سرايا - وسط زحام الترندات اليومية التي تغزو منصات التواصل الاجتماعي، تبرز تحديات الطعام الغريبة كظاهرة متكررة، تحوّل الأكلات المنزلية إلى تجارب استعراضية لا تخلو من المخاطرة.

فمن "كشري الحلو" الذي يجمع بين طبقات متداخلة من الأصناف الحلوة في طبق واحد، إلى تحديات "الأكل السريع" التي تطالبك بابتلاع كميات ضخمة من الطعام خلال دقائق قليلة، باتت هذه الصيحات الرقمية تهدد الصحة العامة بشكل مباشر.

أطباق الحلويات الجديدة خطر جسيم
ووصفت أخصائية التغذية العلاجية والصحة العامة، شيماء حكيم في تصريحات خاصة لـ"24" هذه النوعية من الأطباق بأنها "إبداع في صناعة الأمراض"، خاصة بين الأطفال والمراهقين الذين يعاني كثيرون منهم من مقاومة الإنسولين ويواجهون خطر الإصابة المبكرة بمرض السكري.

Watch on TikTok
شيماء حكيم لفتت إلى أن هذه الحلويات تمثل "كارثة سعرات حرارية"، حيث إن الطبق الواحد منها يحتوي على ما بين 600 إلى 800 سعر حراري، تأتي معظمها من السكر والدهون المشبعة.

وأوضحت أن مكونات هذا النوع من الحلوى تعتمد على الدقيق الأبيض والسكر والسمن النباتي والقشطة والشربات، ما يجعلها وجبة خالية من الفيتامينات والمعادن والبروتين، لكنها غنية بمؤشر سكري مرتفع يرهق البنكرياس، ويؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في مستويات السكر بالدم، ما يعزز مقاومة الجسم للإنسولين مع مرور الوقت.


وتابعت أن الدهون المستخدمة عادةً تكون مهدرجة أو مشبعة، مثل السمن النباتي، وهو ما يسهم في رفع معدلات الكوليسترول الضار وتهديد صحة القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل.

وأعربت عن قلقها من أن هذه الوصفات تُرسّخ لدى الأطفال والمراهقين ارتباطاً غير صحي بالطعام، حيث يعتادون على نكهات قوية ومركزة تجعلهم ينفرون من الفواكه والخضروات الطبيعية، وهي ملاحظات قالت إنها تتكرر في شكاوى الأمهات داخل العيادات.


تحديات الأكل السريع ثقافة مدمرة
أما فيما يتعلق بتحديات الأكل السريع، والتي تعتمد على تناول كميات كبيرة من الطعام في وقت قصير أمام الكاميرات، فقد اعتبرتها شيماء حكيم نوعاً جديداً من "الخطر السلوكي والصحي".


وقالت إن تحويل الطعام إلى سباق زمني يؤدي إلى اضطرابات متعددة في الجهاز الهضمي، أبرزها منع إفراز إنزيمات الهضم الطبيعية، ما يسبب الانتفاخ والغازات وسوء الامتصاص وارتجاع المريء.

وأشارت أيضاً إلى أن المخ يحتاج من 15 إلى 20 دقيقة ليشعر بالشبع، وفي تحديات الأكل السريع يأكل الشخص كميات تفوق حاجته الفعلية قبل أن يدرك أنه اكتفى، مما يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن، إلى جانب اضطراب في تنظيم هرمونات الجوع والشبع مثل "اللبتين" و"الغريلين".

Watch on TikTok
واعتبرت أن ذلك يسبب ضغطاً مفاجئاً على القلب والجهاز الهضمي، كما يؤدي إلى ارتفاعات مفاجئة في مستوى السكر وضغط الدم، وهي أعراض تشكّل تهديداً مباشراً على حياة مرضى القولون والمعدة والقلب.

واختتمت أخصائية التغذية حديثها بالتحذير من أن هذه الترندات الرقمية لا تؤثر فقط على الجسم، بل تخلق علاقة مختلة نفسياً مع الطعام، يتحول فيها الأكل من وسيلة للتغذية إلى وسيلة للإثبات أو الإبهار أو حتى الهروب، ما يؤدي في النهاية إلى أنماط غذائية مرضية يصعب تصحيحها مع مرور الوقت.


ورغم ما تحققه هذه المقاطع من ملايين المشاهدات، فإنها تخفي خلفها كارثة غذائية، تبدأ بخلل في الهضم ولا تنتهي عند مقاومة الإنسولين والسمنة وأمراض القلب. التحذيرات الطبية لم تتأخر، وأخصائيو التغذية يرفعون الصوت عالياً: "هذه ليست وصفات للمتعة.. بل وصفات للموت السريع".