحقها في الحياة الكريمة والآمنة!
الحياة الحزبية في الأردن لم تكن بعيدة عن تلك التطورات حتى وإن تناقض بعضها مع المصالح العليا للدولة، خاصة في خمسينيات القرن الماضي، وفي نهاية المطاف فإن تلك الحيوية الحزبية الأردنية تشكل مجمل التجربة السياسية من ناحية، وتجعل من إعادة التشكيل عملية تستند إليها بما فيها من سلبيات وإيجابيات من ناحية ثانية، ولذلك فإن الأحزاب الوطنية البرامجية التي تشكلت من رحم عملية التحديث السياسي هي حديثة العهد من حيث تزامنها مع تلك العملية، ولكنها قديمة جداً من حيث تراكمية التجربة السياسية الأردنية، وأصالة وتفاعلية الوعي الوطني مع مواقف الدولة ومكانتها ودورها وقوتها في مواجهة واقعها الإقليمي والدولي، والدفاع عن مصالح شعبها وضمان مستقبل أجياله القادمة.
إذا كانت صورة المشهد الحزبي ستكتمل عندما تجري انتخابات المجلس النيابي الثاني والعشرين حيث تحصل الأحزاب على أغلبية برلمانية تؤهلها لتشكيل الحكومة أو المشاركة فيها بنسبة عالية فإن ما تم قطعه من خطوات حتى الآن على طريق التحديث السياسي لا يمكن التقليل من شأنه، ولا أبالغ إذا قلت إنه مؤشر موضوعي على أن بقية المسارات المرتبطة به تمضي في نفس الاتجاه على المستويين الاقتصادي والإداري، وعلى مستوى القطاعات كلها، وذلك أمر طبيعي ما دامت الدولة تستطلع خطواتها دائما وفق خريطة للطريق!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-07-2025 09:33 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |