حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,28 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6317

د. صبري راضي درادكة يكتب: هل عقيدة الصدمة تقترب من أموال الضمان الاجتماعي؟

د. صبري راضي درادكة يكتب: هل عقيدة الصدمة تقترب من أموال الضمان الاجتماعي؟

د. صبري راضي درادكة يكتب: هل عقيدة الصدمة تقترب من أموال الضمان الاجتماعي؟

28-07-2025 08:28 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. صبري راضي درادكة
في كتابها "عقيدة الصدمة"، تشرح الباحثة الكندية نعومي كلاين كيف تستغل القوى الاقتصادية الأزمات العميقة – أكانت سياسية أم اقتصادية أم طبيعية – لتمرير سياسات لم يكن بالإمكان فرضها في الظروف العادية، وفي مقدمة هذه السياسات خصخصة أنظمة الحماية الاجتماعية وتحويلها من مظلة أمان للفئات الأضعف إلى أدوات استثمارية تبحث عن الربح.

إذا وضعنا هذا التحليل تحت مجهر النقاشات الدائرة في الأردن اليوم حول التقاعد المبكر، ورفع سن الشيخوخة، وتعديل معادلات احتساب الرواتب، وتعظيم استثمارات صندوق الضمان، يبرز سؤال لا بد من طرحه بوضوح: هل نحن بالفعل بصدد إصلاح يضمن استدامة أموال الضمان وعدالته للأجيال القادمة، أم أن ما يحدث أقرب إلى تطبيق بطيء لعقيدة الصدمة بنسختها الأردنية؟

تجربة تشيلي: دروس من الخصخصة

بعد انقلاب 1973 في تشيلي، وفي ظل أوضاع مرتبكة، جرى عام 1981 تحويل نظام التقاعد إلى صناديق خاصة تديرها شركات استثمارية بإشراف ما عرف بـ"صبيان شيكاغو". النتيجة؟

فرض اقتطاع 10% من رواتب العمال لصالح تلك الصناديق.

وُعِد الناس بعوائد مجزية مقارنة بالنظام العام.

لكن بعد ثلاثة عقود، تقاضى أكثر من 40% من المتقاعدين معاشات دون خط الفقر، ولم يتجاوز متوسط الراتب التقاعدي 33% من آخر راتب، بينما تضاعفت أرباح الشركات الخاصة.
وفي النهاية، اضطرت الدولة للتدخل مجددًا لدعم الفقراء من المتقاعدين. التجربة التي سُوِّقت عالميًا كنموذج إصلاحي صارت تحذيرًا من خصخصة الضمان دون حماية حقيقية للمشتركين.

الوضع الأردني: أين نقف؟

الضمان الاجتماعي في الأردن ما يزال مؤسسة عامة يعتمد عليها أكثر من 1.7 مليون مشترك، لكنه يمر بمرحلة دقيقة وسط نقاشات متسارعة حول:

التشدد في شروط التقاعد المبكر،

رفع سن التقاعد الفعلي،

تعديل معادلات احتساب الرواتب،

وتعظيم الاستثمارات.

ورغم أن هذه الخطوات تُطرح تحت عنوان "الاستدامة"، فإنها تثير قلقًا مشروعًا لدى الأردنيين: هل نحن بصدد إصلاح يوازن بين البعد الاجتماعي والمالي، أم أمام تحوّل تدريجي للضمان إلى صندوق استثماري يخضع لمنطق السوق أكثر من كونه عقدًا اجتماعيًا؟

ما هي الصدمة المحتملة؟

وهنا يبرز سؤال لا يقل أهمية: ما هي تلك الصدمة التي قد تحدث – لا قدر الله – لتقود إلى قبول خصخصة الضمان الاجتماعي؟
هل يمكن أن تكون صدمة داخلية مثل:

أزمة مالية مفاجئة في الصندوق تُظهره عاجزًا عن الوفاء بالتزاماته؟

فضائح فساد أو سوء إدارة تزعزع ثقة المشتركين؟

قرارات داخلية غير شعبية تؤدي إلى فقدان الثقة العامة بالنظام؟


أم أنها صدمة خارجية تُفرض من خارج المؤسسة، مثل:

ضغوط من مؤسسات دولية كالبنك الدولي وصندوق النقد تشترط الخصخصة مقابل قروض أو مساعدات؟

أزمة اقتصادية وطنية أو إقليمية حادة تجعل الحكومة مضطرة لتسييل أصول الضمان أو فتحه أمام القطاع الخاص كـ"حل إنقاذي"؟

تشريعات مفاجئة تفرض إعادة هيكلة الضمان تحت شعار الإصلاح الشامل؟

ومن تجارب تشيلي والأرجنتين وبوليفيا يمكن أن نستخلص:

1. الضمان عقد اجتماعي قبل أن يكون صندوقًا ماليًا: المساس بهذه الفلسفة يحوله إلى أداة استثمارية بحتة.


2. الشفافية والمساءلة أساس: لا بد من الإفصاح الدوري عن الاستثمارات وخضوعها لرقابة مستقلة.


3. المشاركة المجتمعية: أي تعديل جوهري يجب أن يُناقش مع النقابيين والخبراء والمستفيدين.
إذا كانت عقيدة الصدمة تقوم على تمرير سياسات غير شعبية في ظل الأزمات، فإن الوعي المجتمعي والمشاركة الفاعلة هما خط الدفاع الأول. الضمان في الأردن ليس مجرد صندوق مالي؛ إنه ركيزة أمان واستقرار، وأي إصلاح يجب أن يُصاغ بميزان دقيق يضمن العدالة والاستدامة معًا، حتى لا يتحول الإصلاح إلى صدمة تمس حياة مئات الآلاف من الأردنيين.











طباعة
  • المشاهدات: 6317
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
28-07-2025 08:28 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم