حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,12 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5612

ليث القهيوي يكتب: الأردن في مرمى الأكاذيب: حين تتحول الفروسية إلى تهمة

ليث القهيوي يكتب: الأردن في مرمى الأكاذيب: حين تتحول الفروسية إلى تهمة

ليث القهيوي يكتب: الأردن في مرمى الأكاذيب: حين تتحول الفروسية إلى تهمة

12-05-2025 09:18 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. ليث عبدالله القهيوي
في زمن تتسابق فيه الدول لإعادة ترتيب أولوياتها وفق ميزان الربح والخسارة، اختار الأردن أن يسير عكس التيار، واضعًا الإنسان في مركز المعادلة، والكرامة مبدأً لا يقبل القسمة ولا التفاوض.


منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، لم يتردد الأردن لحظة واحدة في تسخير إمكانياته السياسية والعسكرية واللوجستية لإغاثة الشعب الفلسطيني، تنفيذًا لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ومتابعة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني.
هذا التحرك لم يكن طارئًا، بل امتداد لنهج راسخ. أصدر الملك أوامره المباشرة للجيش العربي والهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية لتسخير كل الإمكانات لإنقاذ أرواح الأبرياء. وتابع بنفسه تفاصيل كل قافلة، ووقف على سير العمل في غرفة العمليات، مؤكدًا أن "الواجب الأخلاقي لا يقبل المساومة".
أما سمو ولي العهد، فاختار أن يكون في الميدان، مشاركًا في طلعات الإسقاط الجوي، في رسالة تحمل معاني التضامن الإنساني والالتزام القيادي. وفي المحافل الدولية، مثل الأمير الأردن بشجاعة، مدافعًا عن الحق الفلسطيني، ومخاطبًا العالم بلغة الأخلاق: "الإنسانية لا تُقسّط على دفعات سياسية".
منذ اليوم الأول للعدوان، وقف الأردن، قيادة وشعبًا، موقفًا أخلاقيًا ثابتًا، نابعًا من هوية اردنية متجذّرة في الفروسية والمروءة. هوية تجلّت في كل شاحنة عبرت الكرامة، وفي كل طبيب ميداني، وفي كل مواطن تبرّع أو رفع علمًا أو صلّى من أجل فلسطين.
لكن المواقف النبيلة لا تعفي من حملات التشويه. فقد خرجت تقارير مشبوهة من زوايا مظلمة في الفضاء الإلكتروني، تتهم الأردن بالتربّح من مرور المساعدات، وتدّعي فرض "عمولات" على عمليات الإنزال الجوي. ورغم أن هذه المزاعم صدرت من مواقع مغمورة، فإنها وجدت من يضخّمها عبر حسابات وهمية وحملات إلكترونية ممنهجة، استهدفت تشويه الصورة الأخلاقية للأردن أمام الرأي العام.
جاء الرد الأردني سريعًا وموثّقًا. الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية أوضحت بالأرقام أن كلفة الإنزال الجوي الواحد تبدأ من 210 آلاف دولار، وتصل إلى 450 ألفًا في بعض الحالات، تتحمّلها بالكامل الدولة وشركاؤها، دون أن يُقتطع منها فلس واحد لأي جهة أردنية. وشهدت منظمات دولية وماليزية وبريطانية أن لا رسوم فُرضت على عبور المساعدات، وأنها ساهمت فقط في تجهيزها داخل غزة.
في الأردن، لا نبيع ضمائرنا، ولا نبتز المكلومين. هذه ليست أخلاق الكرك، ولا تقاليد السلط، ولا نخوة إربد، ولا أصالة الطفيلة، ولا عراقة عمّان. نحن أبناء جيش لم يساوم، وأحفاد عشائر فتحت بيوتها للاجئ والمحتاج.
من يقف خلف هذه الحملة يدرك أن الدور الأردني الصاعد في الإقليم — كمعبر إنساني، ووسيط نزيه، وصاحب موقف مستقل — يربك حساباته. فبينما تراجعت بعض المبادرات، تقدّم الأردن بموقف متكامل، يمزج بين الدبلوماسية والعمل الميداني، ويحوّل مطار ماركا إلى مركز دولي للغوث، وسلاح الجو إلى جسر إنساني لا ينقطع.
ورغم الوضع الاقتصادي الصعب، لم يتراجع الأردن عن واجبه. دفع من ميزانيته، من أسطوله الوطني، ومن جيوب سائقيه، دون أن ينتظر مقابلًا، لأن الموقف بالنسبة له ليس مكرمة، بل التزام أخلاقي لا يسقط بالتعب.
يدرك الأردنيون أن هذه ليست الحملة الأولى، ولن تكون الأخيرة. لكن الدولة التي اختارت أن تقف على خط النار دفاعًا عن كرامة الإنسان الفلسطيني، لن تُثنيها إشاعات أو حملات افتراء.
فالهوية الأردنية ليست مجرد وثيقة، بل موقف. هي السائق الذي يخترق الصحراء، والطبيب الذي يداوي الجراح، والجندي الذي يسهر في الميدان، والطفلة التي تتبرع بدينارها لغزة. لم نسعَ للشهرة، ولم نطلب جزاءً، نحن أبناء من قال: "القدس خط أحمر"، ومن رفض الضغوط حين خضعت لها دول كثيرة.
لقد ظنّوا أن الأردن بلد صغير، فهاجموه، ونسوا أن في هذا البلد شعبًا كبيرًا، وجيشًا عظيمًا، وقيادة نادرة، وهوية اردنية لا تهتز.
لقد خرج الأردن من هذه الزوبعة الإعلامية أكثر صلابة وثقة، لم يدافع بالكلام، بل وثّق بالأرقام، وأشرك الإعلام، وفتح أبوابه للحقائق. وفي عالم صاخب، أثبت أن القيم لا تزال قادرة على الانتصار، وأن الربح الحقيقي لا يُقاس بالمال، بل بشرف الموقف وكرامة الإنسان.











طباعة
  • المشاهدات: 5612
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-05-2025 09:18 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
مع اقتراب انتهاء الدورة العادية الأولى لمجلس النواب العشرين.. ما هو رأيكم في أداء المجلس حتى الآن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم