08-05-2025 10:48 AM
بقلم : علي محمد الدراوشة
مع الانتشار الهائل للقنوات الرقمية والحرية التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي في النشر، أصبحت التفاهة تتسلل إلى مستعملي الانترنت من كل صوب وحدب ليس ذلك فحسب بل أصبحت جميع الطرق تؤدي إليها، الامر الذي أدى إلى تراجع خطير على مستوى القيم الدينية والاجتماعية والتربوية، فبدلاً من أن يقود التقدم التكنولوجي المجتمعات إلى التحضر والرقي والنهوض بها ؛ بات يشكل تحديا واضحاً وخطيراً لمنظومتنا الأخلاقية ، بحيث ساعد انتشار التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي على خلق نوع من الانحراف الأخلاقي لدى الأجيال الصاعدة، وجعلنا نعيش تحولًا سلبياً على مستوى منظومة القيم الأخلاقية.
علاوة على ذلك نجد أن هذه الظاهرة ومع الأسف أصبحت تشكل أكبر التهديدات التي تعصف بالوعي الاجتماعي والتربوي للإنسان.
التفاهة ليس مصطلح عابر فحسب، بل هي استهلاك لكل ما هو سلبي والانغماس في المحتويات السطحية والسريعة الانتشار، وأصبحت اليوم صناعة قائمة بذاتها تسهم في إضعاف القيم الفكرية والتربوية، وتؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة الفكرية والاجتماعية بشكل عام.
إنتشار التفاهة لا يقتصر فقط على إحداث تأثير سطحي في عقول المتابعين أو الترفيه على الحياة اليومية التي أصبحت تحمل معها تعقيدات بالجملة، بل يمتد ليشكل تهديدًا حقيقيًا لتكوين الوعي الشعبي ويتمثل ذلك من خلال تقديم قدوات سلبية تتمثل في الشخصيات المؤثرة الذين يكتسبون شهرتهم من المحتويات السطحية والمحتويات المنحطة اخلاقيا، فقد أصبح الجمهور أكثر انجذابًا لما هو تافه وأقل اهتمامًا بما هو جاد ومفيد.
أحد أخطر مظاهر التفاهة التي بات من الضروري الحذر منها بشكل كبير هو تأثيرها المباشر على الأنظمة التربوية والاجتماعية ، من خلال تقديم محتويات سريعة وسطحية تافهة للأطفال والجمهور الناشئ، فقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تساهم في تقويض الجهود التربوية الهادفة إلى تعزيز التفكير النقدي والعقلاني وتحويلها إلى متفرج ومستهلك دون إدراك أو وعي
فما نعيشه ونشهده اليوم من محتويات هابطة يقدمها بعض الاشخاص على انها محتوى فمنهم من يشارك الجميع بحياته الشخصية والاسرية بأدق تفاصيلها والذي من المفترض ان تكون لها قدسية لدى أصحابها إلا أنها أصبحت مع الأسف مصدر دخل عالي لمثل هؤلاء ضاربين عرض الحائط بالنسبة للقيم والاخلاق في مقابل الشهرة والمال
وها هم الأبناء والبنات يستخدمون اباءهم وامهاتهم وسيلة للتكسب والشهرة متناسين أي قيمة للأبوة والأمومة وأصبح هؤلاء يحملون القابا ويمثلون قدوة لغيرهم وهنا تكمن الكارثة
كيف أصبحنا هكذا ولماذا؟؟
أين هم العلماء والمفكرون؟؟
أين السياسات والقوانين التي تجرم مثل هذه التفاهات؟.
لماذا لم يتمكنوا من التصدي لهذا المد الفيروسي من التفاهة؟ الإجابة تكمن في طبيعة النظام الرقمي الحالي الذي يُكافئ الشهرة السريعة والمحتوى السطحي بدلًا من القيمة العلمية والفكرية. صحيح أن الاقتصاد يتحكم بشكل كبير في هذه العملية، لكن يجب أن يعي مستثمروا المجال الرقمي أن الربح السريع يمكنه أن يؤدي إلى كوارث بشرية كبيرة من شأنه أن ينعكس سلباً على العالم بظهور قيم جديدة غير سوية وغير طبيعية مختلفة تماما عن القيم التي نشأنا وترعرنا بين أكنافها.
أصبحت التفاهة الان فيروس اجتماعي سريع التمدد والانتشار لذلك باتت مواجهته ضرورة ملحة.
وفي الختام يجب علينا جميعا التفكير ملياً والعمل كأفراد و مؤسسات و حكومات للتصدي لمثل هذه الظاهرة التي اصبحت تشكل خطرا كبيرا يقوض كل ماهو جميل في حياتنا.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-05-2025 10:48 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |