حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,19 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 31977

زياد فرحان المجالي يكتب: سوريا وإسرائيل: من صناعة الفوضى إلى التحكم في الدولة الناشئة

زياد فرحان المجالي يكتب: سوريا وإسرائيل: من صناعة الفوضى إلى التحكم في الدولة الناشئة

زياد فرحان المجالي يكتب: سوريا وإسرائيل: من صناعة الفوضى إلى التحكم في الدولة الناشئة

17-07-2025 11:18 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زياد فرحان المجالي

منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، وقبل أن تتحول إلى حربٍ متعددة الجبهات، كانت إسرائيل ترقب المشهد السوري بعيونٍ باردة ومصالح دقيقة. فالدولة العدوة التي لطالما مثلت عقدة أمنية لإسرائيل، تحولت تدريجياً إلى ساحة تفكك وفوضى، ثم إلى فرصة استراتيجية نادرة.


في السنوات الأولى، التزمت تل أبيب الصمت والحياد الظاهري، لكنها سرعان ما بدأت تدخل على الخط عبر الضربات الجوية المتكررة، أولاً ضد شحنات أسلحة يُقال إنها لحزب الله، ثم ضد مواقع إيرانية، ثم أخيرًا ضمن سياسة "إدارة الحرب دون التورط الكامل فيها".


لكنّ السؤال الذي يطلّ اليوم بعد أكثر من عقدٍ من الدماء: هل تسعى إسرائيل الآن للعب دور المتحكّم في صناعة "الدولة السورية الناشئة" ما بعد الحرب؟


من الفوضى إلى الوكلاء
لا يخفى أن إسرائيل كانت – عبر أدوات مباشرة وغير مباشرة – أحد المستفيدين من تفكك المركزية السورية. فهي لم تمانع في ضعف الجيش السوري، ولا في التآكل التدريجي لمؤسسات الدولة، ولا في بروز كيانات محلية (شبه عسكرية أو سياسية) تُدار بتمويل خارجي، وأحيانًا برعاية أمنية إسرائيلية صامتة في الجنوب السوري، وخاصة في محافظة القنيطرة ودرعا.


صناعة هذه "الجيوب الوكيلة" كانت أشبه بتأسيس طوق أمني غير معلن، يُضاف إلى جدار الجولان المحتل. لكنّ الرهان الإسرائيلي لا يكتفي بذلك، بل يتجاوز مرحلة الفوضى نحو محاولة هندسة شكل الدولة القادمة، أو على الأقل ضمان ولادة مشوهة للدولة السورية الجديدة، تجعلها رهينة للواقع الجغرافي–السياسي الذي فرضته الحرب.


سوريا "اللا مكتملة"
إنّ ما يجري في سوريا اليوم، من محاولات تعويم النظام، وتكريس أمر واقع في الشمال الشرقي بيد قوات "قسد" المدعومة أميركيًا، وفي الشمال الغربي تحت الهيمنة التركية، هو في جوهره تقطيع مدروس للجغرافيا السورية.


وإسرائيل، التي تحسن اللعب في الفراغات، لا تمانع في بقاء هذا التفتت، بل تفضّله على عودة سوريا موحدة بقرار سيادي قوي.


لكن الجديد هو أن تل أبيب باتت تطرح نفسها – ضمن دوائر صنع القرار الدولية – كفاعل يمكن الوثوق به في إدارة بعض الملفات الحدودية، سواء في ملف عودة اللاجئين، أو ضبط التهريب، أو حتى مراقبة التسلّح في الجنوب.


هل بات الجنوب السوري "مراقَبًا إسرائيليًا"؟
في درعا والسويداء والقنيطرة، تصاعدت في السنوات الأخيرة مؤشرات على وجود قنوات تنسيق غير رسمية بين بعض القوى المحلية والجهات الإسرائيلية.


صحيح أن النظام السوري استعاد شكليًا السيطرة على الجنوب، بدعم روسي عام 2018، لكنّ الواقع على الأرض يكشف عن فراغات أمنية تملؤها جهات محلية، بعضها يرتبط بترتيبات "خفض التصعيد" التي ضمنت لإسرائيل حدودًا أكثر هدوءًا مما عرفته لعقود.


بل إن بعض التحليلات تشير إلى أن إسرائيل – عبر حلفاء أميركيين في سوريا – تتابع عن كثب خرائط النفوذ، وتضغط باتجاه منع أي نفوذ إيراني مباشر في هذه المناطق، وإن لزم الأمر عبر دعم مجموعات محلّية أو تمرير مساعدات "إنسانية" بمضامين أمنية.


الدور الاقتصادي والسيبراني المقبل
ليس خفيًا أن إسرائيل تُعدّ من أوائل الدول التي دخلت على خط "إعادة الإعمار غير المعلن" في سوريا عبر بوابات شركات وسيطة، وشبكات تحويل أموال غير رسمية، وربما في المستقبل عبر أدوات رقمية وسوق إلكترونية ستكون البديل عن الانهيار البنكي والاقتصادي في الداخل.


بمعنى أوضح: بينما تتصارع روسيا وإيران وتركيا على الأرض والمعابر والحقول، تحاول إسرائيل بناء نفوذ غير مرئي: عبر المال، الرقابة، والبيانات، خاصة مع شلل الدولة المركزي، وضعف الرقابة السيادية.


الخاتمة: "اللا دولة" هي الدولة المطلوبة
تسعى إسرائيل إلى دولة سورية لا تمثل تهديدًا، ولا تملك جيشًا حقيقيًا، ولا مركزية حازمة. دولة هجينة، مشوشة، مفككة، يمكن مراقبة حدودها وتحييد قراراتها، وربما استغلال نُخبها الاقتصادية الجديدة.


ليست القضية في أن إسرائيل تريد "سوريا قوية أو ضعيفة"، بل في أنها تعمل بهدوء على أن تكون الدولة السورية القادمة دولة بلا ملامح واضحة…
وإذا كانت الدولة القديمة قد هُزمت عسكريًا، فإن الدولة القادمة – حسب هذا المنظور – يجب أن تُولد من رحم الخضوع، لا من رحم الاستقلال.








طباعة
  • المشاهدات: 31977
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
17-07-2025 11:18 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم