حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,29 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6257

المحامي أكرم الزعبي يكتب: مختار القرية

المحامي أكرم الزعبي يكتب: مختار القرية

المحامي أكرم الزعبي يكتب: مختار القرية

11-05-2025 11:27 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
الحكاية الجميلة التي سمعتها من والدي (الدكتور أحمد شريف الزعبي) الخبير والباحث في التراث الشعبي الأردني، والذي أغنى المكتبة الأردنية بعشرات الكتب التي حفظت التراث الأردني ابتداءً بحكايا الأجداد والجدّات وأغانيهم الشعبية التراثية، مرورًا بالألعاب الشعبية والطب الشعبي وقاموس اللهجة، وليس انتهاءً بـ (الموسوعة في التراث الشعبي)، القصّة التي سمعتها منه تلخص برمزيّتها مسألة الانتماء ببساطة شديدة، وتدعو إلى الإيجابية، والتعامل الصحيح مع الأحداث والأشياء والمصاعب التي تواجه الفرد والمجتمع في الحياة بمنطق الفعل، لا بمنطق الكلام المجرّد والشكوى المستمرة، الحكاية تقول :

يحكى أنّ مختار إحدى القرى أراد اختبار النّاس، فقام قبل الفجر بوضع صخرةٍ كبيرةٍ على الطريق الرئيسة فأغلقها تمامًا، ووضع لها حارسًا يراقبها من خلف شجرةٍ ليخبره بردود أفعال الناس، مرَّ أول رجل وكان تاجرًا كبيرًا من تجّار القرية ومعه بعض عمّاله، نظر إلى الصخرة باشمئزازٍ، ثمّ بدأ بانتقاد مَن وَضعها، ووصل الأمر به إلى انتقاد سياسة مختار القرية في طريقة إدارته لها، وهو يعلمُ تمامًا أنّ تجارته ما كان لها أن تنمو لولا أبناء القرية العمّال الذين يعملون لديه، دار التاجر حول الصخرة رافعًا صوته قائلًا : سوف أذهب لأشكو هذا الأمر إلى مختار القرية، لا بدّ من معاقبة من وضع الصخرة في طريق تجارتي.

مر شخص آخر يعمل في البناء، فقال كما قال التاجر، لكنّ صوته كان أقلَّ علوًا لأنه أقل شأنًا في القرية، ثم مر ثلاثة أصدقاء من الشباب الذين ما زالوا يبحثون عن عملٍ، وعن طريقهم في الحياة، وقفوا إلى جانب الصخرة، سخروا من حالِ قريتهم، ووصفوا من وضع الصخرة في الطريقِ بالجاهل الأحمق والرجعي الفوضوي, ثم انصرفوا إلى بيوتهم ناقمينَ على الحال والمآل.

بعد يومين مرّ موظفٌّ يعملُ في بريد القريةِ قادمًا من المدينة، تجاوز الصخرة وهو يُتمتم بصوتٍ مسموع أنّ التغيير مستحيل، وأنّ القرى ستحتاجُ إلى الكثير من الوقتِ لتلحق بركب المدينة والمدنية، ثمّ مرّ شابّان من أبناء القريةِ يدرسان الهندسة في الجامعة، جلسا على الصخرة قليلًا، فقال أحدهما للآخر لو كنتُ أملكُ الوقت والأدوات اللازمة لأزحتُ الصخرة من الطريق، فردّ عليه الآخر بأنّه لو كان يملك الوقت والأدوات اللازمة فلن يزيح الصخرة إلّا بأجرٍ مقبول.

كلُّ ذلك والحارسُ يسمعُ ويرى، حتّى مرّ أحد الفلّاحين الذي ما إن رآها حتى بادر إليها مشمرًا عن ساعديه محاولًا دفعها بأدواته البسيطة، وظلّ على ذلك الحال يعملُ بدأبٍ حتى تمكّن من إزاحتها عن الطريق.

بعد أن أزاح الفلّاحُ الصخرة من مكانها، وجد بضعة قطعٍ من الذهب، وورقةً مكتوبٌ فيها: من مختار القرية إلى من أزاح هذه الصخرة، المكافأة لك لأنّك بادرت لحل المشكلة بدلاً من الشكوى منها.

المحامي أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق








طباعة
  • المشاهدات: 6257
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
11-05-2025 11:27 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم