حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,14 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5706

د. خالد السليمي يكتب: من التحديات إلى التحول .. التحديث السياسي والاقتصادي فرصة لتحسين المعيشة وخفض الفقر

د. خالد السليمي يكتب: من التحديات إلى التحول .. التحديث السياسي والاقتصادي فرصة لتحسين المعيشة وخفض الفقر

د. خالد السليمي يكتب: من التحديات إلى التحول ..  التحديث السياسي والاقتصادي فرصة لتحسين المعيشة وخفض الفقر

12-06-2025 01:52 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. خالد السليمي
الواقع لا يحتمل التأجيل
لم تعد التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه الدولة مجرّد أرقام أو شعارات تُتداول في المؤتمرات، بل أصبحت واقعاً يومياً يعيشه المواطن الأردني في تفاصيل حياته، من تكلفة الخبز إلى كلفة التعليم والعلاج، لقد آن الأوان للاعتراف بأن التحديث السياسي والاقتصادي لم يعد ترفاً فكرياً، بل ضرورة وطنية وجودية لا يمكن تأجيلها، إن الإصلاح الحقيقي يبدأ من الاعتراف الصريح بالخلل، ومن الإرادة الجادة في التحول الجذري، المدروس، والمستدام، بعيداً عن الحلول الترقيعية أو المجاملات السياسية، في سبيل إعادة تشكيل عقد اجتماعي جديد يعيد الثقة بين المواطن والدولة، ويؤسس لنهوض شامل يحمي الكرامة الإنسانية،

معركة الفقر: الوجع المشترك
الفقر ليس مجرد مؤشر اقتصادي، بل جرح وطني نازف يهدد نسيج المجتمع واستقراره، حينما يُجبر المواطن على المفاضلة بين حاجاته الأساسية، يصبح الوطن على حافة الخطر، إن خفض معدلات الفقر لا يتم عبر المعونات فقط، بل بفتح آفاق العمل المنتج، وإعادة هيكلة الاقتصاد ليصبح قادراً على استيعاب طاقات الشباب وتوجيهها نحو مشاريع مستدامة، نحن بحاجة إلى اقتصاد يضع الإنسان أولاً، ويعيد توزيع الثروة بعدالة، ويكافئ الابتكار والعمل لا الواسطة والاحتكار، الفقر لا يُحل بخطب منمقة، بل برؤية اقتصادية شجاعة تضع الفقير في قلب السياسة العامة.

التحديث السياسي: بداية جديدة أم مجرد تبديل مواقع؟
ليس الهدف من التحديث السياسي تبديل النخب أو إعادة تدوير الوجوه، بل هو مشروع وطني يسعى إلى بناء دولة مؤسسات حقيقية، قائمة على الشفافية، والمساءلة، والفصل الحقيقي بين السلطات، لا بد من تمكين الأحزاب والبرلمان والمجالس المحلية لتكون أدوات فاعلة في صناعة القرار، لا مجرد ديكور ديمقراطي، فالمشاركة السياسية الواسعة لا تتحقق دون إصلاح البيئة التشريعية والإعلامية والتعليمية، التي تؤهل المواطن ليكون فاعلاً لا متلقٍ، وشريكاً لا تابعاً، التحديث السياسي هو إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن على أسس من الكرامة، والحقوق، والواجبات المتبادلة.

الاقتصاد الوطني: من الاستدانة إلى الاستدامة
لقد أثقلت المديونية كاهل الدولة، وأصبحت سياسة الجباية عبئاً لا يُحتمل على المواطن والقطاع الخاص، المطلوب اليوم هو تحوّل اقتصادي عميق يُنهي حالة الاقتصاد الريعي، ويطلق العنان للإنتاجية الوطنية، من الزراعة إلى الصناعة، ومن التكنولوجيا إلى الطاقة البديلة، يجب أن نعيد التفكير في النماذج الاقتصادية القديمة التي أثبتت محدوديتها، وننتقل إلى اقتصاد معرفي، تنافسي، مبني على الابتكار والعدالة، كما أن محاربة الفساد الاقتصادي لا تقل أهمية عن محاربة الفقر، فكل دينار يُهدر هو اعتداء على مستقبل الأجيال القادمة.

العدالة الاجتماعية: الضمان الحقيقي للاستقرار
لا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح ما لم يكن جوهره تحقيق العدالة الاجتماعية، المواطن يشعر بالغُبن حين يرى الفارق الهائل بين الرواتب، والامتيازات، ومستوى الخدمات بين منطقة وأخرى أو بين فئة وأخرى، العدالة لا تعني المساواة المطلقة، بل تعني توفير الفرص المتكافئة، وإزالة الحواجز المصطنعة التي تعيق الحراك الاجتماعي، ومن هنا، يصبح التعليم الجيد، والرعاية الصحية الكريمة، والإسكان اللائق، والحق في العمل، ليست مطالب نخبوية، بل حقوقاً وطنية أصيلة لا تُمنح، بل تُنتزع عبر إصلاح سياسات الدولة تجاه الإنسان الأردني.

الشباب: طاقة مهدورة أم فرصة وطنية؟
يُمثل الشباب الأردني أكثر من 60% من سكان المملكة، وهم في جوهرهم الثروة الحقيقية لأي نهضة قادمة، وهم اليوم يُمثلون المورد الأكثر أهمية في معادلة التغيير والتحول، إلا أن تهميشهم في مواقع القرار، واستمرار البطالة في صفوفهم، يدفع الكثير منهم إلى اليأس أو الهجرة أو الانكفاء، المطلوب اليوم استراتيجية شاملة لتمكين الشباب سياسياً واقتصادياً، عبر تأهيلهم، وتمويل أفكارهم، وفتح الأبواب أمامهم دون واسطة أو محسوبية، نحن أمام خيارين: إما أن نستثمر في عقول الشباب وأحلامهم، أو نتحمّل نتائج فقدانهم للثقة بوطنهم، الشباب ليسوا عبئاً على الدولة، بل فرصتها الذهبية لصناعة المستقبل.

الحوكمة الرشيدة: لا نهضة بلا مؤسسات فاعلة
الفساد الإداري، والبيروقراطية العقيمة، والمحسوبية، تقف عائقاً أمام أي نهوض حقيقي، لا يمكن التحديث السياسي أو الاقتصادي دون إصلاح الجهاز الإداري للدولة، ورفع كفاءته، وتعزيز ثقافة المساءلة والشفافية فيه، الحوكمة الرشيدة تبدأ من تعيين الكفاءات في مواقعها، وقياس الأداء، ومكافأة المجتهد، ومعاقبة المقصر، لا يعقل أن يكون طريق المواطن إلى الخدمة محفوفاً بالإذلال أو التأخير، كما لا يجوز أن تبقى الرقابة شكلية أو انتقائية، الإصلاح يبدأ من الداخل، من مؤسسات الدولة التي يجب أن تكون في خدمة المواطن لا العكس.

الشراكة المجتمعية: الشعب جزء من الحل لا العائق
لقد أثبت التاريخ أن لا إصلاح ممكن دون إشراك المواطنين في صياغة الرؤية، وتنفيذ المشاريع، وتقييم الأداء، يجب أن يشعر المواطن أنه ليس مجرد متلقٍّ للقرارات، بل شريك في صنعها، هنا يأتي دور الإعلام الحر، والمجتمع المدني، والنقابات، والمجالس المحلية، كجسور فاعلة بين الدولة والناس، كما يجب الاستماع إلى نبض الشارع، لا عبر التقارير الرسمية فقط، بل من خلال التفاعل المباشر، وفتح حوارات وطنية جادة وغير مزيفة، الشراكة المجتمعية هي التي تضمن الاستقرار الحقيقي، لأن الدولة القوية هي التي تحتضن تنوع شعبها، وتستثمر فيه.

القيادة الهاشمية: البوصلة والضمانة
في خضم كل هذه التحديات والتحولات، تبقى القيادة الهاشمية هي الركيزة التي يستند إليها الوطن في عبور مراحله الصعبة، فقد أثبتت على مدار العقود حنكتها السياسية، وبعد نظرها الاقتصادي، في الحفاظ على استقرار الأردن وسط إقليم مشتعل، إن رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني، وخطاباته المتكررة حول الإصلاح، ليست مجرد عناوين، بل خارطة طريق تحتاج إلى تفعيل حقيقي، ولأن القيادة الهاشمية أثبتت أنها الأقرب إلى نبض الشعب، فإن الالتفاف حولها، وتعزيز الثقة بها، هو الشرط الأول لنجاح أي مشروع وطني، نحن أمام فرصة تاريخية لا تحتمل التردد، وعلينا اغتنامها بكل إرادة ووعي وولاء.











طباعة
  • المشاهدات: 5706
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-06-2025 01:52 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم