بقلم : العقيد المتقاعد فهد موفق النعيمي
يعيش العالم اليوم ثورة رقمية غير مسبوقة تمسّ جميع مناحي الحياة، من التعليم والصحة إلى الاقتصاد والإدارة والخدمات العامة. فقد أصبح التحول الرقمي ضرورة ملحة وليس خيارًا، خاصة في ظل التطورات التقنية المتسارعة والعولمة، حيث باتت الدول التي تتبنى التحول الرقمي أكثر قدرة على المنافسة، وأكثر مرونة في مواجهة التحديات، وأفضل استعدادًا للمستقبل.

التحول الرقمي: محور التنمية الشاملة

يُعد التحول الرقمي أداة رئيسية لتعزيز الكفاءة والشفافية وتيسير الخدمات، فضلًا عن تحفيز الابتكار وريادة الأعمال. فالتكنولوجيا الرقمية تلعب دورًا محوريًا في خلق فرص عمل جديدة، وتمكين الأفراد من الوصول إلى الخدمات الحكومية والمالية والتعليمية، حتى في المناطق النائية. كما يساهم التحول الرقمي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تسريع وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

الأردن: نموذج إقليمي للتحول الرقمي

برز الأردن في السنوات الأخيرة كنموذج متميز في تبني مفاهيم التحول الرقمي والاقتصاد المعرفي، حيث أدركت المملكة مبكرًا أهمية الرقمنة كوسيلة للنهوض بالخدمات الحكومية وتحسين بيئة الأعمال. وقد ساعدت البنية التحتية الرقمية المتطورة نسبيًا، إضافة إلى رأس المال البشري المؤهل، في تهيئة بيئة محفزة لهذا التحول.

وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة: جهود ملموسة واستراتيجية شاملة

تقود وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة في الأردن جهود التحول الرقمي من خلال تبني سياسات واستراتيجيات وطنية تهدف إلى رقمنة الخدمات الحكومية، وتعزيز البنية التحتية الرقمية، وتمكين الشباب والرياديين في مجالات التكنولوجيا. ومن أبرز المبادرات:
• خدمات الحكومة الإلكترونية التي تتيح للمواطنين والمقيمين إنجاز معاملاتهم إلكترونيًا بكل يسر وسهولة.
• مبادرات تدريب الشباب على المهارات الرقمية والبرمجة، مثل برنامج “شبابنا الرقمية”.
• تعزيز الاقتصاد الرقمي من خلال دعم الشركات الناشئة والابتكار، وتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية محفزة.
• إنشاء مراكز الخدمات الحكومية الشاملة ، وهي خطوة رائدة تهدف إلى تسهيل حياة المواطنين من خلال تمكينهم من الحصول على أكثر من خدمة حكومية في مكان واحد وتحت سقف واحد، وبجودة عالية وسرعة قياسية. هذه المراكز تتيح إنجاز معاملات من مؤسسات حكومية مختلفة في وقت قصير، مما يوفر الوقت والجهد والمال، ويعزز من رضا المواطنين وثقتهم بالخدمات الحكومية.

الاهتمام الملكي: رافعة استراتيجية للتحول الرقمي

يحظى التحول الرقمي في الأردن بدعم ورعاية ملكية واضحة، حيث يؤكد جلالة الملك عبد الله الثاني، في مناسبات متعددة، أهمية توظيف التكنولوجيا لتعزيز كفاءة القطاع العام وتطوير الاقتصاد وتمكين الشباب. وقد جاء إطلاق “رؤية التحديث الاقتصادي” و”رؤية التحديث الإداري” ليؤكد التزام الدولة الأردنية بتسريع وتيرة الرقمنة كأحد محاور التحديث الشامل.

وأخيرا وليس اخراً

إن التحول الرقمي لم يعد ترفًا أو خيارًا، بل هو ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والاجتماعي، ووسيلة لتحقيق الشمولية والعدالة في تقديم الخدمات. ويُعد الأردن مثالًا حيًا على الإرادة السياسية والجهد المؤسسي المتكامل الذي يمكن أن يحقق نتائج ملموسة في هذا المجال، مما يجعله نموذجًا يحتذى به في المنطقة العربية .

العقيد المتقاعد / فهد موفق النعيمي