حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,16 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6795

انوار رعد مبيضين كتب: تصاعد الجريمة في ظل الضغوط الاقتصادية والإجتماعية ..

انوار رعد مبيضين كتب: تصاعد الجريمة في ظل الضغوط الاقتصادية والإجتماعية ..

انوار رعد مبيضين كتب: تصاعد الجريمة في ظل الضغوط الاقتصادية والإجتماعية ..

14-05-2025 10:50 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أنوار رعد مبيضين
يسعى الأردن للحفاظ على استقراره وسط إقليم مضطرب، في وقت يتزايد فيه القلق من منحنى خطير بات يتسلل بصمت إلى عمق المجتمع ، ألا وهو تصاعد الجريمة ، فالتقرير الجنائي لعام 2024 أطلق ناقوس الخطر، كاشفاً عن واقع جديد لا يمكن تجاهله ، حيث ارتفاع ملحوظ في معدلات الجرائم، وتنوع مقلق في أنماطها، وظهور ملامح انزلاق اجتماعي إذا لم يُعالج فوراً، فقد يتحول إلى تهديد استراتيجي للسلم المجتمعي والأمن الوطني ، ودعونا نلقي نظرة على الأرقام المقلقة ، ونبين الواقع كما هو :

حيث سجّل الأردن في عام 2024 نحو 23,982 جريمة، بزيادة بلغت 5.26% عن عام 2023، حيث كانت 22,784 جريمة ، وهذا يعني عملياً وقوع جريمة كل 21 دقيقة و59 ثانية ، ومن الناحية النوعية، تركزت الجرائم في محاور السرقة والاحتيال والإيذاء البليغ، بينما ارتفعت جرائم الأحداث بنسبة 14.22%، وهو ما يشير إلى اختراق مبكر للجريمة لأعمار الطفولة والمراهقة ، كذلك، تصاعدت جرائم المخدرات بنسبة 10.4%، مما يعكس أزمة عميقة في آليات الردع والمعالجة ، وهنا لا بد من البحث في الأسباب ، سيما وأنه لا يمكن اختزال الجريمة في سلوك منحرف فقط، بل هي انعكاس لتشوهات اجتماعية واقتصادية متراكمة ، مثل : ارتفاع معدلات البطالة، التضخم، وتكاليف المعيشة تشكل بيئة خصبة لانتشار السلوكيات الانحرافية ، ففي الربع الأول من عام 2025 فقط، ارتفعت تكاليف المعيشة بنسبة 3.2%، ما أثقل كاهل الأسر الأردنية، ورفع من معدلات الفقر والإحباط، خصوصاً بين الشباب ، من جهة أخرى، فتحت الحدود المضطربة مع بعض الدول المجاورة ثغرات لتسلل تهريب الأسلحة والمخدرات، مما فاقم الوضع ، فضلاً عن التوزيع الجغرافي للسكان ، ضمن مؤشرات تتطلب تفسيراً علمياً :

خاصة أنه وفي بعض المناطق، برزت معدلات مرتفعة نسبياً في أنواع محددة من الجرائم ، غير أن هذه الأرقام يجب أن تُفهم ضمن سياق الكثافة السكانية، الفقر، البطالة، وسهولة الوصول للخدمات ، بمعنى آخر، لا يمكن إطلاق الأحكام على منطقة بعينها دون قراءة تحليلية شاملة توازن بين العوامل الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية ، هذا غير جرائم الأحداث التي تنذر بالكارثة القادمة ؟!!

فارتفاع نسبة جرائم الأحداث بما يزيد عن 14% يعكس أزمة تربوية وقيمية مقلقة ، نتحدث عن أطفال ومراهقون أصبحوا جزءاً من حلقات الجريمة، إما كضحايا أو كمجرمين ، وهذا التنامي يستوجب مراجعة شاملة للمناهج، وبناء أنظمة حماية اجتماعية متكاملة، وتفعيل برامج الرعاية النفسية والوقائية في المدارس والمجتمعات المحلية ، إضافة إلى مصيبة المخدرات التي تعتبر عصب الجريمة الحديثة: حيث
أصبحت المخدرات بوابة رئيسية للجريمة المركبة، سواء عبر ترويجها أو ارتباطها بجرائم السطو والقتل والانتحار ، ومع تسجيل أكثر من 25 ألف جريمة مخدرات في عام واحد، باتت الحاجة ملحة إلى تطوير إستراتيجية وطنية متعددة الأبعاد، تشمل الحد من العرض، تقليل الطلب، وتكثيف الوعي الوقائي، إضافة إلى تحسين جودة الخدمات العلاجية والتأهيلية للمتعاطين ، وقد
اتخذت الدولة الأردنية مجموعة من الخطوات في مجال التشريع والتوسع بالرقابة الأمنية ،بالتزامن مع ذلك تم بالمقابل اعتماد بدائل عقابية لبعض الجرائم البسيطة لتخفيف العبء على السجون ، ومع ذلك، فإن مواجهة الجريمة تتطلب أكثر من ذلك: تحتاج إلى خطة وطنية شاملة تشارك فيها مؤسسات التعليم، الإعلام، الصحة، المجتمع المدني، والقطاع الخاص، وتعيد بناء العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن ، فالجريمة في جوهرها هي لغة استغاثة ، إنها تمثل خللاً في منظومة القيم، واختناقاً في فرص الحياة الكريمة، وتآكلاً في حلم المستقبل ، لأنه حين ينخرط الطفل أو الشاب في الجريمة، فهذا يعني أن المجتمع لم يوفر له البديل الآمن، أو فشل في حمايته ، بمعنى أن الجريمة ليست معزولة عنا، بل تنشأ من إهمالنا للتنشئة، وسكوتنا عن الفساد، وتراخينا في بناء منظومة عدالة فاعلة ، وللتوضيح نقول : الوضع الجرمي هو مرآة لحالة اجتماعية مأزومة ، ومع أن الأرقام مقلقة في الأردن، إلا أن الأمل ما زال قائماً ، سيما وأن الإصلاح يبدأ من الاعتراف بالمشكلة، ثم بوضع حلول جذرية تبدأ من الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة ، والنظر إلى المتقاعدين والمسنين فوق سن الستين بعين غير حولاء ، خاصة وأن الحدث حين يرى جده خلف القضبان على قضية إيجار منزل يكفر في كل شيء ، لا بل قد يتخذ من الجريمة مهنة في ظل حقده على المجتمع الذي لم يحترم شيبة جده المسن ، وكل ما سبق لا ينتهي بالثقافة التي تحمي الصغير وتوقر الكبير ، بل لا بد من البحث والتنقيب عن أسباب ومسببات غير مرئية تقتضي سرعة العلاج ، لأنه لا يمكن أبدا أن نحارب الجريمة بالقوة فقط، بل بتكافؤ الفرص، والعدالة، وإحياء الثقة داخل النسيج الوطني ، فالأمن الحقيقي لا يُبنى بالسلاح وحده، بل بالكرامة الإنسانية . ناشطة في حقوق الإنسان على المستوى العالمي .











طباعة
  • المشاهدات: 6795
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-05-2025 10:50 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم