27-07-2025 10:02 AM
بقلم : الدكتور المحامي يزن سليم عناب
شهد الاقتصاد الأردني خلال النصف الأول من عام 2025 مجموعة من التحديات الاقتصادية العميقة، تأثرت بشكل مباشر بالتباطؤ العالمي الناتج عن التوترات السياسية والحروب الإقليمية. هذا التباطؤ ألقى بظلاله على مؤشرات النمو المحلي، وأسهم في تراجع ملحوظ بالإيرادات الحكومية. ورغم حفاظ الاقتصاد الأردني في السنوات الماضية على وتيرة نمو معتدلة تراوحت بين 2% و3%، إلا أنه وفقًا لما نلاحظه في الواقع الاقتصادي في العام الحالي سجّل الاقتصاد الأردني بداية لمرحلة ركود اقتصادي واضحة انعكست على مختلف القطاعات الاقتصادية داخل المملكة.
في خضم هذه الأوضاع، تبرز الضرائب كأداة رئيسية لتمويل الموازنة العامة. وتعتمد الحكومة الأردنية بدرجة كبيرة على ضريبة المبيعات، التي تبلغ نسبتها 16% على معظم السلع والخدمات، مع استثناءات محدودة للسلع الأساسية. إلا أن هذا النوع من الضرائب يُعد عبئًا إضافيًا على المواطنين في فترات التراجع الاقتصادي كالتي يمر بها الاقتصاد الأردني في الوقت الحالي، حيث يُضعف قدرة المواطنين على الإنفاق، وبالتالي يؤدي إلى انخفاض الطلب المحلي، مما ينعكس سلبًا على نشاط قطاعات التجارة والخدمات.
إلى جانب ذلك، تمثل ضريبة الدخل والتي تُفرض على أرباح الشركات والمداخيل الشخصية مصدرًا مهمًا آخر للإيرادات. لكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، تتأثر هذه الإيرادات بشكل مباشر نتيجة تراجع أرباح الشركات وارتفاع معدلات البطالة، التي وصلت إلى نحو 21.3% خلال الربع الأول من عام 2025. هذا الواقع يؤثر بدوره على مستوى الإنفاق والاستثمار داخل السوق الأردني.
من ناحية أخرى، تواجه الحكومة الأردنية تحدي إضافي يتمثل في تخفيض الدعم المالي الأمريكي بما يقارب 430 مليون دولار، وهي مخصصات كانت تُستخدم في تمويل مشاريع تنموية حيوية. هذا التقليص ألحق ضررًا مباشرًا بقدرة الحكومة على تغطية العجز المالي المتزايد، وأضعف من قدرتها على دعم الفئات المتضررة من الركود، سواء من الأسر أو من قطاع الأعمال.
وقد بدا أثر هذا التقليص في زيادة العجز المالي، الذي بلغ في نهاية عام 2024 نحو 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مع مؤشرات على احتمال استمرار هذا الاتجاه التصاعدي خلال عام 2025، ما لم تُتخذ خطوات إصلاحية جريئة. وكنتيجة لذلك، اضطرت الحكومة إلى خفض نفقاتها في بعض القطاعات الحيوية، الأمر الذي قد يؤثر على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، ويحد من فرص توليد ووظائف جديدة في السوق.
في ضوء هذه التحديات الإقتصادية، يوصي المختصون بضرورة انتهاج سياسة ضريبية أكثر مرونة، تستجيب للواقع الاقتصادي الصعب. وتشمل هذه السياسة تقديم تسهيلات مؤقتة وإعفاءات ضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها عصب الاقتصاد الوطني، إلى جانب مراجعة الضرائب المفروضة على السلع الأساسية بهدف تحفيز الاستهلاك وتعزيز القوة الشرائية لدى المواطنين. كما يشدد الخبراء على أهمية تنويع مصادر التمويل، سواء داخليًا أو خارجيًا، لتقليل الاعتماد على المساعدات الدولية وتحقيق قدر أكبر من الاستقلال المالي.
في النهاية، فإن هذه التحديات الإقتصادية التي يمر بها الاقتصاد الأردني سواء كانت ناتجة عن التباطؤ العالمي أو انخفاض المساعدات الخارجية تتطلب استجابة مدروسة، تجمع بين تحقيق التوازن المالي وتعزيز النمو، مع الحفاظ على قدرة المواطن على تلبية احتياجاته الأساسية، وذلك من خلال إصلاحات اقتصادية شاملة وسياسات ضريبية متوازنة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-07-2025 10:02 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |