05-06-2025 08:07 AM
بقلم : بهاء الدين المعايطة
ما أصعب أن تعلن استسلامك في حياةٍ لطالما سعيت أن تكون فيها الأقوى، وما أقسى أن ترى الألم ينهش أفكارنا ويثقل عقولنا، يكدّس في زوايا أيامنا مزيدًا من الأوجاع.
اليوم، الجميع يرى المصاعب، والجميع يدرك أن الأيام القاسية لم تكن لتمرّ وحدها، بل مرّت من خلالنا، وأبقت آثارها فينا، كم تمنيتُ لو أعود إلى بعض من أيام مضت، رغم ما حملته من وجع، إلا أنها لم تكن بثقل ما نحمله اليوم في قلوبنا وعقولنا.
ربما كنا نظن أننا ننجو، وأن الصبر وحده كفيل بأن يرمم ما انكسر فينا، لكننا اليوم نكتشف أن بعض الكسور تُبقي أثرها، وأن بعض الأوجاع لا تشفى بالوقت، بل تستقر فينا، تنمو بصمت، وتتسلل إلى تفاصيلنا دون أن نشعر.
نبتسم أحيانًا، لا لأننا بخير، بل لأننا اعتدنا إخفاء الألم خلف قناع الصمود.
نضحك، وفي داخلنا تنهيدة طويلة تبحث عن مخرج.
كم من مرة حاولنا أن نقنع أنفسنا بأن الغد أجمل، وأن هذا الليل سيتلاشى، لكن الحقيقة أننا نُعيد ذات الدوائر، ونغرق في الصمت ذاته.
اليوم، شاخت أحلامنا، وتكدّست ذاكرتنا بالمواجع،
حملنا على عاتقنا عهداً أن نظل أقوياء، في وقتٍ أصبحت فيه القوة مسلوبة، والأمل هشًّا لا يقوى على الوقوف.
لم يبقَ لديّ اليوم حلمٌ أتباهى به أمام القادم، ولا أمنية أراهن بها على الغد، كل ما بداخلي مُتعب، ساكن، تائه.
لا أعلم إلى أين أمضي، ولا أي الطرق ما زالت تقودني نحو شيءٍ يشبه النجاة.
كنتُ في الأمس أفتخر بأنني سأسعى، وسأكون كما أطمح، أما الآن، فصارت أقصى أحلامي أن أبقى خاليًا من المتاعب، أن أعيش يومًا واحدًا بلا وجع، بلا خوف، بلا انتظار.
كم تمنيتُ لو أعود إلى ما كنتُ عليه، قبل أن أسعى لأن أكون ما أنا عليه اليوم، كم تمنيتُ لو لم أصل إلى هذه المتاهة التي لا مخرج منها، ولا دليل فيها، يا ليتني أستطيع أن أوقف الزمن، فقط للحظات، أعود فيها إلى الوراء، إلى زمنٍ كنتُ فيه أجهل هذا الثقل، وأبسط مما أنا عليه الآن، زمنٍ لم أكن فيه مضطرًا إلى رؤية الألم في عيون من أحب، دون أن أملك القدرة على فعل شيء، اليوم، أنا عاجز تمامًا، في أسوأ حالاتي، في أقصى درجات الانطفاء، أشعر وكأنني غريقٌ يتشبث بقشة في عمق البحر، لا للنجاة، بل لأجل أن يتنفس لحظة أخرى، قبل أن يبتلعه التيه تمامًا.
يا رب، رِفقًا بقلوبٍ أثقلها الوجع، وأعِنْ من حملوا الألم بصمت.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-06-2025 08:07 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |