10-05-2025 04:07 PM
بقلم : الدكتور هيثم الربابعة
واجه الأردن عبر تاريخه الذي تجاوز المئة عام ظروفًا كثيرة معقدة، لكنه تجاوزها بفضل الله ثم سيادة القانون، ووقوف مكونات المجتمع من عشائره كافة في وجه الفوضى وقوى الشَّد العكسي التي أرادت هدم كل ما تم بناؤه عبر هذه السَّنوات الطويلة.
إنَّ العشائر الأردنية هي خزان لبناء الوطن ولا تستخدم سيفها للإستقواء عليه، وهي مكون أساسي ولها إطار كبير في المجتمع، بل هي الإطار بحد ذاته.
وأنَّ تناول أيّة قضية تهم الرأي العام والوطن يجب أن يتسم بالحكمة والتروي وإختيار الأسلوب المناسب والذي ينسجم مع قيم المجتمع وثقافته بعيدا عن الإساءة لكرامات الأشخاص الذين هم أبناء دولة وعشائر نبيلة وأصيلة في المجتمع.
إن قوة الدولة الأردنية هي من قوة العشائر يجب أن تكون الدولة مبنية على أساس العدالة وسيادة القانون . لأن الأردن اليوم بحاجة إلى حوار وطني وجلسات مكثفة تستمع فيه السلطة بكل مؤسساتها للناس وتخفف من حالة الإحتقان السائدة بسبب الظروف الإقتصادية والسياسية والأحوال في غزة والضفة وسوريا ولبنان وتفويت الفرصة على الأعداء والمخربين.
إنَّ زيارات جلالة الملك عبد الله الثَّاني للمحافظات والعشائر الأردنية، سبق كل التيارات السياسية ونادى بالإصلاح على المستويات كافة، ويجب أن تلتقط أجهزة الدولة المعنية ومسؤوليها هذه الرسائل وأن تبدأ بالإصلاح أسوة بجلالة الملك وخطواته البناءة ونظرته القوية الثاقبة بزيارة المحافظات الأردنية إحتراما وتقديرا لعشائرها الذين ناصروا الثورة العربية الكبرى، حيث وقفت هذه العشائر إلى جانب الملك المؤسس عبدالله الأول، وليس المتجنسون الذين باعوا أوطانهم وترابهم ولجؤوا للأردن ، فالأردنيون الذين يمتازون بالوعي والثقافة بنوا الأردن خلال مئة عام و دخلوا مئة عام ثانية وكلهم أمل بأن تكون دولتهم أقوى وقائمة على العدالة وتكافؤ الفرص.
ويجدر الإنتباه إلى انَّ العشائر الأردنية خزَّان إجتماعي مهم جدا للوطن، ويجب أن تبقى هذه العشائر في إطارها الإجتماعي وان تكون حاضنة لكل التيارات السياسية التي تسهم وأسهمت في بناء الوطن .
إنَّ أبناء العشائر هم أبناء الوطن وحريصون على تماسكه وإستقراره ولا يبحثون عن جر البلاد وأهلها إلى الفوضى وان القوة الإجتماعية هي التي تسهم في حل كثير من القضايا والمشكلات التي تعترض طريق الوطن بين حين وآخر.
عندما نتحدث عن الوطن، فأننا نتحدث عن وصفي التل، نتحدث عن أكبر رجالات الدولة الأردنية، الوطن، الدار، والنشئة، الذي رسم طريق الرجولة والوطنية والعمل الصادق بكل صدق وإنتماء ، ودون أن يكون قد وُلد وفي فمه ملعقة من ذهب، بل .. ودون أن يسجّل في تاريخه الوطني اي ممارسات ضد الوطن او إعتبار للوظيفة العامة بأنه مكان للتكسب واالثراء الغير مبرر او الإستغلال.
حينما يتعلّق الأمر بالوطن....لا فرق بين الخيانة والخطأ لأن النتيجة هي ذاتها .((وصفي التل)).
إن سلاحنا الحقيقي هو العقل والخلق والعلم و الإيمان بمعناه الواسع .. الإيمان بالله والإيمان بواجب المواطن نحو أمته والإيمان بواجبه .... وأن هدف المجتمع بأكمله سواء بجانبه الرسمي أو جانبه غير الرسمي هو الوصول إلى الغنى الروحي والغنى المادي وحتى نصل إلى ذلك لا بد من التضحية بمالنا و التضحية بدمائنا، و التضحية بعواطفنا و التضحية في كل أنواع الراحة التي توهمنا أنها طريق سهل إلى أي هدف حتى لو كان الهدف قريباً اذ لا بد من الهدف. ((وصفي التل)).
لا أحد في الأردن يرغب في اللجوء للفوضى والسير إليها وهناك من ينتظر أن يصبح الأردن بؤرة توترات وأن لا تستقيم الحياة به، لذا يجب على الجميع الإتحاد لتفويت هذه الفرصة على من يبحثون عن خرق في السفينة الأردنية لإغراقها.
لذلك إنَّ تحقيق سيادة القانون هو واجب تشاركيّ يقع على عاتق الدولة والتنظيمات الإجتماعيّة والأفراد من منطلق مفهوم المواطنة الفاعلة، وأسست الرؤى الملكية في الأوراق النقاشيّة منهجاً إستراتيجياً نهضويّاً لمسار الدولة الأردنيّة، والتي بدورها تعكس مدلولات شرعية النّظام الدينية والمواثيقيّة.
إنَّ العشائر الأردنيّة أدَّت دوراً بارزاً في تأسيس الدولة الأردنيّة، وتعزيز وإستقرار المؤسسات الدستوريّة، وهي ركيزة أساسية لإستقرار الدولة بإعتبارها تنظيمات إجتماعيّة فاعلة تؤدي حتى يومنا هذا أدواراً إجتماعيّةً وسياسيّةً وتنمويّةً.
إنّ القضاء العشائريّ والأعراف العشائريّة ساهمت إلى حدٍ كبيرٍ في تطويق الخلافات المجتمعيّة، وإبرام الصلح وإسقاط الحقوق الشخصيّة في بعض الخلافات.
إنَّ تناول أيَّة قضية تهم الرأي العام والوطن يجب أن يتسم بالحكمة والتروي وإختيار الأسلوب المناسب والذي ينسجم مع قيم المجتمع وثقافته بعيدا عن الإساءة لكرامات الأشخاص وهم أيضا أبناء دولة وعشائر نبيلة وأصيلة في المجتمع.
إنَّ تناول هذه القضايا بحكمة وترو يضمن للجميع تسليط الضوء عليها والإهتمام بها وإحترام أحكام الدستور في مناقشة القضايا الوطنية.
ونلفت الإنتباه أنَّ المجتمع الأردني تطور كثيرًا وتقدَّمت به مؤسسات الدّولة وتشريعاتها والانظمة التي تحكم عملها، وبالتالي فإنَّ أي سلوك غير محسوب ولا يسير ضمن الضوابط القانونية ينعكس سلبا على المجتمع وسلوكه.
إنَّ العشيرة وقوانينها وضوابطها هي مكون أساسي في المجتمع تُسهم بسيادة القيم ومنع الفوضى والظلم من الإنتشار في الحياة المدنية وهي كمكون إجتماعي تخضع للقانون الذي يحكم عمل الدولة و تسانده وتحميه.
أنَّ المجتمع الأردني يملك اليوم جامعات ومستشفيات وأجهزة عسكرية ومدنية، وتسود الفوضى من حوله في عدة دول وهذا يجب أن ينتبه له أي فرد في هذا المجتمع وإن أراد المعارضة لقضية ما أو إثارة سخط على قضية ما يجب أن لا تخرج عن سياقات القانون وبما يحفظ كرامات الناس وعدم التَّعدي عليها.
إن الذين يعتقدون أن هذا البلد قد إنتهى واهمون، والذين يعتقدون أن هذا البلد بلا عزوة واهمون كذلك، والذين يتصرفون بما يخص هذا البلد كأنه (جورعة) مال داشر واهمون كذلك، والذين يتصرفون كالفئران الخائفة على سفينة في بحر هائج سيغرقون هم كما تغرق الفئران وستبقى السفينة تمخر العباب إلى شاطئ السلامة. " وصفي التل".
الدكتور هيثم عبدالكريم أحمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-05-2025 04:07 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |