حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,31 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4649

د. رعد مبيضين يكتب: العفو الشامل ، يغتال العدالة باسم التسامح .. !!

د. رعد مبيضين يكتب: العفو الشامل ، يغتال العدالة باسم التسامح .. !!

د. رعد مبيضين يكتب: العفو الشامل ، يغتال العدالة باسم التسامح  ..  !!

28-05-2025 11:08 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. رعد المبيضين
في لحظة سياسية دقيقة، تقدّمت كتلة "العمل الإسلامي" في مجلس النواب الأردني بمقترح مشروع قانون للعفو العام لسنة 2025، يتضمن "إعفاءً عامًا" يشمل جميع الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات ، وبينما يبدو العنوان مغريًا، ويكتسي بعباءة الرحمة والتخفيف، إلا أن الجوهر يحمل تهديدًا مباشرًا للعدالة وكرامة المجتمع وحقوق الضحايا ، وذلك يتضح من خلال مايلي :
أولًا: العدالة لا تُلغى بالعفو : العدالة ليست شعارات تُرفع عند الحاجة، بل منظومة متكاملة تقوم على المساءلة، والإنصاف، وردّ الحقوق ، والعفو العام الشامل، الذي لا يميز بين الجريمة والسلوك الإنساني المتعثر، يفتح الباب أمام الإفلات من العقاب، ويُضعف الثقة بمؤسسات الدولة، ويزرع في نفوس الناس رسالة خطيرة: أن الجريمة لا تكلّف شيئًا ، فضلاً عن الإفلات من العقاب يُعدّ انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان – المفوضية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)
“Justice requires accountability. Amnesty must never mean immunity from responsibility.” – United Nations Office on Genocide Prevention
ثانيًا: من يدافع عن الضحايا ؟!!
وفي سباق الترضيات السياسية، يغيب صوت الضحايا ، فمن يعيد كرامة من قُتل ظلماً؟! من يطبب جراح المغتصبة؟! من يعوّض أمًّا فجعت بابنها نتيجة فعل إجرامي؟!
العفو العام الشامل يُنكر وجود الضحايا، ويُعامل الألم الإنساني كمعلومة هامشية، لا تُؤخذ بعين الاعتبار عند سنّ القوانين ، بالتالي " لا يجوز البته استخدام العفو العام بشكل يعطّل حقوق الضحايا في معرفة الحقيقة، والعدالة، وجبر الضرر." – مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن الإفلات من العقاب (2005)
ثالثًا: الأمن المجتمعي في مهبّ الريح :
الردع العام هو أحد أركان السلم المجتمعي ، فإذا أصبح العفو الشامل تقليدًا متكررًا، سقط الخوف من العقوبة، وازدادت الجرائم، وارتُكب المزيد من الفساد والعنف والتهريب والمخدرات ، و الدولة التي لا يُهاب قانونها، لا يُحترم فيها حق، ولا يأمن فيها إنسان.
“The rule of law must prevail over the rule of mercy, when mercy is indiscriminate.” – International Commission of Jurists
رابعًا: العفو ليس أداة سياسية :
في المفهوم السياسي الشعبوي، قد يُستخدم العفو لكسب الشارع أو تصدير أزمة أو دغدغة العواطف ، لكن في الفقه القانوني والنهج الإنساني الحديث، العفو يجب أن يكون محدودًا، موجهًا، مبنيًا على دراسة دقيقة، ويُمنح في حالات إنسانية خاصة، كالإفراج عن مسنين، أو مرضى، أو من أمضوا مددًا طويلة وأظهروا ندمًا وسلوكًا إصلاحيًا ، لهذا : "يجب أن يكون العفو مشروطًا وبمعايير واضحة، لا أن يتحول إلى وسيلة لإعادة إنتاج الظلم." – تقرير لجنة حقوق الإنسان، الجمعية العامة للأمم المتحدة (A/RES/60/147)
خامسًا: خروج عن المفهوم المعاصر للعفو :
العفو العام، في معناه الإنساني المعاصر، يجب أن يكون أداة لتحقيق المصالحة الاجتماعية والعدالة الانتقالية، لا مجرد ورقة شعبوية للاستهلاك السياسي ، أما الصيغة المقترحة، فهي تفريغ كامل لفكرة العفو من بعدها القيمي والحقوقي، وتحويله إلى إجراء إداري لا أخلاقي، لا يحمل أي تمييز بين الجريمة والخطأ ، وفي تقديرنا ، وبالعودة للنصوص القانونية نجد أن: "العفو في سياق العدالة الانتقالية يجب أن يُمنح ضمن إطار يشمل الاعتراف بالذنب، وضمانات بعدم التكرار، ومشاركة مجتمعية فعالة." – لجنة الحقيقة والمصالحة، جنوب إفريقيا .
وخلاصة القول : لا عدالة بلا مساءلة : وكإنسانيين معنيين بالكرامة، والحق، والسلام المجتمعي، نرى أن العفو العام الشامل لا ضرورة له أبدا ، بل يمثل خطرًا فادحًا على الدولة والمجتمع والإنسان ، سيما وأن العدالة لا تُجزّأ، ولا تُختصر في توقيع سياسي، ولا تُلغى تحت شعار التسامح العام.
فالعفو الذي يُهين العدالة، ليس رحمة، بل ظلم مقنّع ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن على المستوى العالمي .











طباعة
  • المشاهدات: 4649
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
28-05-2025 11:08 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم