17-06-2025 10:50 AM
بقلم : مكرم أحمد الطراونة
منظومة تأمين صحي جديدة لمرضى السرطان، تشمل جميع الأردنيين، أعلنت عنها الحكومة أمس، في خطوة جديدة لتوسيع التأمين الصحي ليشمل جميع الفئات، ومن أجل توسيع مظلة التأمين والحماية الاجتماعية التي وعدت بها حكومة الدكتور جعفر حسان منذ مجيئها.
وبموجب الاتفاقية مع مركز الحسين للسرطان، ستقوم الحكومة بتأمين 4.1 مليون أردني، من خلال تخصيصها 124 مليون دينار من الموازنة لهذا الأمر، لتغطية غير المقتدرين، شاملا الأطفال من عمر يوم إلى 19 عاما، وكبار السن فوق 60 عاما.
مثل هذه الاتفاقية ليست فعلا خارقا في سياق عمل الحكومات، ولا هي خارج سياق عمل الحكومة ومسؤوليتها المباشرة عن احتياجات المواطن، بل هي في صميم عملها. لكن الأمر الذي ينبغي أن نتوقف عنده طويلا هو التوقيت الذي تم فيه إقرار المنظومة الجديدة، فهو يأتي في ظل حالة من عدم الاتزان التي تمر بها المنطقة برمتها، بسبب اندلاع النزاع المدمر بين إيران والكيان الصهيوني إثر الاعتداء غير المسبوق من الكيان على الجمهورية الإسلامية، والذي تقف فيه المنطقة على كف عفريت، وتتزايد المؤشرات لاحتمالات الانزلاق إلى حرب شاملة تشمل أطرافا أخرى ومناطق جديدة.
التوقيت، بحد ذاته، يؤشر إلى المسؤولية الكاملة التي تتحملها الحكومة عن تأمين احتياجات المواطن المختلفة، لذلك، فهي لا تلجأ إلى التعلل بالظروف المحيطة من أجل أن تتلكأ في تنفيذ وعودها، وخدمة المواطن، بل تعمد إلى متابعة جميع جزئيات عملها، من خلال الخطط التي وضعتها سابقا وفقا للبرنامج التنفيذي الذي أقرته.
وفي الوقت الذي تتولى فيه قواتنا المسلحة مسؤولية حماية الأرض والأجواء والحدود الأردنية من الأخطار المحيطة، تتهيأ الفرصة الكاملة للحكومة لإنجاز الملفات المهمة التي تخدم المواطن، وهي لا توفر جهدا في هذا السياق، خصوصا أن ظروف المنطقة لا تعفيها من مسؤولياتها الدستورية، وهي تفهم هذا الأمر جيدا، لذلك تدير الشأن المحلي باقتدار.
إعلان اتفاقية أمس، ينبغي أن يشكل حافزا لدى كل أردني للتوقف قليلا والتفكير في هذا البلد الذي نعترف بأن إمكانياته ليست كمثل كثير من الدول التي يمكنها أن تكون سخية برصد الموازنات والصرف على الخطط والبرامج، كما نقر بأن موقعه الجيوسياسي يؤثر في كثير من خططه واستراتيجيته التنموية بسبب عدم استقرار المنطقة منذ زهاء قرن، واندلاع الحروب والنزاعات فيها بشكل متكرر، ومع ذلك فالحكومة لا تغض الطرف عن مسؤوليتها المباشرة في التخطيط والتنفيذ، وضمان مصلحة المواطن، فقدرنا، على ما يبدو، أن تظل مثل هذه الأجواء المحبطة محيطة بنا، ومسؤوليتنا ألا نجعلها مشجبا للتكاسل عم أداء مهامنا.
الدول الحقيقية لا تتعامل مع نفسها على أنها كيانات مؤقتة، أو أن عليها انتظار زوال العوائق والتحديات لتبدأ بعدها بتنفيذ برامجها وخططها، بل تعمل من منطلق قدرتها على الصمود في وجه جميع التحديات، وهو ما يفعله الأردن منذ أن تم تأسيسه قبل قرن، لذلك يلزم نفسه بالبناء واتخاذ الخطوات اللازمة لنهضة البلد ورفاه أهله.
إنها رسالة مهمة جاءت في التوقيت المناسب. رسالة إلى طرفين نقيضين: للمواطن المؤمن بقوة بلده وقدرته على الصمود أمام جميع أنواع التحديات، وأبضا للمشككين الذين ما يزالون يرددون مقولات الستينيات والسبعينيات التي نظرت إلى الأردن على أنه "كيان طارئ مؤقت"، ليلفقوا له جميع أنواع التهم. هكذا نرد نحن كمواطنين وحكومات على جميع ما يتم رمينا به.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-06-2025 10:50 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |