بقلم : المهندس عادل بصبوص
تقاعدت من العمل الحكومي قبل أكثر من سبع سنوات بعد قرابة سبعة وثلاثين عاماً من الخدمة في القطاع العام ....
لكن علاقتي بالعمل "العام" لم تتوقف .... فأنا ما زلت في "الخدمة" حتى اليوم لكن بظروف مختلفة .... أراها مخففة ومريحة بعض الشيء ... فعملي الحالي جزئي بارت تايم Part time يعني ربع ساعة إلى نص ساعة في اليوم ... قد تمتد أحياناً إلى ساعة كاملة في الأعياد والمناسبات ...

لا بد أنكم تتساءلون عن الجهة التي أعمل معها وعن طبيعة المهام والواجبات التي أقوم بها .... ولا بد أن بعضكم قد خمن أنني أجني الكثير من الفلوس والدراهم تضاف إلى راتب تقاعدي الحكومي الذي بقي ثابتاً كالطود لم تتغير قيمته منذ أكثر من سبع سنوات باستثناء زيادة لمرة واحدة بلغت عشرة دنانير أظنها كانت على عهد حكومة طيب الذكر د. عمر الرزاز ...

لن أدعكم تغرقون في الأسئلة أكثر ... فأنا أعمل مع أمانة عمان .... نعم أمانة عمان لم الاستغراب .... فهي البلدية الكبرى في المملكة ومن يعمل لديها بيكون حظه طيب ورَضِي والدين .... رواتب جيدة امتيازات مختلفة وفوق ذلك سلطة ونفوذ و ..... كل التراخيص والموافقات من عندها ....

بس ما يروح فكركوا لبعيد .... فعملي لا علاقة له لا بالهندسة ولا بالاستشارات ولا بأي مجال مشابه .... يا جماعة أنا بشتغل مجرد "عامل وطن" مع احترامنا لكل عمال الوطن اللي خلو عمان من أنظف المدن ... هذا واقع وهذه حقيقة ....

أكيد مندهشين ومستغربين ... لكن هذا ما يحصل يا جماعة ... وحتى أنهي مسلسل المفاجآت في الموضوع ... أنا بشتغل مجاناً ومش متطوع ... غصبن عني ... يعني عامل بالسخرة .... كيف وليش ... اسمعوا التفاصيل

يقع منزلي على شارع منحدر نسبياً ... وعلى طرف المنزل يقع موقف السيارات الخاص بنا وهو أخفض من مستوى الشارع بحوالي نصف متر .... وعلى بعد حوالي عشرين متر من المنزل وفي المنطقة العليا من الشارع توجد حاويتي نفايات .... تمتلآن عادة بمخلفات منازل المنطقة مع حلول المساء .... وهو التوقيت المفضل لعدد كبير من العاملين في "تدوير" النفايات ... يأتي الواحد منهم خلال ساعات الليل وبكون معه "بكم" -مش أزرق طبعاً- فيقوم "بتفقد" و "تفتيش" الحاويات ... ليأخذ ما ثقل وزنه وغلا ثمنه مما يجده من الأشياء المصنوعة من المعادن أو البلاستيك وأحياناً الخشب ... ويترك الباقي ... وخلال هذه العملية التي تتم على عجل ... تتناثر الكثير من المخلفات عديمة القيمة خفيفة الوزن على الأرض ... مثل المخلفات الورقية وعلب المياه البلاستيكية ... محارم وحفاظات مستعملة وقائمة لا تنتهي من "الزبايل" والمخلفات ...

أثناء الليل ومع أي هبة هواء خفيفة ... تتحرك "الزبايل" والمخلفات نزولاً مع انحدار الشارع حتى تصل إلى مدخل كراج السيارات الخاص بنا فيتجمع بعضها خلف باب الكراج والبعض الآخر يتسلل للداخل من تحت الباب ....
المشكلة أن عامل النظافة الموجود في المنطقة لا يعتبر إعادة هذه النفايات إلى الحاويات من مهامه أو واجباته .. خاصة وأن الكثير منها ينتقل إلى داخل الكراج ....
لذا تجدني مضطراً للقيام بإعادة جمع هذه النفايات ووضعها في أكياس بلاستيكية والعودة بها مجدداً إلى حاويات النفايات .... اللي قاهرني عمري ما لقيت بينها إشي عليه القيمة أوخذه ولو تذكار ....

أنا شخصياً احترم من يبحث عن رزقه وقوت عياله في الحاويات وبين أكوام النفايات .... لكنني يا جماعة أنا من يدفع الثمن ....

أتوجه إلى كافة الإخوة والأخوات ممن لديهم صلات أو معارف لدى أمانة عمان الكبرى ... أن يهبوا لنجدتي ومساعدتي في هذا المجال ....
مع ضرورة التنويه أنني لا أريد أن تقوم الأمانة بالتعرض لمن يتسبب بذلك أو الحد من هذه الظاهرة ... قطعاً لا أريد ذلك ... فقد تعودت على هذا العمل لا بل أحببته ... ما أريده فقط أن يتكرم معالي أمين عمان فيخصص لي مكافأة شهرية حتى لو كانت بسيطة "كعامل وطن غير متفرغ" ... فالشغل مش عيب ولا حرام .....