حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,27 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 14002

ترويقة آخر رَواق !

ترويقة آخر رَواق !

ترويقة آخر رَواق !

17-03-2015 09:56 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ناديا هاشم العالول

خطر على بالي تعبير «آخر رواق» أثناء تناولي الفطور الصباحي- الترويقة- في ذلك الفندق الصغير المطل مباشرَة على خليج «جونية»..بالقرب من بيروت..
نعم ما أحوجنا بين الحين والآخر الى ساعة «رَواق»، تحلّق خلالها النفس على سحابة من صفاء وهناء في محاولة جادة لتشفي كل نفس مكلومة، تكون لها بمثابة البلسم الشافي لكل روح متعَبَة، تنقذها قبل تكالب المزيد من الأثقال عليها، لتبدأ من جديد «رائقة» هادية صافية..
في ذلك الصباح قبل التوجه لنشاطات يوم المرأة العالمي بلبنان، راقت لي تلك الجلسة، حيث تفتحت النفًس في ساعة «رَواق « على جمال طبيعة أخاذ، لا نلمحه عادة في ذهابنا وإيابنا المحموم فبين مطر ينساب على صفحة مياه البحر، الى بروز شمس خجولة متشحة بالغيوم الهائمة فوق جبل مغطى بالأحراش.. فتوحّدت النفس مع طبيعة خلّابة.. متمتمة مسبّحة بعظمة الخالق: سبحان الربّ الخلّاق..
نعم ما أحوجنا لساعة «رَواق».. ولطالما بحثَتْ النفْس عن مكان تأوي إليه، لتهدأ بين ردهاته الروح وتنعم بالسكينة، فإن تحققت الطمأنينة للإنسان فإننا نضمن نعمة العيش والاستقرار..
ولكن أنّى لإنساننا العربي من وطن يوفر له مثل هذا المكان في زمن تعصف فيه رياح السموم وتنتشر بأروقة بيته معاول الهدم ؟
وتئن الروح وتحتار في بحثها المتكرر عن ساعة صفاء ولحظة هدوء ورَواق..لتنحشردوما في رُواق - رِواق-ضيق، يكتم النفَس بعد ان ضاقت الأروِقَة بفسحاتها المختزَلة.. فكم اختصرتها يد الطمع وابتلعها بلعوم الجشع.. لافظا بقايا مشرذَمة من مساحات لعِبَ بها قلم الاختصار..!
وتهيم الروح اكثرمتعثرة في بحثهاعن انسانية الإنسان في وطن عربي مشتعل، لعلها تعثر على واحة خضراء ترتاح لها فتروق وتصفى..
هنالك فرق بين مكان ومكان.. وبين زمن وآخر.. ولكن ما يجمع الازمنة والأمكنة ويطيّبها هي توليفة خير من صنع إنسانية الإنسان.. ولكن اين لنا من إنسانيةً في زمن هجرَنا فيه الخير بعد ان هجرْناه.. فتغوّل الإنسان واستشرس ؟
كيف نروّق ّ النفس في زمن «ترُاق» فيه الدماء كشلال لا ينقطع !
هل هنالك «رَواق» فعلي مكتَسَب من إراقة الدماء بأروقة الأوطان للارتقاء لحالة «آخر رواق»؟
فيا عجبي لنفوس تسعد بإزهاق أرواح غيرها بمرجَل يغلي، مؤججة تحته نيران الكراهية، وهي بحالة هذيان ساديّة يعتريها مزاج من «آخر رَوقان».. وكيف لا وهي التي لا «يروق «لها بال ولا تهدأ إلا بانتزاع بهاء الأوطان ورونقها؟
وهكذا.. ونتيجة لها المستحيل المُعاش، نرفق بأرواحنا..بالابتعاد بين الحين والاخر عن الواقع الأليم ذهنيا والتعامي عنه مؤقتا، وبالأخص عن عالمنا العربي، وإن ارتبط العالم كله مع بعضه البعض برباط وثيق لا ينفك عنوانه الظاهري مكافحة الإرهاب، بينما تندرج تفاصيله الداخلية تحت عناوين مختلفة من المصالح الخارجية المشترَكة للدول العظمى، والتي تحمل بين ثناياها، نوايا مبيّتة لتوزيع ثروات العالم العربي في مربعات مستجَدة جديدة يسهل خلطها ومن ثم ترتيبها وخلطها ثانيا وثالثا.. ألخ.. وفق ما تقتضيه ظروف الطمع والجشع..
و ها قد تجزّأت رقعة العالم العربي إلى مربعات أصغر وأصغر الى حد التلاشي ونحن عن ذلك «لاهون».. وبأنفسنا (مبلوشون) فأول ما بدأت تباشير «البَلْبَشة العظمى» بـ «بلبشة صغرى» لا كانت لا تُبصَر بالعين المجرّدة من البصيرة عندما بدأ البعض يحمل قارعا طبلة البعض الآخر.. ولا شيء آخر، سوى إبصار مساوئ الآخر من خلال مراقبته الحثيثة راصدا عثرات غيره دون ان يتفرّغ لإبصار عثرات نفسه المنزَّهة - وفق وجهة نظره-عن الأخطاء !
وهكذا فإن الإصلاح الذي يبدأ بإصلاح النفْس أولا تراه لا يبدأ عل الإطلاق.. حتى تعقدّت المسائل والمشاكل فوصلنا بجدارة لمرحلة الكُل يصارع الكل بل ينحرالكُل.. !
صحيح أننا لا ننفي وجود فئات مستنيرة عقلانية لا تندرج تحت مفهوم «اللّاهين».. لإدراكها لكل صغيرة وكبيرة، فما زالت تحاول تقديم النصح، مواجِهه بصبر وأناة تيار التفتّت والتشَرْذُم المترصِّد بجذور الثبات والحق، معلنة بأنه لن يصح إلا الصحيح بنهاية المطاف، مطبّقة مفهوم -إعقِل وتوكل- في سلوك وعمل يتم تعميمه..
وقد آن لها بأن تأخذ بزمام الأمور عبر دور إصلاحي لاجتثاث جذور العنف.. في خطوة جديّة أوليّة وهي الاستغناء عن الجنون المدمِّر في سلوكيات البعض وأعماله اليومية الحياتية والعملية الفردية والجمعية..والناجم عن عشوائية قلب المعايير والسير بالمقلوب !
كفانا تسيّبا.. لقد دخنا بغياب الثوابت حتى ضاعت البوصلة.. وضعنا معها.. وحتما لقد آن لنا الأوان لكي نجد ساعة «رَواق» تَروق بها النفوس وتهدأ.. كي يتسنّى لها التوصّل لحلول تنقذ بها البقية الباقية من الأوطان..
فهل هذا بالأمر المستحيل ؟
hashem.nadia@gmail








طباعة
  • المشاهدات: 14002
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم